تحول الطاقة في ألمانيا أمام مفترق طرق.. و3 محاور لتسريع المسار
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

يقف تحول الطاقة في ألمانيا أمام مفترق طرق حاسم؛ حيث تلوح في الأفق مرحلة جديدة تحلّ محلّ حقبة طويلة من الاعتماد على الطاقة النووية والفحم والغاز الروسي.
فرغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي اجتاحت العالم؛ فقد تمكّنت ألمانيا من تسريع انتقالها إلى الطاقة النظيفة، مستفيدةً من التقنيات المتقدمة، مثل المضخات الحرارية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لكنها بحاجة إلى تطوير بنيتها التحتية وتنظيم سياسات طويلة الأمد تدعم الاستدامة وخفض التكاليف.
وفي هذا السياق، سلّط تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، الضوء على توصيات مهمة حول كيفية تعزيز كفاءة نظام الكهرباء، وتعزيز دور الهيدروجين في الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تحسين تقنيات التدفئة في المباني.
كما أكد التقرير ضرورة وجود استقرار سياسي طويل الأمد، وتخطيط متكامل، وتبسيط إجراءات الترخيص لنجاح تحول الطاقة في ألمانيا؛ الأمر الذي يضمن لها وضع الأساس لنظام مستدام ومرن يعزز أمن الطاقة في المستقبل.
عقبات تواجه تحول الطاقة في ألمانيا
تُشكِّل قطاعات النقل والصناعة والمباني العقبة الأكبر بمسار تحول الطاقة في ألمانيا، مع ضرورة تبني حلول مبتكرة لتحقيق أهداف البلاد بخفض الانبعاثات (مقارنة بمستويات عام 1990) بنسبة 65% بحلول عام 2030 والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2045.
وأظهر التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، اليوم الإثنين 7 أبريل/نيسان 2025، أنه رغم التقدم المحرز؛ فما تزال التحديات قائمة؛ أبرزها تأثيرات أزمة الطاقة الناتجة عن تقليص إمدادات الغاز الروسي، كما تواجه البلاد اختلالات إقليمية في توزيع الكهرباء، فضلًا عن أن أسعار الكهرباء في ألمانيا ضمن الأعلى في أوروبا.
ويتطلب تحول الطاقة في ألمانيا سياسات مبتكرة تراعي التنافسية مع توضيح تكاليف التحول لضمان قبول الجمهور واستمرار دعمه.
كما أشار التقرير إلى ضرورة التركيز على تحسين كفاءة نظام الكهرباء ومرونته لتحقيق هدف البلاد المتمثل في توليد 80% من الكهرباء المتجددة بحلول 2030، وسيتطلب ذلك تسريع نشر العدادات الذكية وتحسين شبكة الكهرباء، وتطوير تقنيات التخزين، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، يُعَد قطاع النقل أكبر مصدر للانبعاثات في ألمانيا؛ لذا يحتاج إلى نهج متكامل يشمل تبني تقنيات الوقود النظيف، والمركبات الكهربائية وتعزيز الاعتماد على وسائل النقل العام، بالإضافة إلى استثمارات طويلة المدى في تحديث البنية التحتية للنقل العام.
كما يتعين تحفيز المستهلكين لاعتماد خيارات النقل منخفضة الانبعاثات، بما يتماشى مع الأهداف المناخية، فضلًا عن تحسين بنية السكك الحديدية وشبكات الشحن الكهربائي لدعم تحول الطاقة في ألمانيا.
دور قطاع المباني والهيدروجين
يوصي تقرير وكالة الطاقة الدولية بضرورة تكثيف الجهود لتحسين كفاءة المباني القديمة في ألمانيا ودعم تحولها نحو تقنيات الطاقة النظيفة.
وقد قطعت ألمانيا شوطًا مهمًا في هذا الاتجاه بإقرار قانون الطاقة بالمباني وقانون تنظيم التدفئة، اللذين يحددان مسارًا طويل المدى لتقليص الانبعاثات الناتجة عن التدفئة عبر التدفئة المركزية والمضخات الحرارية.
ولضمان نجاح هذه الخطط، يجب دعم التحسينات في كفاءة الطاقة، ونشر المضخات الحرارية، وتعزيز دور مستشاري الطاقة لمساعدة مالكي المنازل.
ويُعَد قانون تنظيم التدفئة خطوة مهمة؛ حيث تلتزم البلديات بتقديم خطط لتحويل بنية التدفئة المحلية إلى بنية محايدة مناخيًا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

من جهة أخرى، تسعى ألمانيا لتحقيق أهداف طموحة في تطوير صناعة الهيدروجين؛ حيث تشمل خططها استبدال الوقود الأحفوري في العمليات الصناعية التي يصعب الحدّ من انبعاثاتها.
ورغم وجود إستراتيجية شاملة للهيدروجين؛ فإن البلاد تواجه تأخيرات في اتخاذ قرارات الاستثمار النهائي بسبب القلق من الإمدادات والتكلفة وقلة الالتزامات من المشترين.
وللتغلب على هذه التحديات، يشدد التقرير على ضرورة تركيز الحكومة على خلق الطلب من خلال سياسات محددة تحفز القطاع، مثل الشراء العام وعقود الكربون مقابل الفروقات.
ويرى تقرير وكالة الطاقة الدولية أن ألمانيا أمام فرصة اقتصادية ضخمة للاستفادة من ريادتها التقنية والصناعية حال استمرت في تنفيذ خططها الطموحة لتحول الطاقة، ويكمن نجاحها في التغلب على التحديات المتعلقة بالتكاليف وقبول الجمهور، إلى جانب القدرة التنافسية الصناعية.
موضوعات متعلقة..
- توربينات الرياح الصينية وسيلة ابتزاز ألمانيا.. حرب اقتصادية وضغط سياسي عن بُعد
- الغاز المسال الروسي.. تقرير يكشف ألاعيب ألمانيا لاستيراده وتوصيله لأوروبا
- تحول الطاقة آفة تنخر عظام ألمانيا.. بدعوى الفضيلة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- حقل غاز عربي عملاق يواجه أزمة في تصدير أول شحنة.. ماذا يحدث هناك؟
- سعة توليد الكهرباء المتجددة في المغرب تواصل النمو للعام الخامس
- إمدادات الغاز في مصر.. توصيات لمنع حدوث أزمة خلال صيف 2025
المصدر: