خريطة تحولات تجارة أكبر مستورد للنفط في العالم بعد العقوبات (تحليل)
أسماء السعداوي

ما زالت عوامل جيوسياسية تحكم الأنماط التجارية لأكبر مستورد للنفط في العالم لتؤثّر في نوعية الناقلات للخامات الروسية والإيرانية على نحو خاص.
وتتصدّر الصين قائمة أكبر مستوردي النفط في العالم؛ ما يجعلها لاعبًا رئيسًا ومؤثرًا في تجارة الخام العالمية بحجم واردات بلغ 10.2 مليون برميل يوميًا في العام الماضي (2024).
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن روسيا وإيران هما ثاني وسابع أكبر مصدّري النفط في العالم خلال العام الماضي (2024)، بأحجام 4.9 و1.5 مليون برميل يوميًا على الترتيب.
ودفعت عقوبات وزارة الخزانة الأميركية وقيود محلية الشركات الصينية إلى بدء التحول نحو استعمال ناقلات النفط الروسي غير الخاضعة للعقوبات؛ إذ ما زالت موسكو خيارها الأفضل.
وكشفت بيانات تتبُّع السفن تفريغ حمولة نفط روسية في ميناء تشينغداو الصيني يوم 13 مارس/آذار الجاري، بعد نقل الشحنة من 3 سفن انضمت لقائمة العقوبات الأميركية في يناير/كانون الثاني.
تجارة أكبر مستورد للنفط في العالم
وقعت الصين بين مطرقة العقوبات وسندان الضرورات التجارية لتلبية احتياجاتها الهائلة في ظل كونها ثاني أكبر دولة من حيث تعداد السكان عالميًا بعد الهند.
وقبل أن يغادر منصبه، فرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن -بالإضافة إلى بريطانيا- عقوبات على شركتي "غازبروم" و"سورغوت نفط غاز" الروسيتين (Surgutneftegas)، وأكثر من 180 ناقلة، في إطار استمرار المساعي لتقييد يد موسكو عن تمويل الحرب في أوكرانيا المستعرة منذ أكثر من 3 سنوات.

ومحليًا، فرضت مجموعة مواني شاندونغ حظرًا على واردات النفط الروسي والإيراني والفنزويلي المنقولة عبر الناقلات الخاضعة للعقوبات الأميركية، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
وبموجب تلك القيود، يُحظر تسليم أيّ شحنات على متن ناقلات خاضعة للعقوبات داخل مرافق المجموعة التي تُشرف على موانٍ رئيسة على الساحل الشرقي، ومنها تشينغداو وريتشاو ويانتاي التي كانت سابقًا مركزًا رئيسًا لاستقبال النفط الخاضع للعقوبات.
وهدّدت تلك الإجراءات بخفض واردات الصين من النفط بما يؤثّر في عمليات المصافي المستقلة المحلية ومواني استيراد النفط الخاضع للعقوبات سابقًا.
وفي ضوء تلك العوامل، رصد تحليل أجرته شركة تحليل بيانات الطاقة والشحن فورتيكسا (Vortexa) تحولًا نحو الناقلات غير الخاضعة للعقوبات في الصين من أجل استمرار تدفقات الخام من روسيا وإيران.
وعلى صعيد آخر، اضطرت مصافي تكرير صينية إلى اللجوء لمحطات الاستيراد المستقلة في داليان وشنغهاي وتشوشان وهوتشو التي بدأت استقبال شحنات نفط خاضعة للعقوبات، لكن قدراتها على التخزين أصغر نسبيًا، وترتفع تكاليف الشحن عند نقله داخل الصين.
واستقبل ميناء دونغينغ (المركز الرئيس لاستقبال خام إسبو الروسي في شمال مقاطعة شاندونغ) ناقلتي نفط خاضعتين للعقوبات من بين شحنات أخرى.
يأتي ذلك بعد بيع حصة مجموعة مواني شاندونغ المملوكة للدولة بالميناء إلى شركات خاصة، بحسب تحديثات قطاع النفط لدى منصة الطاقة المتخصصة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إيرادات صادرات النفط الروسي (شاملة المنتجات) حتى فبراير/شباط 2025:
صادرات النفط الروسي إلى الصين
لأن الصين ما زالت المستورد الرئيس لخامات الشرق الأقصى الروسية، فمن المتوقع أن تلتزم بحظر ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات.
وعلى الناحية الأخرى، دعمت روسيا تجارة خام إسبو بأسطول ناقلات غير خاضع للعقوبات بعد تجميعه في الآونة الأخيرة.
وخلال المدة بين 11 يناير/كانون الثاني و20 فبراير/شباط (2025)، انضمت 17 ناقلة على الأقل من طرازَي أفراماكس وناقلات السويس غير الخاضعة للعقوبات.
وساعد ذلك التطوير بزيادة تحميلات خام إسبو في ميناء كوزمينو الروسي إلى 920 ألف برميل يوميًا خلال فبراير/شباط المنقضي.
وما يوطّد أقدام النفط الروسي في الصين، الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها بكين على واردات النفط الأميركي بنسبة 10% في مطلع فبراير/شباط، ردًا على إجراء مماثل لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وتتعزّز التنافسية السعرية لصالح روسيا بسبب انخفاض الفارق بين أسعار خامي برنت ودبي منذ منتصف يناير/كانون الثاني، وارتفاع سعر البيع الرسمي لخامات الشرق الأوسط، بحسب تحليل شركة فورتيكسا.
واردات أكبر مستوردي النفط من إيران
تُفضِّل مصافي الصين المستقلة المعروفة باسم "أباريق الشاي" شراء النفط الإيراني؛ بسبب الخصومات الكبيرة لتحقيق أرباح.
وعلى عكس واردات النفط الروسي، تواجه شحنات الخام الإيرانية موقفًا عسيرًا بعد حظر مجموعة مواني شاندونغ ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات.
وانخفضت واردات مواني شاندونغ إلى ما دون 800 ألف برميل يوميًا في يناير/كانون الثاني، وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير/شباط (2023).
وعلاوة على ذلك، تأتي الشحنات الإيرانية في ناقلات النفط من النوع الكبيرة، وهو ما يجعل ميناء دونغينغ يواجه صعوبة في استقبالها؛ لأن أرصفته مصممة لاستقبال ناقلات بحجم 100 ألف طن فقط.

لكن التجّار في أكبر مستورد للنفط في العالم وجدوا طريقة للتحايل باستعمال عمليات النقل من سفينة لأخرى في المياه الماليزية.
وخلال المدة بين 1 و20 فبراير/شباط، استوردت الصين 1.3 مليون برميل يوميًا من النفط الإيراني، وتجاوزت الشحنات المتجهة إلى شاندونغ متوسط عام 2024.
شحنة نفط روسية
كشفت أحدث بيانات تتبع السفن وصول شحنة نفط روسية إلى ميناء صيني بعد نقلها من 3 ناقلات أصغر خاضعة للعقوبات الأميركية.
وأُدرجت الناقلات الثلاث -وهي "فلاديمير أرسنييف" و"كابتن كوتيشيف" و"فيكتور كونتسكي"- على قائمة العقوبات الأميركية يوم 10 يناير/كانون الثاني.
واستقبل ميناء تشينغداو التابع لمجموعة "تشينغداو هايي" الخاصة الناقلة "دابان" التي ترفع علم بنما، وهي واحدة من عشرات الناقلات الروسية غير الخاضعة للعقوبات.
وأفرغت الناقلة -وهي من النوع الكبير جدًا- حمولتها البالغة مليوني برميل من خام سوخول الروسي يوم 13 مارس/آذار الجاري، بعد رحلة بدأتها من أقصى الشرق الروسي.
موضوعات متعلقة..
- الصين أكبر مستورد للنفط الليبي في آسيا (تقرير)
- تغيّرات تجارة النفط في 2024.. هذه أكبر الدول المصدرة والمستوردة
- أكبر استطلاع لتوقعات أسواق النفط والأسعار في 2025.. 10 خبراء يتحدثون
اقرأ أيضًا..
- أزمة الكهرباء في العراق قبل الصيف.. 3 دول قد تُنقذ الموقف جزئيًا (مقال)
- مصادر: الجزائر تهدّد فرنسا بعقود النفط والغاز.. وسيناريو المغرب قد يتكرر
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا يوفّر ميزة مزدوجة.. المغرب ومصر ضمن القائمة
- أكبر الدول المصدرة للبنزين في العالم.. بلدان عربيان بقائمة الـ10
المصادر:
- تقرير شركة فورتيكسا عن تجارة أكبر مستورد للنفط في العالم من منصة "ريفيرا ماريتيم"
- مسار ناقلة النفط الروسي دابان من وكالة رويترز