هل يحقق وقود الهيدروجين تطلعات قطاع الطيران إلى خفض الانبعاثات؟ (تقرير)
نوار صبح

- • قطاع الطيران يمثّل 2.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية
- • وقود الطائرات القائم على الكيروسين يوفر كثافة طاقة أعلى وتخزينًا أسهل
- • مع اشتداد أزمة المناخ عاد الهيدروجين إلى دائرة الضوء
- • إعادة تأهيل مطار رئيس واحد للهيدروجين قد تكلف ما يزيد على مليار دولار
ينصبّ اهتمام الخبراء والمحللين، حاليًا، على دور وقود الهيدروجين في تحقيق تطلعات قطاع الطيران إلى خفض الانبعاثات.
ويرى بعضهم أن الهيدروجين سيكون وقود المستقبل في قطاع الطيران، وأن تأثيره سيزداد، ولذلك يتعين على القطاع توفير البنى التحتية واتخاذ الإجراءات المناسبة لتصنيعه وتوزيعه وتخزينه، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وفي المقابل، من المتوقع أن يكون وقود الهيدروجين أحد الأطراف الرئيسة في الرحلة نحو إزالة الكربون من القطاع.
ومنذ نهاية القرن الماضي، انخرط قطاع الطيران في سباق للحدّ من تأثيره في البيئة، خصوصًا فيما يتعلق بإزالة الكربون من النقل الجوي.
انبعاثات قطاع الطيران
يمثّل قطاع الطيران 2.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفي ظل حاجة العالم الملحّة إلى إزالة الكربون، يواجه القطاع ضغوطًا متزايدة للابتكار.
ويُعدّ وقود الهيدروجين الأخضر الأكثر ملاءمة للبيئة، وتتضمن الطريقة المستعمَلة لإنتاجه فصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء باستعمال تيار كهربائي، لذا إذا حُصِل على الكهرباء اللازمة من مصادر متجددة، فسوف تتولد طاقة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي.
ومن شأن جعل جميع الهيدروجين المتولد في العالم "أخضر" أن يوفر 830 مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي عندما يُنتَج بوساطة الوقود الأحفوري.

من ناحية ثانية، يتمثل التحدي الأساس في أن استبدال جميع الهيدروجين الرمادي في العالم بوقود الهيدروجين الأخضر يتطلب 3000 تيراواط ساعة إضافية من الطاقة المتجددة سنويًا، وهو الطلب الإجمالي في أوروبا حاليًا.
ومن خلال تحسين التقنية والبنية الأساسية، يمكن أن تنخفض التكلفة، ما يجعل وقود الهيدروجين بديلًا أكثر تكلفة من الوقود التقليدي، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.
الطيران العامل بوقود الهيدروجين
برز الطيران العامل بوقود الهيدروجين حلًا محتملًا لخفض الانبعاثات، لكن قابليته للتطبيق ما تزال موضوعًا للنقاش المكثّف.
تجدر الإشارة إلى أن الطيران العامل بالهيدروجين ليس مفهومًا جديدًا، فقد كان الهيدروجين يُعدّ مصدرًا محتملًا للوقود منذ خمسينيات القرن الماضي.
رغم ذلك، هُمِّشَت التقنية لصالح وقود الطائرات القائم على الكيروسين، الذي يوفر كثافة طاقة أعلى وتخزينًا أسهل.
ونتيجة لاشتداد أزمة المناخ، حاليًا، عاد الهيدروجين إلى دائرة الضوء، ويتمثل أحد أهم العوائق أمام الطيران العامل بالهيدروجين في الافتقار إلى البنية الأساسية.
على عكس وقود الطائرات التقليدي، يتطلب الهيدروجين أنظمة تخزين ونقل متخصصة، ويجب تخزين الهيدروجين السائل -وهو الشكل الأكثر عملية للطيران- عند درجة حرارة ناقص 253 درجة مئوية، ما يتطلب خزانات مبردة وأنظمة تبريد متقدمة.

استيعاب إعادة التزود بوقود الهيدروجين
ستحتاج المطارات إلى الخضوع لإصلاحات شاملة لاستيعاب إعادة التزود بوقود الهيدروجين، وتشير تقديرات تقرير صادر عن مجموعة عمل النقل الجوي في عام 2022 إلى أن إعادة تأهيل مطار رئيس واحد للعمل بالهيدروجين قد تكلّف ما يزيد على مليار دولار.
وبالنسبة لصناعة عالمية تعتمد على شبكة تضم أكثر من 17 ألف مطار تجاري، فإن التحديات المالية واللوجستية كبيرة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وحتى لو كانت البنية الأساسية موجودة، فإن الطائرات نفسها تشكّل عقبة أخرى، ويتمتع الهيدروجين بكثافة طاقة أقل من حيث الحجم مقارنة بالكيروسين، ما يعني أن الطائرات ستحتاج إلى خزانات وقود أكبر.
وقد يؤدي هذا إلى تغييرات كبيرة في التصميم، مثل هياكل الطائرات الطويلة أو أجنحة الطائرات المختلطة، لاستيعاب المساحة الإضافية المطلوبة.
ولكي يكون الطيران العامل بالهيدروجين مستدامًا، يجب أن يكون الوقود نفسه أخضر، يُنتَج باستعمال الطاقة المتجددة.
حاليًا، أقل من 1% من إنتاج الهيدروجين العالمي أخضر، حيث تُستَخلَص الغالبية من الوقود الأحفوري، ويتطلب توسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الأخضر لتلبية احتياجات الطيران توسعًا هائلًا في قدرة الطاقة المتجددة.
وتمثّل الجدوى الاقتصادية للطيران الهيدروجيني عاملًا حاسمًا آخر، وعلى الرغم من التوقعات بانخفاض تكلفة الهيدروجين الأخضر نتيجة لزيادة الإنتاج، فإنه يظل أكثر تكلفة بشكل كبير من وقود الطائرات التقليدي.
الإرادة السياسية والدعم التنظيمي
ستؤدي الإرادة السياسية والدعم التنظيمي دورًا حاسمًا، ويجب على الحكومات والهيئات الدولية وضع سياسات وحوافز واضحة لتشجيع الاستثمار في الطيران العامل بالهيدروجين.
وتمثّل إستراتيجية الهيدروجين في الاتحاد الأوروبي -التي تهدف إلى تركيب 40 غيغاواط من سعة المحلل الكهربائي بحلول عام 2030- خطوة في الاتجاه الصحيح.
على صعيد آخر، يقف قطاع الطيران عند مفترق طرق حاسم، حيث يقدّم الهيدروجين مسارًا واعدًا لإزالة الكربون، لكن الطريق أمامه مليء بالتحديات التقنية والاقتصادية واللوجستية.
موضوعات متعلقة..
- بناء أكبر محطة للتزود بوقود الهيدروجين في أوروبا.. وسابقة في دولة عربية
- خسائر شاحنات خلايا الوقود الهيدروجينية تتواصل.. شركة بريطانية على حافة الانهيار
- الكشف عن أكبر محطة كهرباء تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في العالم
اقرأ أيضًا..
- اجتماع لجنة تسعير الوقود في مصر.. متى تحدث الزيادة؟
- اكتشافات النفط والغاز البحرية.. توسع محفوف بالمخاطر أم ضرورة لتلبية الطلب؟
- سوق مصافي التكرير العالمية قد تتجاوز 3.7 تريليون دولار بحلول 2032
المصادر..
- "وجهًا لوجه: هل يمكن للطيران العامل بالهيدروجين إنقاذ السماء؟" من منصة "غرين هيدروجين – إنرجي نيوز"
- "الهيدروجين في مستقبل النقل الجوي،" من منصة "إيه إي آر تي إي سي"