بناء أكبر محطة طاقة شمسية في أميركا.. ما صلتها بقنبلة ناغازاكي؟
محمد عبد السند

- مشروع أكبر محطة شمسية في أميركا يُبنى في موقع نووي سابق
- تتعامل الشركة المطورة للمشروع معه بكل حيطة وحذر
- يحوي موقع المشروع على غالونات من النفايات الإشعاعية المخزّنة تحت الأرض
- تبلغ مساحة محمية هانفورد النووية 400 ألف هكتار
يتأهّب مشروع أكبر محطة طاقة شمسية في أميركا للانطلاق بالقرب من موقع كان مُخصصًا في السابق لمفاعل نووي يقع في قلب محمية هانفورد النووية التي كانت مستودعًا لتخزين الأسلحة النووية الأميركية.
ولطالما استُعمِلت المحمية النووية المذكورة مكانًا آمنًا لتخزين الأسلحة النووية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا خلال المدة من عام 1943 حتى عام 1989، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويرتبط اسم محطة الطاقة الشمسية "هانفورد" بالقنبلة الذرية التي أُلقيت على مدينة ناغازاكي اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية؛ إذ تبعد المنشأة بنحو 20 ميلًا من المفاعل "ب" (B)، وهو أول مفاعل نووي كامل النطاق في العالم، أنتج البلوتونيوم المستعمَل في تصنيع القنبلة المذكورة.
وبناءً على ذلك، تتعامل شركة هيكاتي المطوّرة للمشروع بحيطة وحذر معه؛ رغم سجل خبراتها السابقة في تطوير محطات طاقة شمسية وتشغيلها في 12 ولاية أميركية.
إعادة استعمال
يمثّل مشروع أكبر محطة طاقة شمسية في أميركا، المقرر تنفيذه في محمية هانفورد النووية بولاية واشنطن، خُطوة كبيرةً في إعادة استعمال الموقع لأغراض أخرى.
وبدءًا من عام 1943 وحتى تفكيكها في عام 1989، أنتجت محمية هانفورد ثُلثي البلوتونيوم المستعمَل في تصنيع الأسلحة النووية الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.
ومع ذلك فقد اقترن هذا الموقع الحيوي بفاتورة باهظة؛ إذ بقيت ملايين الغالونات من النفايات عالية الإشعاع مخزّنة في مستودعات تحت الأرض، وتلوثت مساحات شاسعة من الأراضي بالمواد المشعة والكيميائية.
ويقود مشروع تطهير الموقع شركة هيكاتي (Hecate) التي ستستغل 10 آلاف و300 هكتار من الموقع الواسع في هانفورد، البالغة مساحته نحو 400 ألف هكتار، الذي يُعد آمنًا بالنسبة إلى عمليات إعادة التطوير.
*(الهكتار = 10 آلاف متر مربع)

3.45 مليون لوح شمسي
بدأت شركة هيكاتي عملية إخلاء موقع مشروع أكبر محطة طاقة شمسية في الولايات المتحدة الأميركية، والبالغة مساحته 8 آلاف هكتار، وهي مساحة تزيد 10 مرات على حجم المتنزه المركزي في نيويورك، ولدى المشروع القدرة على استيعاب 3.45 مليون لوح شمسي مركب.
ويتسم المشروع باتساع نطاقه غير المسبوق؛ إذ بمجرّد تشغيله كاملًا، ستولّد المحطة الشمسية كمية كهرباء تكفي لإمداد ملايين المنازل في المنطقة بالكهرباء.
ومن المتوقع أن تُنتِج محطة هانفورد سعة كهرباء تصل إلى 2000 ميغاواط؛ ما يكفي لإمداد جميع المنازل في مدن سياتل وسان فرانسيسكو ودنفر، إلى جانب قدرتها على تخزين سعة أخرى مماثلة من الكهرباء في بطارية ضخمة.
وسيزيد هذا الناتج على ضعف الطاقة المنتَجة من محطة طاقة نووية نموذجية، كما سيتجاوز مثيله من أكبر منشأة للطاقة الشمسية في الولايات المتحدة حاليًا، وهي منشأة كوبر ماونتن للطاقة الشمسية في ولاية نيفادا.
ووفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، تلامس الكلفة الإجمالية للمشروع قرابة 4 مليارات دولار، ومن المتوقع الانتهاء منه كاملًا بحلول عام 2030.
وستزيد إنتاجية محطة هانفورد الشمسية بواقع الضعف على الكهرباء المُنتجَة بوساطة محطة طاقة نووية نموذجية، كما يتجاوز إنتاج المحطة الشمسية نظيراتها المولدة بوساطة أكبر محطة شمسية حالية في أميركا، وهي كوبر ماونتن الموجودة في ولاية نيفادا.
تحديات ومخاطر
يفرض الموقع المخصّص لإقامة مشروع المحطة الشمسية "هانفورد" عددًا من التحديات؛ ما يجعل مستقبله مغلفًا بعدم اليقين نتيجة التحولات السياسية المحتملة، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك، تمضي الشركة المطوّرة للمشروع قدمًا في تنفيذه، مستعينةً بالأسس القوية للسوق والطلب الإقليمي المتنامي على الكهرباء بدعم من مراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي.
إلى جانب ذلك، يواجه الموقع بعض المخاطر؛ إذ يقع موقع محطة الطاقة الشمسية المخطط لها بالقرب من مناطق كانت في السابق مركزًا لجهود تطهير المياه الجوفية والتربة.
كما يقع المشروع نفسه بجوار مجمع مفاعل نووي متوقف عن العمل سعة 400 ميغاواط؛ إذ يبعُد المشروع بنحو 20 ميلاً فقط جنوب مفاعل "بي"، وهو أول مفاعل نووي كامل في العالم أنتج البلوتونيوم الذي استُعمِل لتصنيع القنبلة الذرية التي أُلقيت على مدينة ناغازاكي اليابانية.
ولذلك؛ تأخذ شركة هيكاتي الحيطة والحذر في بناء هذا المشروع، كما تأخذ في الحسبان احتمالية حصول تلوث غير متوقع.

طلب متزايد
أكّد مدير التطوير في شركة هيكاتي، ألكسندر بوغ، أن أساسات المشروع متينة بغض النظر عن توجهات السياسة، مسلطًا الضوء على حاجة المنطقة إلى تعزيز معدلات توليد الكهرباء بما يواكب الطلب المتنامي.
وأضاف بوغ: "أُسُس المشروع قوية بصرف النظر عن توجه السياسات، والمنطقة تحتاج إلى ذلك المشروع، نظرًا إلى ضخامة الطلب على الكهرباء فيها"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي أغسطس/آب (2024)، قررت وزارة الطاقة الأميركية الدخول في مفاوضات مكثفة مع شركة هيكاتي إنرجي بشأن مشروع محطة الطاقة الشمسية "هانفورد".
موضوعات متعلقة..
- سعة الطاقة الشمسية العائمة قد تتجاوز 6 غيغاواط بقيادة الصين (تقرير)
- سعة الطاقة الشمسية العائمة قد تنمو 150% عالميًا (تقرير)
- محطات الطاقة الشمسية العائمة.. كهرباء نظيفة وحل لأزمة المياه في مصر والخليج
اقرأ أيضًا..
- العراق يتصدر أكبر 5 صفقات نفطية في فبراير 2025
- صادرات الغاز المسال الجزائري في فبراير تذهب إلى 3 دول فقط
- استخراج الليثيوم من المياه.. طريقة جديدة تدعم صناعة بطاريات السيارات الكهربائية
المصادر:
1.بناء مشروع أكبر محطة طاقة شمسية في أميركا من تقرير نشرته نيويورك تايمز.