5 معلومات عن اكتشاف ثوريوم ضخم في الصين يكفيها 60 ألف عام
سامر أبووردة

بات الثوريوم -المعدن المشع ذو الإمكانات الهائلة- في صدارة المشهدَيْن العلمي والاقتصادي، بعد أن كشفت الصين عن احتياطيات ضخمة منه قد تكفيها لتوليد الطاقة لمدة 60 ألف عام.
ويعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف يمكن أن يكون مفتاحًا للانتقال إلى طاقة نووية أكثر أمانًا وأطول عمرًا، بعيدًا عن الوقود الأحفوري واليورانيوم التقليدي.
ووفقًا لدراسة استقصائية حديثة اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن منجم بايان أوبو في منغوليا الداخلية يحتوي على ما يصل إلى مليون طن من الثوريوم؛ ما يعزّز آمال العلماء في ثورة جديدة بمجال الطاقة النظيفة.
ويُعد هذا الكشف جزءًا من جهود الصين المكثفة لاستكشاف موارد بديلة، إذ تسعى إلى الاستفادة من هذا العنصر في تطوير مفاعلات نووية متقدمة تعمل بالملح المنصهر.
ولا تقتصر فوائد الثوريوم على كونه مصدر طاقة نظيفًا ومستدامًا، بل يتمتع بخصائص تجعله أكثر أمانًا وكفاءة مقارنة باليورانيوم، فهو يولّد طاقة تزيد بمقدار 200 مرة على تلك التي ينتجها اليورانيوم، ولا يتطلّب عمليات تبريد مكلفة بالمياه، كما أنه يقلّل من كمية النفايات النووية المشعة طويلة الأمد.
لكن على الرغم من هذه الميزات الواعدة، ما تزال هناك تحديات تقنية وبيئية تتعلّق بعمليات الاستخراج والمعالجة، إذ تتطلّب عملية استخلاصه من خامات العناصر الأرضية النادرة كميات هائلة من الأحماض والطاقة؛ ما يفرض الحاجة إلى حلول متطورة للحد من التأثيرات البيئية.
الثوريوم في الصين
بمتابعة احتياطيات الثوريوم في الصين، نجد أن بكين تُعدّ من الدول الرائدة عالميًا في استكشاف تقنيات هذا العنصر وتطويرها؛ إذ أشارت دراسات علمية حديثة إلى أن الاحتياطيات المتوافرة في البلاد تتجاوز التقديرات السابقة بأضعاف؛ ما يجعلها في موقع ريادي لاستعمال هذا العنصر بوصفه مصدرًا مستدامًا للطاقة.
وكشف تقرير صدر مؤخرًا عن أن الصين حدّدت 233 منطقة غنية بهذا المعدن النادر في أنحاء مختلفة من البلاد، مُوزعة عبر 5 أحزمة جيولوجية تمتد من شينغيانغ إلى قوانغدونغ.
وتشير التقديرات إلى أن مخلّفات التعدين وحدها تحتوي على كميات تكفي لتغطية استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة لمدة ألف عام.

وفي إطار سعيها للاستفادة من هذه الموارد الهائلة، تخطّط الصين لإطلاق أول مفاعل نووي تجريبي يعمل بالملح المنصهر في صحراء غوبي "هانهاي" بحلول عام 2029، في خطوة تهدف إلى التحقق من جدوى هذا المعدن بوصفه مصدر طاقة نظيفًا وآمنًا.
كما تعمل البلاد على تطوير تقنيات جديدة لاستعمال الثوريوم في تشغيل سفن الحاويات النووية؛ ما قد يؤدي إلى طفرة في قطاع النقل البحري.
ما الذي يجعل الثوريوم خيارًا أفضل من اليورانيوم؟
يتميّز الثوريوم بعدة مزايا تجعله خيارًا أكثر جاذبية مقارنة باليورانيوم التقليدي المستعمل في المفاعلات النووية الحالية، وهي كالآتي:
1. أكثر أمانًا: لا تتعرّض مفاعلات الثوريوم للانصهار مثل مفاعلات اليورانيوم؛ ما يقلّل من مخاطر الحوادث النووية.
2. كفاءة أعلى: إذ يمكنه إنتاج طاقة تعادل 200 ضعف ما يولّده اليورانيوم؛ ما يجعله مصدرًا فاعلًا طويل الأمد.
3. انبعاثات مشعة أقل: ينتج هذا العنصر نفايات نووية أقل من حيث الحجم والإشعاع؛ ما يسهل التعامل معها وإدارتها.
4. لا يحتاج إلى تبريد بالمياه: على عكس اليورانيوم، يمكن تشغيل مفاعلات الثوريوم باستعمال الملح المنصهر؛ ما يقلّل الحاجة إلى كميات ضخمة من المياه للتبريد.
5. متوفر بكثرة: يوجد هذا المعدن بكميات كبيرة في القشرة الأرضية؛ ما يجعله مصدرًا مستدامًا يمكن استغلاله على مدار عقود طويلة.
التحديات البيئية والتقنية
على الرغم من الإمكانات الهائلة التي يقدّمها الثوريوم، فإن هناك عقبات يجب التغلب عليها لضمان استغلاله بصفة فاعلة ومستدامة.
- صعوبة الاستخراج: تتطلّب عمليات استخلاصه كميات كبيرة من الأحماض والمواد الكيميائية؛ ما يرفع من تكلفة الإنتاج ويؤثر في البيئة.
- مخاوف الانتشار النووي: يمكن أن يتحول عبر عمليات معقدة إلى يورانيوم-233، وهو عنصر يمكن استعماله في صناعة الأسلحة النووية؛ ما يُثير تساؤلات حول ضبط الاستعمالات العسكرية المحتملة.
- البنية التحتية النووية: تحتاج المفاعلات العاملة بالملح المنصهر إلى تصميمات وهندسة متطورة؛ ما يتطلّب استثمارات ضخمة قبل أن تُصبح هذه التقنية قابلة للتطبيق على نطاق واسع.
آفاق الثوريوم في الطاقة العالمية
مع تزايد الطلب العالمي على مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة، تبرز أهمية الثوريوم بوصفه خيارًا يمكن أن يُعيد تشكيل قطاع الطاقة النووية.
وفي الصين، تتسارع الجهود لتطوير مفاعلات تعتمد على هذا العنصر، بما في ذلك مشروعات متعلقة بالدفع النووي لسفن الشحن والمفاعلات القمرية التي قد تُستعمل في دعم المستعمرات المستقبلية على سطح القمر.
ورغم ذلك، يظلّ الغموض يحيط بالتقديرات الدقيقة لاحتياطيات الثوريوم في الصين، إذ تُعد هذه المعلومات سرية بموجب لوائح الأمن القومي.
ومع ذلك، فإن الاكتشافات الأخيرة تؤكد أن البلاد تمتلك واحدة من أكبر المخزونات العالمية لهذا المعدن المشع؛ ما يضعها في موقع إستراتيجي يمكن أن يغيّر خريطة الطاقة النووية في العقود المقبلة.
الخلاصة..
يمثّل اكتشاف الثوريوم في الصين خطوة كبيرة نحو مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة والمستدامة، ومع التوسع في مشروعات المفاعلات النووية المتطورة، يمكن لهذا العنصر أن يُصبح حجر الأساس لثورة في إنتاج الكهرباء بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
ورغم التحديات البيئية والتقنية التي تواجه عمليات الاستخراج والاستعمال، فإن الإمكانات الهائلة لهذا العنصر تجعل منه أحد أهم مصادر الطاقة المحتملة في المستقبل القريب.
موضوعات متعلقة..
- تقنية تخفض تكلفة إنتاج الطاقة النووية 30%
- المعادن الأرضية النادرة.. تقرير يكشف خطة غربية لإضعاف سيطرة الصين
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الجزائر من النفط.. متى يصل لأعلى مستوى؟
- السعودية تسجل براءة اختراع لنوع جديد من الخلايا الشمسية
- مشروع غاز روماني باحتياطيات 100 مليار متر مكعب يوقّع عقدين مهمين
- أعمق خط ربط كهربائي بحري في العالم يحصل على الضوء الأخضر
المصادر:
- مسح صيني للثوريوم يكتشف مصدر طاقة لا نهاية له من منصة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" (scmp).
- دراسة استقصائية للمهندس فان هونغهاي من المختبر الوطني الرئيس لاستكشاف موارد اليورانيوم والتعدين والاستشعار عن بعد النووي في بكين، نُشرت في مجلة "جيولوجيكال ريفيو" الصينية (Geological Review).