التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

استعمال الأمونيا في الشحن البحري.. وقود سام وخطر ولا يخلو من الانبعاثات (تقرير)

أسماء السعداوي

يترقب العام الجاري (2025) تطورات إيجابية لاستعمال الأمونيا في الشحن البحري؛ حيث بدأ التسويق التجاري لأول محركات ثنائية الأشواط تعمل بالأمونيا في العالم بعد سنوات طويلة من الأبحاث والتجارب.

وأعلنت شركة "مان إنرجي سوليوشنز" (MAN ES)، وشركة "وين غيه دي" السويسرية (WinGD) نجاح اختبارات محركي أمونيا في مركزي أبحاث تابعين لهما في أوروبا، وفق آخر تحديثات قطاع الشحن البحري لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ومن شأن ذلك أن يمهد لبدء تسليم السفن العاملة بمحركات الأمونيا لتنافس أنواع الوقود البحري الأخرى -مثل الغاز المسال والميثانول- في مسيرة تحقيق الحياد الكربوني إلى القطاع بحلول عام 2050.

لكن الحذر يشوب تلك التحركات الرائدة؛ بسبب المخاوف؛ كون الأمونيا وقودًا سامًا ومنخفض الكثافة، إضافة إلى وجود تحديات فنية أخرى.

وقود الأمونيا في الشحن البحري

يمكن استعمال الأمونيا في الشحن البحري لتكون بديلًا نظيفًا لزيت الوقود والديزل الأحمر البحري؛ إذ إنها قادرة على خفض انبعاثات الكربون وغازات الدفيئة بنسبة 90%.

ووفق موسوعة مفاهيم منصة الطاقة المتخصصة؛ فإن الأمونيا مركّب رمزه الكيميائي NH3، ويتكون من ذرة نيتروجين واحدة (82%) و3 ذرّات هيدروجين (18%).

وتصبح الأمونيا خضراء خالية من الكربون والكبريت عند إنتاجها بوساطة مصادر الطاقة المتجددة عن طريق تفاعل الهيدروجين والنتروجين معًا عند درجات حرارة مرتفعة وضغط عالٍ في عملية يُطلق عليها هابر-بوش (Haber-Bosch).

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- طريقة إنتاج الأمونيا الخضراء:

الأمونيا الخضراء

وتتسم محركات الأمونيا بسمات احتراق مختلفة عن الأنواع العاملة بحرق الوقود التقليدي، كما أنها سامّة وذات قابلية عالية للتآكل؛ ما يتطلّب اتباع قواعد سلامة صارمة.

وعلى صعيد الكثافة، تتميز بكثافة طاقة أقل عند 12.7 ميغاغول للتر عند درجة حرارة 33 تحت الصفر بالمقارنة بـ35.7 ميغاغول للتر للديزل البحري؛ ولذلك يتطلب استعمال الأمونيا في محركات السفن مساحة وقود أكبر بمقدار يتراوح بين 2.8 و3.4 مرة بالمقارنة بنظيرتها العاملة بالديزل الأحمر.

ورغم أن الأمونيا وقود نظيف؛ فإنها لا تخلو من انبعاثات مضرة للبيئة؛ إذ ينتج عن احتراقها أكاسيد النيتروجين (NOx) وأكسيد النيتروز (N2O) التي تنتمي لغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.

ولذلك، يتطلب للسيطرة على تلك الانبعاثات استعمال تقنية الاختزال الحفزي الانتقائي (SCR) التي تحقن عامل اختزال مثل اليوريا في تيار العادم، وتحويل أكاسيد النيتروجين إلى نيتروجين وبخار ماء غير ضارين للبيئة.

أول محركات أمونيا ثنائية الأشواط

أعلنت شركة مان إنرجي سوليوشنز الدنماركية و"وين غيه دي" السويسرية بدء تجريب أول محركات أمونيا ثنائية الأشواط خلال يناير/كانون الثاني المنصرم (2025).

وداخل منشأة الأبحاث التابعة لشركة مان، شُغِّل محركها ثنائي الأشواط مزدوج الوقود ذو الحجم الكامل الذي يعمل بتقنية حقن الغاز السائل (ME-LGIA)، وذلك بحمل محرك 100% لأول مرة.

محرك الأمونيا ثنائي الأشواط
محرك الأمونيا ثنائي الأشواط - الصورة من موقع شركة مان

وفي سويسرا، أعلنت شركة "وين جيه دي" تشغيل محرك ثنائي الأشواط يعمل بالأمونيا ذي إسطوانة واحدة (X-DF-A ) وذلك داخل مركزها لأبحاث المحركات وابتكاراتها.

ومن شأن اختبارات التحقق أن تفتح الباب أمام تسليم أول محركات الأمونيا بحلول شهر يونيو/حزيران (2025)، وفق بيان صحفي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه.

ويقول نائب رئيس الشركة للأبحاث والتطوير سبيستيان هنسيل، إن المحرك ذا الأسطوانة الواحدة يعمل جيدًا، كما أن كفاءة الاحتراق وحجم الانبعاثات واستهلاك الوقود داخل حدود التوقعات.

وعلاوة على ذلك المحرك، تختبر الشركة محركًا آخر ذا أسطوانات متعددة داخل المركز العالمي للأبحاث في شنغهاي للتحقق من قدرات المحرك الكامل والشواحن التوربينية ونظام التحكم قبل الدخول في مرحلة الإنتاج.

مخاطر وقود الأمونيا

في ضوء الطبيعة "السامّة" والخطرة لوقود الأمونيا، تمضي شركات تطوير محركات الأمونيا بحذر؛ إذ إن تسرب الأمونيا قد يعرقل تطوير ذلك النوع من المحركات الناشئة لسنوات، ويهدد مستقبلها بقطاع الشحن البحري.

ولذلك؛ اتبعت شركة مان الدنماركية نهجًا صارمًا لتوخّي الحذر، وتجنّب المخاطر المرتبطة بسلامة المحرك.

ويؤكد مدير أبحاث وتطوير المحركات ثنائية الأشواط بالشركة أولي بيندت هانسن، أن إحراز تقدم في إطلاق أول محركات الأمونيا مزدوجة الوقود وثنائية الأشواط يتبع نهج الحذر والسلامة أولًا.

وبالمعنى نفسه، يقول مدير الاختبارات والتحقق في شركة "وين غيه دي" سوتيريس توبالوغلو، إن استثمار الوقت في المراحل التجريبية المبكرة لتطوير محرك الامونيا قد آتى ثماره، بعد بدء أعمال التطوير قبل 6 سنوات.

ونجحت الشركة السويسرية في تأمين 30 طلبية لمحركها العامل بالأمونيا للتركيب في ناقلات البضائع السائبة والحاويات والناقلات مزدوجة الوقود العاملة بغاز النفط المسال والأمونيا.

ورغم المخاطر المصاحبة لاستعمال وقود الأمونيا في الشحن البحري والظهور القوي لوقود الغاز الطبيعي المسال والميثانول، بدأت الأمونيا في جذب الاهتمام؛ إذ طلبت شركة لويدز ريجستر (Lloyd’s Register) بناء 22 ناقلة تعمل بالأمونيا في العام الماضي (2024) بزيادة بمقدار الضعف على أساس سنوي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق