التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

معاناة قطاع التكرير في أفريقيا.. 3 خبراء يحللون الأسباب والحلول

هبة مصطفى

يعدّ قطاع التكرير في أفريقيا "مرآة" تعكس تحديات الطاقة الإقليمية، خاصة في ظل تناقض واضح بين صادرات الخام وواردات الوقود.

وناقش خبراء مظاهر ضعف القطاع، مقارنة بحجم الموارد الهائلة التي تملكها القارة، وتنعكس على صادراتها من النفط الخام.

وتطرّقوا -خلال جلسة "أمن الطاقة الإفريقي واستثمارات المصب" ضمن فعاليات معرض ومؤتمر مصر الدولي للطاقة إيجبس 2025- إلى ضرورة التعاون والتكامل والتركيز على الاستثمار في منشآت التخزين وأنواع الوقود البديلة.

وبرز "نقص التمويل والأمن" خلال مناقشات الخبراء بوصفهما ضمن أبرز تحديات قطاع التكرير في أفريقيا.

خلل الميزان التجاري للطاقة

يقول المدير الإقليمي لقسم الوقود وزيوت التشحيم لدى شركة شيفرون الأميركية في مصر، أنيس أبو النجا، إن قطاع التكرير في أفريقيا يعاني عجزًا تجاريًا، إذ تُصدّر القارة 75% من نفطها الخام رغم الاعتماد المفرط على استيراد المشتقات النفطية.

وأكد أن أفريقيا هي القارة الوحيدة التي تعدّ مُصدّرًا صافيًا للنفط الخام، ومستوردًا لصافيًا للمنتجات المكررة.

المدير الإقليمي لشيفرون أنيس أبو النجا
المدير الإقليمي لشيفرون أنيس أبو النجا- الصورة من صفحته في لينكد إن

وتسجل احتياطيات الغاز الطبيعي في أفريقيا 18 تريليون متر مكعب، وتسهم دول القارة بما يعادل 40% من إجمالي اكتشافات الغاز العالمية مؤخرًا، ورغم ذلك تصدِّر القارة 40% فقط من موارد الغاز المنتجة محليًا، حسب بيانات سردها أبو النجا خلال مشاركته في الجلسة.

وفسّر أبو النجا هذه البيانات بحاجة القارة السمراء إلى ضخ استثمارات أكبر في البنية التحتية لقطاع التكرير والتخزين وتوزيع المشتقات.

واستشهد بنجاح نيجيريا في بدء الإنتاج من أكبر مصافي القارة العام الماضي 2024، وهي مصفاة "دانغوتي" بطاقة 650 ألف برميل يوميًا.

وبالإضافة لذلك، تطرَّق المسؤول الإقليمي لدى شيفرون إلى أكبر مصافي النفط في أنغولا التي يُعوَّل عليها لمضاعفة طاقة التكرير في البلاد.

مرافق تخزين المشتقات النفطية

أكد نائب رئيس شركة نايل دلتا بتروليوم في جنوب السودان، كمال مبوك، أن تطوير مرافق تخزين المشتقات النفطية مسار مهم للغاية بالنسبة للدول غير الساحلية مثل جنوب السودان.

وأضاف أن نقص مصافي التكرير يشكّل "صداعًا" حقيقيًا في رأس الهيئات المعنية، وتلجأ البلاد في هذه الحالة إلى التعاون الإقليمي بين دول شرق أفريقيا.

وقال، إن المنفذ البحري لجنوب السودان هو كينيا، وتحديدًا في منشأتي "لامو" و"إلدوريت" اللتين تزوّدان غالبية الدول المحيطة بالإمدادات، مثل: السوق المحلية في كينيا، وجنوب السودان، والكونغو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وأوغندا، ورواندا.

وأضاف أن بناء مرافق التخزين يكتسب أهمية قصوى، لكن لا يتّسم الأمر بالسهولة في ظل نقص الاستثمارات وتفاقم الأوضاع الأمنية الإقليمية التي تهدد المرافق في بعض الأحيان، مستشهدًا بمصفاة الخرطوم السودانية التي تعرضت للتدمير جراء الحرب الأهلية التي تشنّها قوات الدعم السريع.

وأضاف أن ملايين الدولارات قد تضيع هباء رغم حيوية قطاع الطاقة ومنتجاته للمنطقة، ما يتطلب من دول المنطقة بذل المزيد من الجهود لتوفير الأمن والاستثمارات، مشيرًا إلى أن كينيا تقدّم نموذجًا مهمًا قابلًا للتكرار في هذا الشأن.

التكامل الأفريقي

تطرَّق كمال مبوك إلى إستراتيجيات تعزيز قطاع التكرير في أفريقيا عبر العمل على مرونة سلاسل التوريد.

وسلّط الضوء على نقص التمويل وضعف التقنيات بوصفهما أبرز التحديات أمام قطاع النفط، بدءًا من المنبع حتى المصب.

كمال مبوك يتوسط متحدثو الجلسة
كمال مبوك يتوسط متحدّثي الجلسة

وقال مبوك خلال مشاركته في الجلسة الحوارية بمؤتمر إيجبس 2025، إن الخيار الأمثل لتجاوز هذه التحديات هو التكامل بين الدول الأفريقية، وبعضها في ظل العجز عن تأمين التمويل اللازم للقطاع بصورة منفردة مع انتشار الصراعات والحروب.

وأضاف أن التكامل بين الدول المالكة لـ"النفط الخام والموارد، والتقنيات، والتمويل" أمر ضروري للاستثمار التعاوني، وتنسيق العمل بين المنظمات الإقليمية مثل الكوميسا والاتحاد الأفريقي ومجموعة شرق أفريقيا.

ولفت إلى انعكاس هذا التكامل على الاندفاع باتجاه بناء مصافي تكرير كبيرة، خاصة أن التعاون يضمن توافر عناصر الاستثمار الرئيسة التي افتقرت إلى "الإرادة السياسية".

معضلة التمويل والبدائل

اتفق نائب رئيس شركة أكسنس الفرنسية، فابيان لوندي، مع الآراء الرامية إلى تصدُّر "التمويل" تحديات تطوير أصول المصب، إذ يقف عائقًا أمام إنشاء وحدات جديدة للمعالجة أو تطوير المصافي القائمة.

ولفت لوندي إلى افتقار القطاع للاستقرار السياسي والاقتصادي، ما ينعكس سلبًا على وتيرة تطور المشروعات.

ورغم أن شركته تدعم صناعة التكرير بالتقنيات منخفضة الكربون، قال، إن الاعتبارات البيئية تعدّ أحد المعايير الجاذبة للاستثمارات في الآونة الحالية.

وأوضح أن القارة الأفريقية تملك إمكانات ضخمة من الكتلة الحيوية عبر الأنشطة الزراعية، التي يمكن توظيفها لتعزيز أمن الطاقة والتأسيس لاقتصاد منخفض الكربون.

وكشف أن شركة أكسنس تطور عددًا من مشروعات إنتاج وقود الطائرات المستدام في أفريقيا بمعالجة زيوت الطهي، لافتًا إلى إمكان إنتاج هذا الوقود من طرق أخرى -بجانب الكتلة الحيوية- باستعمال الإيثانول.

وقال، إن هناك ثمة تعاون مع بعض دول غرب وشرق أفريقيا لإنتاج وقود الطائرات المستدام بالتوافق مع المعايير الأوروبية، ما يتيح تعزيز إنتاج الوقود في القارة السمراء دون الاعتماد على موارد الوقود الأحفوري.

وتطرَّق إلى مناقشات حول مشروع لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية لإنتاج البلاستيك مرة أخرى دون إطلاق انبعاثات أحفورية، بما يحقق أمن الطاقة والمتطلبات البيئية في آن واحد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق