خطط تطوير مناجم الفحم في أستراليا مستمرة.. والحكومة تتجاهل التحذيرات
تحذيرات من عدم جدوى بعض المشروعات اقتصاديًا
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

بات تطوير مناجم الفحم في أستراليا قضية شائكة تُشعل الجدل بين مؤيدي التوسع الصناعي والمدافعين عن البيئة؛ ففي الوقت الذي تواصل خلاله الحكومة الأسترالية منح الضوء الأخضر لمشروعات جديدة، تشير الأرقام إلى أن القدرة الإنتاجية للمناجم القائمة تفوق مستوى الإنتاج الفعلي.
وأظهر تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن خطط تطوير مناجم الفحم في أستراليا غير مجدية اقتصاديًا، وسط ارتفاع التكاليف، وتراجع الطلب من آسيا.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمناجم الحالية رفع الإنتاجية بنسبة 55%، أو 214 مليون طن، حتى عام 2050، دون الحاجة إلى أي توسعات إضافية، وهو ما يفوق بكثير التوقعات الرسمية لصادرات الفحم الأسترالي.
ومع ذلك، أقرّت الحكومة خلال 2024 نحو 7 مشروعات جديدة، بعضها يمتد حتى 2088؛ ما يعزز المخاوف من التبعات غير المدروسة لهذه السياسات.
خطط تطوير مناجم الفحم في أستراليا تسير عكس التيار
في عام 2024، بلغ عدد مشروعات الفحم في أستراليا قيد التطوير 47، وبذلك تمتلك أكبر عدد من المشروعات بين الدول المصدرة، متجاهلةً التحذيرات الدولية بشأن تراجع الطلب العالمي، بحسب التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
ومؤخرًا، وافقت الحكومة الأسترالية على مشروعات جديدة لإنتاج الفحم الحراري والمعدني، مع تركيز أكبر على الفحم الحراري.
فخلال عام 2024، تجاوزت صادرات الفحم الحراري نظيرتها من الفحم المعدني، ومن المتوقع أن تعزز التوسعات الجديدة هذا الاتجاه.
من جهة أخرى، تتجه إندونيسيا، أكبر مصدر للفحم الحراري في العالم، لخفض إنتاجها بسبب ضعف الطلب من الأسواق العالمية.
كما أن كبرى الدول المستوردة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بدأت في تقليل اعتمادها على الفحم، ومن ثم الحد من الواردات، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي ارتفاع الإنتاج المحلي في كلٍّ من الصين والهند إلى تضاؤل الواردات؛ ما يضع صادرات الفحم الأسترالي في وضع حرج.
ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- توقعات الطلب العالمي على الفحم حتى 2027:
ورغم التوقعات بنمو واردات الفحم في بعض دول جنوب شرق آسيا، مثل الفلبين وفيتنام وبنغلاديش؛ فإن أرقام الصادرات الأسترالية تعكس واقعًا مختلفًا.
فقد تراجعت صادرات أستراليا إلى دول رابطة آسيان بنحو 7 ملايين طن خلال الأشهر الـ9 الأولى من عام 2024، خلال وقت تتجه فيه فيتنام، خامس أكبر مستورد للفحم في العالم، إلى تنويع وارداتها والاعتماد على جارتها لاوس بدلًا من الفحم الأسترالي.
مستقبل الفحم في أستراليا على المحك
تستند الموافقات الجديدة على مناجم الفحم في أستراليا إلى فرضية استمرار الطلب على الفحم المعدني في صناعة الصلب، إلا أنها تتهاوى أمام الحقائق الجديدة؛ حيث لم يعد الفحم المعدني عنصرًا أساسيًا في إنتاج الصلب.
ورغم أن التراجع في الطلب على الفحم الحراري أكثر وضوحًا؛ فالفحم المعدني ليس بمنأى عن هذا الاتجاه.
فقد أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى انخفاض استهلاك الفحم المعدني عالميًا بنسبة 1.9% عام 2024، على أن يستمر هذا التراجع ليصل إلى 5.3% بحلول عام 2027، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وحتى مع الزيادة المتوقعة في استهلاك الفحم بالهند وإندونيسيا؛ فإن التراجع الكبير في الصين والدول الأخرى سيؤدي إلى انكماش السوق العالمية.
إلا أن المخاطر لا تقتصر على تراجع الطلب، بل تمتد إلى التداعيات البيئية الخطيرة الناجمة عن توسيع عمليات التعدين.
فكلما تعمّقت مناجم الفحم في أستراليا أو زادت مساحتها؛ ارتفعت مستويات انبعاثات غاز الميثان، وهو أحد أقوى غازات الدفيئة المساهمة في الاحتباس الحراري.

وفي أستراليا، يُطلق الفحم المعدني، في المتوسط، كميات من الميثان تفوق تلك المنبعثة من الفحم الحراري بنسبة 40%، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
إضافة إلى ذلك؛ فإن المناجم المفتوحة تُشكل تحديًا بيئيًا من نوع آخر؛ حيث لا تمتلك أستراليا سجلًا ناجحًا في إعادة تأهيل مناجم الفحم الضخمة بعد انتهاء عمليات الاستخراج، ومع ازدياد عمق الحفر واتساع المساحات، تتضخم تكاليف إعادة التأهيل.
ويرى تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أنه إذا تخلّفت الشركات المشغلة عن الوفاء بالتزاماتها؛ فإن دافعي الضرائب سيكونون في الواجهة؛ حيث ستُلقى على عاتق الحكومة مسؤولية تحمل التكلفة الباهظة لاستصلاح المناجم.
موضوعات متعلقة..
- توليد الكهرباء بالفحم في أستراليا يتراجع إلى أدنى مستوياته
- الطاقة النووية في أستراليا.. استضافة المفاعلات بمحطات الكهرباء العاملة بالفحم تثير الجدل (تقرير)
- أستراليا تترقب استعادة ريادتها العالمية بإزالة الكربون من قطاع الفحم (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- صادرات الجزائر من الغاز المسال تسجل انخفاضًا تاريخيًا
- أدنوك للإمداد والخدمات.. 4 معلومات عن ذراع الإمارات في شحن النفط واللوجستيات
- محطات تصدير الغاز المسال في أميركا.. معلومات وأرقام
المصادر:
- خطط تطوير مناجم الفحم في أستراليا من معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي.
- توقعات الطلب العالمي على الفحم من ملف الحصاد السنوي لعام 2024 الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة.