التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

العقوبات تحرم سوريا من تأمين شحنات نفط.. وتركيا قد تحل الأزمة

سامر أبووردة

تعاني سوريا من أزمة وقود متفاقمة نتيجة العقوبات الاقتصادية التي تعرقل وصول شحنات النفط والمنتجات المكررة إلى البلاد.

ومع إحجام الشركات الكبرى عن التعامل مع دمشق، تجد البلاد نفسها في سباق مع الزمن للبحث عن موردين جدد قادرين على تلبية احتياجاتها من الطاقة.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتأمين إمدادات النفط إلى سوريا، فما تزال التحديات القانونية والمالية تعوق تنفيذ العقود والمناقصات المطروحة، مما يزيد من تعقيد الأزمة.

ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتطورات الأزمة، أدى نقص الوقود إلى تفاقم أزمة الكهرباء، الأمر الذي انعكس سلبًا على مختلف القطاعات الحيوية، بما في ذلك النقل والصناعة والخدمات الأساسية.

وفي الوقت الذي تبحث فيه الحكومة السورية الجديدة عن حلول، تظلّ العقوبات الدولية المفروضة عقبة أساسية أمام استيراد النفط الخام والمنتجات المكررة.

وعلى الرغم من بعض التسهيلات التي أقرتها الولايات المتحدة مؤخرًا، فإن العقوبات الأوروبية والبريطانية لا تزال قائمة، ما يحدّ من قدرة سوريا على تأمين احتياجاتها النفطية.

وسط هذه الظروف، تسعى الحكومة الانتقالية السورية إلى عقد اتفاقات مع موردين محليين وإقليميين، في محاولة للتغلّب على العزلة الاقتصادية وتأمين الإمدادات الحيوية، إلا أن المخاطر المرتبطة بهذه الصفقات تبقى قائمة في ظل القيود القانونية والمالية الصارمة.

تحديات تأمين النفط

واجهت سوريا صعوبات كبيرة في تأمين النفط الخام والمشتقات النفطية بسبب العقوبات المفروضة عليها، إذ أدّى إحجام شركات الشحن عن إرسال ناقلاتها إلى المواني السورية إلى تعثّر العديد من الصفقات.

ورغم طرح الحكومة الانتقالية مناقصات لاستيراد 4.2 مليون برميل من النفط الخام، و80 ألف طن من البنزين، و100 ألف طن من زيت الوقود، فإن العروض المقدمة جاءت محدودة بسبب الشروط الصارمة المفروضة على الموردين.

وتعود التحديات إلى المخاوف من العقوبات الأوروبية والبريطانية، فضلًا عن بند في وثيقة العطاء يمنع التعامل مع دول معادية لسوريا، وهو ما قلّص فرص مشاركة الموردين الدوليين.

وزير النفط السوري غياث دياب

ومع توقف الشحنات القادمة من إيران، التي كانت المورد الرئيس سابقًا، أصبحت الحكومة الانتقالية مضطرة إلى البحث عن بدائل أخرى، مما زاد من تعقيد المشهد.

البدائل المحتملة

في ظل عزوف الشركات الكبرى عن التعامل مع دمشق، بدأت الحكومة باللجوء إلى الموردين المحليين والإقليميين بوصفهم بدائل محتملة لتغطية العجز النفطي.

وتشير التقارير إلى أن شركات تركية صغيرة ومتوسطة الحجم قد تكون ضمن قائمة مقدمي العطاءات، إلى جانب شركات محلية تعمل بصفتها وسيطة لضمان استمرارية تدفق الوقود إلى البلاد.

وتدخلت بعض الدول العربية المجاورة لمساعدة سوريا على تجاوز محنتها، إذ بدأت شركة مصفاة البترول الأردنية تصدير 500 طن يوميًا من الغاز المسال إلى دمشق.

كما أبدت السعودية استعدادها للإسهام في سد الفجوة النفطية، لكنها لا تزال تنتظر مزيدًا من التوضيحات حول الاحتياجات الفعلية للسوق السورية قبل اتخاذ أي خطوات عملية.

النفط في سوريا

رغم استمرار العقوبات على دمشق، فإن الاتحاد الأوروبي يناقش إمكان تخفيف بعض القيود المفروضة على قطاع النفط في في سوريا، بهدف دعم جهود التعافي الاقتصادي.

وتشمل الإجراءات المحتملة رفع الحظر عن استيراد الخام وتصدير تقنيات صناعة النفط والغاز، إلى جانب تسهيل تمويل مشروعات استكشاف النفط وإنتاجه.

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وافقوا، في يناير/كانون الثاني الماضي، على خريطة طريق للتخفيف التدريجي للعقوبات، لكن تنفيذ هذه الخطوات ما يزال مرهونًا بمراجعات قانونية؛ مما يعني أن تأثيرها في الأزمة النفطية السورية لن يكون فوريًا.

مقر الاتحاد الأوروبي
مقر الاتحاد الأوروبي - الصورة من Getty Images

وحال تنفيذ هذه التعديلات، فقد تتمكّن سوريا من استيراد النفط بسهولة أكبر، مما سيُسهم في تحسين الوضع الاقتصادي ويقلّل من حدة أزمة الوقود التي تعصف بالبلاد.

ومع ذلك، فإن الشركات الأجنبية ما تزال مترددة في الدخول إلى السوق السورية، بسبب الغموض الذي يحيط بمستقبل العقوبات، مما قد يُبقي الأزمة قائمة لمدة أطول.

بالإضافة إلى التحديات السياسية واللوجستية، تواجه سوريا مشكلات مالية مع الموردين المحتملين، إذ تتطلّب شروط المناقصات سداد قيمة الشحنات بالدولار الأميركي مع تقديم ضمانات مالية تتراوح بين 200 و500 ألف دولار، وهو ما وصفه بعض التجار بأنه شرط غير مألوف في سوق النفط العالمية.

كما أن القيود القانونية التي تفرضها دمشق على المشاركين في المناقصات تحد من عدد الموردين المؤهلين؛ إذ تشترط الحكومة أن يكون المورد مقاطعًا لإسرائيل، وألا تكون له أي علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع جهات معادية للبلاد.

مصافي النفط في سوريا

تعاني مصافي النفط في سوريا، بانياس وحمص، من نقص حاد في المواد الخام، وتسعى الحكومة السورية إلى تأمين 3 ملايين برميل من النفط الخام الخفيف لمصفاة بانياس، و1.2 مليون برميل لحمص، إلا أن العقوبات تجعل عمليات التوريد معقدة وغير مستقرة.

مصفاة بانياس
مصفاة بانياس - الصورة من موقع هيئة الإذاعة والتلفزيون السورية

ومع تصاعد أزمة الوقود، اضطرت الحكومة إلى زيادة جهودها في البحث عن موردين جدد، إلا أن ضعف الاستجابة من الشركات الدولية وعدم وضوح مستقبل العقوبات على سوريا يضعها في موقف صعب، إذ تظلّ خياراتها محدودة في ظل استمرار الضغوط الدولية.

الخلاصة..

رغم التحديات المتزايدة، تحاول سوريا إيجاد حلول لأزمة النفط التي تعاني منها منذ سنوات، من خلال اللجوء إلى الموردين المحليين والإقليميين، والاستفادة من أي تسهيلات دولية محتملة.

ومع مناقشة الاتحاد الأوروبي لتخفيف العقوبات، فقد تحصل دمشق على بعض الفرص لتحسين وضعها النفطي، ولكن ذلك سيعتمد بصفة أساسية على كيفية تفاعل السوق العالمية مع التغييرات المحتملة في السياسات الدولية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيصًا..

المصادر:

  1. العقوبات تعقّد وصول سوريا إلى النفط الخام والمنتجات من منصة "أرغوس ميديا".
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق