صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق قد تفشل.. وأزمة وشيكة في الصيف (مقال)
تحمل صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق أهمية كبرى وطوق نجاه إلى بغداد، التي تعاني في الوقت الحالي من أزمة كهرباء طاحنة، نتيجة توقُّف إمدادات الغاز الإيراني منذ 24 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2024).
ورغم الأهمية الكبرى لهذه الصفقة التي جرى التوصل إليها في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، ثم وُقِّعت بين البلدين في 19 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2024، فإنها تواجه مصيرًا غامضًا، قد يؤدي إلى فشلها.
تحدثتُ قبل أيام إلى مصدر مطّلع بوزارة الكهرباء العراقية -التي تتولى مهمة إتمام هذا الاتفاق- حول مخاوف وقف الصفقة بعد إلغاء رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب الإعفاء الأميركي للعراق على واردات الطاقة من إيران، وبناءً عليه سيكون الربط الكهربائي واتفاق الغاز في خطر.
حينها قال المصدر، إن "اتفاق الغاز التركمانستاني عبر إيران، يتضمن الدفع إلى تركمانستان.. وطهران هي دولة عبور فقط للغاز، ولن تحصل على أيّ أموال من بغداد".
هنا يقصد المصدر أن "الاتفاق في أمان"، لكن في الوقت نفسه لم ينكر مخاوفه من "جنون ترمب وعدم توقُّع ما سيفعله".
تطورات نقل الغاز التركمانستاني إلى العراق
يقول مصدر آخر شديد الاطّلاع على صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق: إن "الاتفاق يواجه تحديات كثيرة، وربما يفشل بعد قرار ترمب بإلغاء الإعفاء الأميركي".
وفي تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أوضح لنا المصدر أن العراق يواجه 3 تحديات كبيرة تتعلق بهذه الصفقة:
- الاعتمادات المالية، التي تستغرق الكثير من الوقت.
- التعاقد مع شركة أجنبية وسيطة تتولى مهمة نقل الغاز عبر إيران، مقابل حصول طهران على نسبة 20% من الغاز.
- إلغاء الإعفاء الأميركي للعراق، وهذا مشابه تمامًا لما تعرَّض له لبنان بسبب قانون قيصر الأميركي.
يقول المصدر: "لبنان كان يخطط لاستيراد الكهرباء الأردنية والغاز المصري، عبر الأراضي السورية، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب قانون قيصر الأميركي الذي يحظر التعاون مع سوريا وإنعاش خزينتها"
تركيا تتفوق على العراق
رغم أن العراق وقّع اتفاقه لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023 مع تركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، ثم بعده بـ5 أشهر كاملة وقّعت تركيا اتفاقًا مماثلًا، فإن الأخيرة نجحت فيما فشلت فيه بغداد.
فقد أعلنت أنقرة يوم الثلاثاء 11 فبراير/شباط 2025 التوقيع مع تركمانستان رسميًا لبدء استيراد الغاز في الأول من مارس/آذار المقبل.
ورغم أن إعلان أنقرة لم يوضح صراحة هل ستستورد الغاز عبر إيران أم أذربيجان، فإن الأقرب هو إيران، التي وقّعت معها اتفاقًا سابقًا.
النجاح التركي هنا لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج عمل جادّ ومنظومة تدرك جيدًا معنى "أمن الطاقة"، في حين يبدو أن الحكومة العراقية اعتادت على مثل هذه الأزمات، إذ لم تنجح محاولاتها في إقناع إيران بالالتزام بالتعاقد المُبرَم بينهما لاستيراد 20 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز، بينما تواصل طهران التصدير يوميًا إلى تركيا دون انقطاع.
وفي حالة استمرار توقُّف ضخ الغاز الإيراني، وأيضًا عدم دخول اتفاق غاز تركمانستان حيز التنفيذ، فإن العراق سيكون على موعد مع أزمة كهرباء طاحنة في صيف 2025.
إذ إن المنظومة العراقية فقدت نحو 10 آلاف ميغاواط منذ توقُّف ضخ الغاز الإيراني، وبات الإنتاج الحالي لا يتجاوز 17 ألف ميغاواط، في حين إن الطلب على الكهرباء في الشتاء يصل إلى 35 ألف ميغاواط، وفي الصيف 50 ألف ميغاواط.
الخلاصة..
- سيكون العراق مُطالَبًا للتحرك من الآن نحو إيجاد بديل آمن للغاز الإيراني، وغلق ملف استيراد الطاقة من إيران بشكل كامل، لأن التجربة أثبتت أن طهران مصدر غير موثوق به، وتتلاعب بالعراق.
- التحرك بجدّ لبناء منظومة البنية التحتية اللازمة في ميناء الفاو الكبير، تمهيدًا لاستيراد الغاز المسال من قطر.
- سرعة الاستفادة من حرق الغاز، وتحويله إلى منظومة الكهرباء من خلال الشركات الوطنية.
*عبدالرحمن صلاح، مدير تحرير منصة الطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أزمة الكهرباء في العراق.. إيران تتلاعب ببغداد وهذه هي الأدلة (مقال)
- إيران تتلاعب بالعراق.. تفاصيل تكشف المستور في أزمة الغاز (مقال 2/2)
- العراق يكشف مصير 3 مشروعات طاقة بعد تهديدات ترمب (خاص)