أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

النفط الكندي إلى أميركا.. أنس الحجي يكشف البدائل الصعبة أمام "ترمب"

أحمد بدر

طوال السنوات الطويلة الماضية، كان النفط الكندي واحدًا من أهم مصادر الطاقة إلى الولايات المتحدة، إذ إنه على الرغم من أن أميركا تُعدّ أكبر منتج للنفط والغاز في العالم، فإن 62% من وارداتها من النفط الخام كانت تأتيها من كندا.

وفي هذا السياق، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن وسائل التواصل الاجتماعي الأميركية شهدت هجومًا كبيرًا على كندا، حتى إن بعض المسؤولين الأميركيين قالوا إنهم لا يريدون نفطها.

ولكن، وفق الحجي، هذا الكلام لا يتفق مع الواقع على الإطلاق، إذ إن 62% من واردات أميركا النفطية تأتي من النفط الكندي، بواقع 4 ملايين برميل يوميًا، ولا يمكن بأي شكل أن تزيد أميركا إنتاجها وتعوّض عن هذا النفط.

وأضاف: "حديث المسؤولين الأميركيين عشوائي، فلا يمكن زيادة إنتاج النفط الأميركي أو التعويض عن النفط الكندي، وهم تجاهلوا -كذلك- مسألة النوعية، لأن الولايات المتحدة تنتج حاليًا نحو 13.5 مليون برميل يوميًا، منها 9 ملايين برميل من النفط الصخري، وهو من النوع الخفيف الحلو، بجانب أنواع مختلفة مثل النافثا والسوائل الغازية، وهذا غالبًا ما ينتج منها البنزين والنافثا".

ولكن، النفط الكندي ضروري لإنتاج الديزل الذي تحتاج إليه الشاحنات التي يقوم عليها الاقتصاد الأميركي، لذلك هناك دائمًا حاجة إلى استيراده، خاصة أن نسبة استيراد النفط الخليجي بسيطة لا تبلغ 11%، في حين تشتري أميركا 62% من كندا، والباقي من أمريكا الجنوبية والمكسيك.

جاء ذلك، خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي على مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، يوم الثلاثاء 4 فبراير/شباط 2025، بعنوان "النفط في ساحة معارك ترمب التجارية ووكالة الطاقة الدولية".

بدائل النفط الكندي

تحدّث أنس الحجي عن بدائل النفط الكندي التي يروّج الأميركيون لإمكان شرائها، إذ قالوا إنهم يمكنهم الاستيراد من دول أخرى، ولكن هناك كثير من العقبات التي تمنع ذلك.

وأضاف: "إذا أرادوا الشراء من فنزويلا فهم يفرضون عقوبات عليها، كما أن آبار النفط الفنزويلية متهالكة منذ أكثر من 15 عامًا، وتحتاج إلى سنوات عديدة حتى تبدأ الإنتاج مرة أخرى، لذلك لا يمكن الاستيراد منها".

النفط الفنزويلي

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة أن المكان الوحيد الذي يمكن جلب النفط الثقيل منه للتعويض عن النفط الكندي هو منطقة الخليج، وتحديدًا السعودية والكويت والعراق، إذ إن هذه الدول لديها فائض وطاقة إنتاجية فائضة.

ولكن، وفق الحجي، المضحك هنا أن أميركا تحولت بالأصل إلى النفط الكندي، للتخلص من الاعتماد على نفط الشرق الأوسط، فكيف ستعود إلى النفط القادم من هذه المنطقة ليصبح بديلًا عن استيراد النفط الخام من كندا.

وتابع: "هناك أمر آخر مضحك، إذ أعلنت الصين فرض الرسوم الجمركية الإضافية على النفط والغاز المسال المستورد من أميركا، ردًا على رسوم ترمب الإضافية عليها، وهو ما يذكرنا بما فعله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا".

ولفت إلى أن ترودو أعلن أن على روسيا مغادرة أوكرانيا، وأنه سيعاقب موسكو بوقف واردات كندا من النفط الروسي، وحينها حوّله الإعلام إلى بطل ومدح فيه لقدرته على الوقوف أمام روسيا، على الرغم من أن كندا لا تستورد النفط الروسي من الأساس.

النفط الروسي

وأوضح أنس الحجي أن هذا هو ما حدث مع الصين بالفعل، إذ إن وارداتها من النفط والغاز المسال الأميركيين بسيطة ولا تكاد تُذكر، وبالتالي فإن الكلام عن فرض ضرائب وردة فعل على الأميركيين مجرد "كلام فاضي".

مغالطات إعلامية كبيرة

أشار أنس الحجي إلى وجود مغالطات إعلامية كبيرة فيما يخص ضرائب ترمب على النفط الكندي والمكسيكي، إذ قال صحفي في "بلومبرغ"، وهو مشهور بعدائه للسعودية والعرب والمسلمين، إن الضرائب الأميركية، وكذلك الضرائب الصينية على النفط الأميركي، تدل على وجود فائض كبير في السوق.

ويعني هذا الكلام، أن السوق تتحسّن وتحقق التوازن، وهذا الكلام غير صحيح ويدل على جهل كبير، لأن واردات الصين من النفط والغاز الأميركيين بسيطة جدًا، كما أن ترمب -عندما قرر فرض الرسوم- كان يعرف أن الكنديين سيعلنون وضع الجنود على الحدود وسينفقون 1.1 مليار دولار.

قوات من الجيش الكندي
قوات من الجيش الكندي- الصورة من موقع كندا نيوز

لذلك، وفق خبير اقتصادات الطاقة، فإن التعرفة الجمركية على النفط الكندي والمكسيكي لن تُطبّق، وستظل معلّقة حتى نهاية الشهر، مقابل تنفيذهم ما يريد ترمب، وبالتالي لن تكون هناك أي ضرائب، لكن ما فعله ترمب في الشعب الأميركي من أتباعه مهم، لأنه أثار عواطفهم ضد الكنديين والمكسيكيين.

وتابع: "حققت الإدارات الأميركية السابقة، من عهد كلينتون ثم جورج بوش، التكامل والتآلف مع المكسيك وكندا، والآن يحصل العكس، فتتفكّك أميركا الشمالية، ويتصاعد الهجوم على كندا بشكل مريع، لذلك عندما يطالب ترمب بأن تصبح كندا الولاية 51، يشجعه كثير من أنصاره".

لذلك، لا يمكن لأميركا تعويض النفط الكندي، لأن الكمية كبيرة، ومن نوعية خاصة، كما أنه لا يمكن التعويض عنه لا من الإنتاج الداخلي ولا من دول أخرى، لأن كل دول الخليج -مجتمعة- يمكنها زيادة إنتاجها من النفط الثقيل بحدود 1.5 مليون برميل يوميًا خلال الأشهر الـ4 المقبلة فقط.

النفط الكندي

الأمر الأهم، بحسب أنس الحجي، أن النفط الكندي يذهب إلى مناطق معينة داخل أميركا، يسمونها "الغرب الأوسط"، التي تقع في ميشيغان وأوهايو، أي أنه مركز جغرافيًا، فإذا حاولت أميركا شراء النفط السعودي فكيف ستوصله إلى ميشيغان في وسط الولايات المتحدة.

ومن ثم، فإن ترمب لا يمكنه التخلص من النفط الكندي، والكنديون يعلمون ذلك، وبالنسبة إلى النفط الخليجي تحديدًا، فإنه يمكن توصيله إلى خليج المكسيك، ولكن بتكلفة عالية جدًا تتجاوز النفط القادم من كندا، حتى في حال فرض رسوم جمركية بقيمة 25% عليه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق