دراسة: تغير المناخ يرفع أعداد الفئران في المدن الكبرى
محمد عبد السند
- ارتفاع درجات الحرارة يرفع أعداد الفئران في المدن الكبرى
- انتشار الفئران يسهم بنقل العديد من الأمراض إلى البشر
- تؤثّر الفئران في الصحة العقلية للبشر
- مكافحة الفئران تتطلب قطع إمدادات الغذاء عن تلك القوارض
تغذّي ظاهرة تغير المناخ ومظاهر التحضر، معدلات انتشار الفئران بوتيرة سريعة، عبر تهيئة الظروف المثالية لنموّها، في ظل غياب إستراتيجيات فاعلة لمكافحتها والسيطرة عليها.
ويساعد ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن الاحتباس الحراري، على رفع معدلات بقاء الفئران على قيد الحياة، ومن ثم زيادة فرص تكاثرها ونمو اعدادها، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وشهدت المدن التي سجلت أكبر زيادة في الاحتباس الحراري ارتفاعًا حادًا في أعداد الفئران؛ ما يعني أن تلك الكائنات تعاني الأمرَّين خلال ظروف الطقس البارد غير المواتية على الإطلاق لتكاثرها.
ومع تزايد أعدادها على المعدل الطبيعي، تتحول تلك القوارض إلى مصدر إزعاج للبشر، لما قد تسبّبه من أمراض تنتقل إلى الإنسان مثل الحمى والتعب وآلام المفاصل والطفح الجلدي، فضلًا عن مضاعفات أكثر خطورة على الجهاز العصبي.
المناطق الحضرية
تستأثر المناطق الحضرية بنصيب الأسد في زيادة أعداد الفئران الناجمة عن تغير المناخ، وفق ما أظهرته نتائج دراسة حديثة.
ووجدت الدراسة أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، تتوافر المقومات لازدهار الفئران، حتى في ظروف الطقس المتطرفة التي من شأنها أن تحول دون نمو تلك الكائنات.
ويُتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في البيئات الحضرية ما بين 1.9 و 4.4 درجة مئوية بحلول عام 2100، نتيجة زيادة معدلات انبعاثات غازات الدفيئة، بحسب الدراسة.
يقول المؤلف الرئيس للدراسة وأستاذ البيولوجيا في جامعة ريتشموند، جوناثان ريتشاردسون: "ولذا فإننا نتخيل أن تغير المناخ وما ينتج عنه من ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي قد يرفع معدلات بقاء الفئران على قيد الحياة خلال أشهر الشتاء".
وأضاف: "نحن على يقين تامّ من أن زيادة تناول الطعام من شأنه أن يرفع من معدلات تكاثر الفئران؛ ما يسرّع بدوره نمو أعداد تلك القوارض"، وفق تصريحات متلفزة، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
الغطاء النباتي
يرى ريتشاردسون أنّ تراجُع الغطاء النباتي إلى جانب محدودية الموارد المتاحة لمكافحة الفئران يساعدان على "نمو الفئران في العديد من المدن بأميركا الشمالية".
ووجدت الدراسة التي فحصت بيانات الشكاوى العامة والتفتيش في 16 مدينة عالمية، أن معظم الأماكن قد تسببت بزيادة في معدلات نمو انتشار الفئران، لكنها أوضحت أن بعض الأماكن تدير معضلة انتشار الفئران بشكل أفضل من غيرها.
ففي واشنطن دي.سي، على سبيل المثال، يزداد نمو أعداد الفئران بوتيرة أسرع من نظيرتها في نيويورك سيتي بواقع مرة ونصف، وذلك لأن الأخيرة قد اتخذت خطوات فاعلة للسيطرة على معدلات انتشار تلك القوارض.
وفي مدينتَي نيو أورليانز بولاية لويزيانا الأميركية وطوكيو، اللتين لديهما فرق قوية لمكافحة الفئران وتطبّقان أنظمة إبلاغ جيدة من قِبل المواطنين، تبدو أعداد الفئران في تراجع ملحوظ.
وأوضح المؤلف الرئيس للدراسة وأستاذ البيولوجيا في جامعة ريتشموند، جوناثان ريتشاردسون، أن المدن التي تشهد انخفاضًا في أعداد الفئران ربما تمثّل حالات شاذة، وليست جزءًا من توجُّه أوسع، على الرغم من تأكيده أن المواطنين في العاصمة اليابانية طوكيو لديهم استعداد قوي لمراقبة انتشار الفئران والإبلاغ عن ذلك بمواقع التواصل الاجتماعي في إطار إستراتيجية تستهدف حثّ الشركات على تخليص مواقعها من تلك الحيوانات.
أسباب باعثة على القلق
سلّطت الدراسة الضوء على مجموعة من الأسباب الباعثة على القلق إزاء الطفرة المحتملة الحاصلة في أعداد الفئران، بسبب تغير المناخ.
وفي هذا الصدد قال جوناثان ريتشاردسون: إن "الفئران تنقل ما يزيد على 50 مرضًا حيوانيًا، كما أنها تُعدّ عاملًا محتملًا كبيرًا في إصابة الناس ببعض من تلك الأمراض".
وقالت مديرة مكافحة القوارض في نيويورك سيتي كاثيلين كورادي، إن الفئران تُؤثّر سلبًا كذلك في الصحة العقلية للأشخاص، مستشهدةً بدراسة سابقة أظهرت أن التعرّض لتلك الحيوانات يوميًا يزيد مخاطر الإصابة بالاكتئاب بأكثر من 5 أضعاف.
وأضافت: "وحينما تتأمل بعمق مستوى الدخل والعوامل الديموغرافية، يكتسب هذا الموضوع أهمية أكبر بالنسبة للمجتمعات التي تضم الأشخاص غير البيض، ممن يعيشون في المناطق المحيطة بالأفراد البيض".
جهود المكافحة
أكد جوناثان ريتشاردسون أن السيطرة على أعداد الفئران لا تقع على كاهل المسؤولين في المدن وحدهم، بل إن المواطنين كذلك عليهم دور يتعين أن يؤدّوه في الحدّ من انتشار تلك القوارض.
وسلّط الضوء على أهمية الجهود التي يمكن أن تبذلها سلطات المدن في تثقيف المواطنين وتوعيتهم بأهمية السيطرة على نمو الفئران.
وقال: "الشخص العادي يمكنه أن يؤدي دورًا في هذا الشأن من حيث ضمان كون منزله لا تتوافر فيه الظروف التي تدعم نمو الفئران، والتأكد من التعبئة الجيدة لفضلات الطعام والقمامة، ووصولها إلى مكبّات النفايات المخصصة لهذا الغرض".
وتتفق مديرة مكافحة القوارض في نيويورك سيتي، كاثيلين كورادي، مع ريتشاردسون، قائلةً، إن إزالة فضلات الطعام من القمامة تعني "أنك تؤدي مهمة عظيمة في خفض وصول الفئران إلى الطعام، ومن ثم الحدّ من نموها وتكاثرها".
وأوضحت إن مدينة نيويورك سيتي -على سبيل المثال- تعكف حاليًا على مواجهة مشكلة الفئران من خلال قطع إمدادات الغذاء عن تلك الكائنات، عبر استعمال حاويات القمامة على نطاق واسع، وتوعية سكانها بشأن الوقاية، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
لكن مع ارتفاع درجات الحرارة في المدن بفعل تغير المناخ، يتعين تكثيف الجهود الرامية لحصار تلك المشكلة والقضاء عليها.
وقال ريتشاردسون: "في تقديري، من المهم أن نتحول من استعمال مصائد الفئران ومبيدات القوارض التي تقتل تلك الكائنات بصفته حلًا رئيسًا لتلك المشكلة، وعلى المدن البدء فورًا في تبنّي مفهوم الإدارة المتكاملة لتلك الحيوانات، عبر إنهاء الظروف الداعمة لتكاثرها وانتشارها".
موضوعات متعلقة..
- خطايا اتفاق باريس للمناخ بعد 8 سنوات من إقراره (مقال)
- تغير المناخ يهدد 2.4 مليار عامل حول العالم.. وأفريقيا الأكثر تضررًا
- قمة المناخ كوب 26.. بوتسوانا تضرب بتعهداتها عرض الحائط وتشغّل منجمًا للفحم
اقرًا أيضًا..
- ممرات مشاة لتوليد الكهرباء في سلطنة عمان.. ابتكار شبابي
- إيران تتلاعب بالعراق.. تفاصيل تكشف المستور في أزمة الغاز (مقال 2/2)
- توقعات وكالة الطاقة الدولية حول ذروة الطلب على النفط خاطئة.. تفنيد 23 ادعاء لـ"بيرول"
المصادر:
1.العلاقة بين تغير المناخ وزيادة معدلات تكاثر الفئران في المدن الكبرى.