تسعى سوريا إلى تأمين إمدادات الخام والمنتجات المكررة من خلال مناقصات طرحتها وزارة النفط والثروة المعدنية، في خطوة تعكس حاجتها الملحّة لتغطية العجز الحاصل في قطاع الطاقة.
ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تسعى الحكومة الجديدة إلى تجاوز العقبات المالية والإجرائية من خلال اللجوء إلى "وسطاء" سواء من موردين محليين وشركاء إقليميين لتأمين احتياجاتها من النفط الخام والوقود.
وتأتي المحاولات بعد إحجام الشركات الكبرى عن المشاركة في المناقصات الحكومية التي طرحتها مؤخرًا، نتيجة استمرار العقوبات الدولية والمخاطر المالية المرتبطة بالتعاملات مع دمشق.
ويواجه قطاع النفط السوري تحديات كبيرة؛ إذ أدى نقص الوقود إلى تفاقم أزمة الكهرباء؛ ما تسبب في انقطاعات طويلة أثرت في مختلف جوانب الحياة اليومية، وبينما تبدي بعض الدول الإقليمية استعدادها للمساهمة في حل الأزمة؛ فلا تزال التفاصيل حول آليات التعاون وآفاقه غير واضحة.
إحجام الشركات الكبيرة
يواجه الموردون المحتملون صعوبات تتعلق بآليات الدفع؛ إذ تتطلب الشروط الموضوعة من قِبل وزارة النفط السورية سداد قيمة الشحنات بالدولار الأميركي وفق شروط ائتمانية صعبة، بالإضافة إلى تقديم ضمانات مالية كبيرة.
وأدّت التعقيدات إلى عزوف العديد من الشركات عن التقدم للمناقصات المطروحة؛ ما دفع الحكومة للبحث عن بدائل محلية ودولية أكثر مرونة، حسبما أوردت رويترز.
تفاصيل المناقصة الأولى
وفقًا لوثائق المناقصة التي اطّلعت على تفاصيلها منصة الطاقة المتخصصة، تسعى الحكومة السورية إلى استيراد 4.2 مليون برميل من النفط الخام، إضافة إلى 100 ألف طن من زيت الوقود والديزل، على أن يكون التوريد "في أقرب وقت ممكن".
وأُغلق باب التقديم للمناقصة يوم الإثنين 27 يناير/كانون الثاني 2025، لكن لم تجرِ ترسية العقود حتى الآن.
وأوضحت مصادر أن الحكومة السورية تتفاوض حاليًا مع شركات محلية لإتمام عمليات الشراء، بعد إحجام الشركات العالمية عن المشاركة، بسبب عدة عوامل؛ أبرزها استمرار العقوبات الأوروبية والغموض القانوني بشأن رفعها.
وأكد أحد التجار في الشرق الأوسط أن هناك عدم وضوح فيما إذا كانت العقوبات الأوروبية قد خُففت بالكامل، ما يزيد من تعقيد المشهد التجاري والمالي.
ورغم إعلان الاتحاد الأوروبي خطة لتخفيف العقوبات على سوريا بهدف تسريع تعافي الاقتصاد؛ فإن المسؤولين الأوروبيين أكدوا أن أي تخفيف سيكون تدريجيًا وقابلًا للعكس؛ ما يعني أن المخاطر لا تزال قائمة أمام الشركات الراغبة في التعامل مع دمشق.
ومن أبرز العوائق الأخرى التي واجهت المناقصة شروط الدفع؛ إذ تطلب الحكومة السورية من الموردين البيع بنظام الائتمان المفتوح، مع تقديم ضمانات مالية تتراوح بين 200 و500 ألف دولار، وهو شرط وصفه التجار بأنه غير مألوف في سوق النفط العالمية.
مصافي النفط السورية
تزامنًا مع العطاءات الجديدة، تسعى الحكومة السورية إلى تأمين احتياجات مصفاة بانياس ومصفاة حمص، اللتين تُعَدان الركيزة الأساسية لإنتاج الوقود في البلاد.
وبحسب بيانات رسمية، تبحث سوريا عن 3 ملايين برميل من النفط الخام الخفيف لمصفاة بانياس، بالإضافة إلى 1.2 مليون برميل من النفط الخام الثقيل لمصفاة حمص.
وتشهد مصفاة بانياس أعمال صيانة بعد توقفها عن العمل الشهر الماضي بسبب نقص المواد الخام؛ ما أدى إلى تفاقم أزمة الوقود في البلاد، وبينما تسعى الحكومة إلى تأمين الكميات المطلوبة في أسرع وقت؛ فإنها تواجه عقبات تتعلق بمدى استعداد الشركات لتلبية الشروط الموضوعة في المناقصة.
واردات النفط السورية
تشير التقارير إلى أن بعض الدول الإقليمية، مثل قطر والسعودية وتركيا، قد تؤدي دورًا في سد الفجوة النفطية التي تعانيها سوريا من خلال توفير النفط والمنتجات المكررة.
وبحسب مصدر مطلع؛ فإن السعودية أبدت استعدادها لتقديم دعم لسوريا في مجال الطاقة، لكنها لا تزال تنتظر توضيح الاحتياجات السورية بشكل دقيق قبل اتخاذ أي خطوة فعلية.
من ناحية أخرى، أدّت الولايات المتحدة دورًا رئيسًا في تخفيف بعض العقوبات، إذ أصدرت في 6 يناير/كانون الثاني الجاري قرارًا يسمح بالتعاملات النفطية مع سوريا حتى 7 يوليو/تموز 2025؛ ما قد يمنح الحكومة فرصة للاستفادة من إمدادات جديدة.
شروط المناقصات
حددت وزارة النفط والثروة المعدنية في سوريا مجموعة من الشروط الصارمة للمشاركة في العطاءات؛ من بينها ضرورة أن يكون المورد مقاطعًا لإسرائيل، وألا تكون له أي علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع جهات معادية للبلاد.
كما فرضت الوزارة التزامات قانونية صارمة لضمان تنفيذ العقود وفقًا للشروط المحددة، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويتعلق أحد البنود الرئيسة في المناقصة بطريقة التسعير؛ إذ يُحدد سعر النفط المورد استنادًا إلى متوسط سعر خام برنت وفق نشرة "البلاتس"، مع إضافة علاوة يحددها البائع لكل برميل، كما يشترط تسديد قيمة الشحنات بالدولار الأميركي من خلال صكوك معتمدة، مع تقديم وثائق رسمية تثبت منشأ النفط المورد.
موضوعات متعلقة..
- سوريا في طريقها لاستيراد 4.2 مليون برميل نفط
- توقعات إنتاج النفط في سوريا.. هل يتجاوز 200 ألف برميل يوميًا؟
اقرأ أيضًا..
- حريق في مصفاة نفط روسية إثر هجوم بـ49 مسيّرة أوكرانية
- نتائج أعمال شيفرون في 2024 تهبط بالأرباح 17%
- أسعار ألواح الطاقة الشمسية في ليبيا 2025
- توقعات وكالة الطاقة الدولية حول ذروة الطلب على النفط خاطئة.. تفنيد 23 ادعاء لـ"بيرول"
المصدر..