رئيس شركة عالمية يهدم أسس الحياد الكربوني في بريطانيا.. "مكلفة وتضخمية"
أسماء السعداوي
انضم رئيس شركة طاقة عالمية إلى القائمة الطويلة لمنتقدي خطة الحياد الكربوني في بريطانيا بحلول عام 2050، داعيًا إلى سلوك طريق مغاير لحماية موثوقية الشبكة وقيمة أصول الغاز والمواطنين من ارتفاع الأسعار.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة إينيوس إنرجي (Ineos Energy) بريان غيلفاري، أن العالم يحتاج إلى الطاقة كما يحتاج إلى الماء والهواء، ولذلك تستثمر شركته في أصول الدول التي "تفهم" ذلك وعلى رأسها الولايات المتحدة أحد أكبر منتجي النفط والغاز الطبيعي والمسال في العالم.
وحذّر غيلفاري من أنه لا يمكن الاعتماد كليًا على مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، وإلا سيصبح انقطاع التيار والضغط على الشبكة أمرًا لا مفر منه، فضلًا عن ارتفاع أسعار الكهرباء.
وتتجه بريطانيا بقيادة حزب العمال إلى تضييق الخناق على مشروعات النفط والغاز في بحر الشمال بفرض ضرائب استثنائية دفعت شركات عالمية إلى الهروب، بحسب مقال صحفي طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ورغم ذلك، لن تجني لندن الضرائب التي تحلم بها على المديين المتوسط أو الطويل، كما سترد شركات النفط بطريقتها الخاصة على سياسة الحياد الكربوني في بريطانيا.
شركة إينيوس البريطانية
في مقال صحفي نُشر على موقع شركة إينيوس البريطانية، قال الرئيس التنفيذي بريان غيلفاري، إن أسواق الطاقة في المملكة المتحدة وأوروبا تتميز بارتفاع التكاليف والسياسات الحكومية التي يحيط بها الغموض.
وأضاف أن السوق البريطانية على وجه الخصوص ليست جاذبة من الناحية الاقتصادية بالمقارنة بالولايات المتحدة التي تفهم حكوماتها أهمية تحقيق أمن الطاقة على المدى الطويل وبأسعار ميسورة التكلفة.
وتتبنّى حكومة كير ستارمر سياسات بيئية صارمة مناهضة لصناعة النفط والغاز، تجلّت في قرارات مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة وتسريع خفض الانبعاثات، وحظر سيارات البنزين والديزل لصالح السيارات الكهربائية تحقيقًا لالتزامات اتفاقية باريس للمناخ.
على الناحية الأخرى، يسلك الرئيس الأميركي دونالد ترمب طريقًا في الاتجاه المعاكس؛ إذ انسحب -للمرة الثانية- من اتفاقية باريس للمناخ، وألغى تفويض السيارات الكهربائية، "ليشتري المواطنون نوع السيارة الذي يريدونه"، كما أزال الحظر على تصاريح محطات الغاز المسال الجديدة من أجل الاستفادة من ثروات بلاده وخفض الفواتير على المستهلكين.
وفي ضوء ذلك، حذّر الرئيس التنفيذي من أن الاستثمار في قدرات الطاقة الجديدة (المتجددة) "غير مجدٍ اقتصاديًا دون إعانات حكومية"؛ وهو ما قد يجعل سياسات الحياد الكربوني في بريطانيا مكلفة وتضخمية.
ولذلك، ترتفع أسعار الكهرباء في بريطانيا وبلدان أوروبا، لتكون إحدى أغلى المنظومات في العالم أجمع، بحسب بريان.
وانتقد عداء السلطات لموارد الوقود الأحفوري، ما انعكس في تراجع استثمارات النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني، رغم أن معظم المؤسسات تعتقد أن تلك الموارد ضرورية خلال العقود المقبلة.
ولفت إلى تأكيد وكالة الطاقة الدولية أنه يجب التخلص من انبعاثات الوقود الأحفوري، وليس الوقود الأحفوري نفسه.
النفط والغاز في بريطانيا
ألقى الرئيس التنفيذي لشركة إينيوس، بريان غيلفاري، باللوم في تدهور صناعة النفط والغاز في بريطانيا على النظام المالي غير المستقر على مدار عقود متتالية؛ كونه قد قوّض الصناعة بشدة من خلال فرض الحكومات المتعاقبة للضرائب المتقلبة على إيرادات النفط.
وأشار إلى ضريبة الأرباح الاستثنائية؛ إذ رفعت حكومة المحافظين السابقة الضرائب على أرباح مشغّلي الحقول البحرية من 40% إلى 75%، ثم زادتها حكومة حزب العمال الحالية إلى 78%.
وأوضح غيلفاري أن رفع الضريبة إلى 78% كان مدفوعًا بارتفاع أسعار النفط بعد تفشي فيروس كورونا إلى 120 دولارًا للبرميل، وتحقيق شركات النفط الكبرى إيرادات ضخمة.
ورغم انخفاض الأسعار إلى النصف الآن، ما زالت الضرائب الاستثنائية باقية؛ وهو ما يدفع الشركات إلى الهرب من الاستثمار في بحر الشمال بحثًا عن فرص أخرى مُجدية أكثر في أنحاء أخرى من العالم.
وقال: "هرعت الحكومة السابقة إلى فرض الضريبة مدفوعة بنوبة ذعر إعلامية، دون توفير شبكة أمان لخفض الضرائب عند تراجع الأسعار كما يحدث حاليًا".
ونتيجة لذلك الوضع؛ توقع تدهور قيمة أصول النفط والغاز في بريطانيا؛ لأن الحكومة تدير معظمها بنسبة 78% ،فيما تترك 22% فقط في يد الشركات التي تراجعت عن ضخ استثمارات تحافظ على إنتاجية الحقول وقيمتها.
وتابع الرئيس التنفيذي لشركة إينيوس قائلًا: "بيت القصيد هو أن الإجراءات المالية المتشددة للغاية تؤدي إلى تراجع الإيرادات الضريبية على المدى المتوسط إلى الطويل.. هذا هو اختيار الحكومة الحالية؛ لكن الشركات سترد على الرسائل التي تبعث بها".
وهنا، أعرب عن أمله في أن "تفهم" شركة غريت بريتيش إنرجي (Great British Energy) -المعنية بتحقيق تحول الطاقة- أهمية الموثوقية التي توفرها محطات الحمل الأساسي لتوليد الكهرباء بالوقود الأحفوري أو الطاقة النووية دون انقطاع، وإلا سيكون انقطاع التيار والضغط على الشبكة أمرًا لا مفر منه.
واختتم بقوله: "أيًا كان ما سيحدث، ستواصل إينيوس إنرجي تصدير الغاز المسال من أميركا إلى بريطانيا.. وستكتشف وزارة الخزانة أنها لن تجني الضرائب التي كانت ستحصل عليها لو أنتجت الغاز داخل بريطانيا".
موضوعات متعلقة..
- تكلفة الحياد الكربوني في فيتنام تتجاوز 2.4 تريليون دولار.. هل تقوى على تحملها؟
- سياسات الحياد الكربوني المتعصبة.. كيف تأتي بنتائج كارثية للعالم؟ (تقرير)
- تحقيق الحياد الكربوني في آسيا يتباطأ.. خطط مليئة بـ"الثغرات والحلول الزائفة
اقرأ أيضًا..
- مخزونات النفط الأميركية ترتفع لأول مرة في 10 أسابيع
- الكهرباء في العراق تواجه عجزًا بـ26 ألف ميغاواط.. و4 حلول للأزمة
- اكتشاف نفطي في مصر باحتياطيات 8 ملايين برميل
- لدعم الاستدامة.. اليابان تطور إنتاج فحم صديق للبيئة
المصادر: