شهد إنتاج النفط الليبي نموًا ملحوظًا، خلال الأشهر الأخيرة؛ إذ سجلت البلاد معدلات غير مسبوقة منذ أكثر من عقد.
ووفقًا لبيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بلغ إنتاج النفط الليبي، اليوم السبت 25 يناير/كانون الثاني 2025، مليونًا و418 ألفًا و486 برميلًا يوميًا من النفط الخام، يضاف إليها 45 ألفًا و595 برميلًا من المكثفات، ليصل إجمالي الإنتاج إلى مليون و666 ألفًا و978 برميلًا يوميًا.
وتعكس هذه الزيادة مساعي ليبيا لمواكبة أهدافها الإستراتيجية، رغم الأزمات المتكررة التي شهدها قطاع النفط في السنوات الماضية.
واستطاعت ليبيا خلال عام 2024 تحقيق إنجاز استثنائي بتجاوز هدفها المعلن لإنتاج النفط، إذ بلغ الإنتاج مليونًا و417 ألفًا و382 برميلًا يوميًا في آخر أيام ديسمبر/كانون الأول 2024، متخطية المعدل المستهدف البالغ مليونًا و400 ألف برميل يوميًا.
وتأتي هذه الأرقام بعد مدة من التحديات التي أثرت في القطاع؛ بما في ذلك إغلاقات متكررة للحقول النفطية بسبب أزمات سياسية واجتماعية.
ويشير الخبراء إلى أن هذا التطور يُمثل نقطة تحول مهمة في مسار إنتاج النفط الليبي، الذي كان قد شهد تراجعًا حادًا خلال أوقات الأزمات؛ إذ إن هذه الزيادة في الإنتاج لم تشهدها البلاد منذ 11 عامًا.
تفاصيل الزيادة الحالية
تعكس الزيادة الأخيرة في إنتاج النفط الليبي تحسنًا في بيئة العمل داخل القطاع النفطي؛ إذ عاد العديد من الحقول للعمل بعد إغلاقها بفعل نزاعات اجتماعية وسياسية.
ولعل من أبرز تلك الأزمات كان الخلاف حول رئاسة المصرف المركزي الليبي الذي تسبب في توقف الإنتاج لعدة أسابيع في أغسطس/آب 2024.
ومع حل الأزمة، عاد الإنتاج إلى مستويات قياسية؛ ما يعزز التفاؤل بقدرة ليبيا على تحقيق هدفها للعام الجاري 2025، المتمثل في إنتاج مليون و500 ألف برميل يوميًا.
يُذكر أن هذا الهدف أصبح في المتناول بمساهمة عودة شركات نفطية كبرى مثل بي بي البريطانية وإيني الإيطالية وأو إم في النمساوية وريبسول الإسبانية، التي استأنفت أنشطتها الاستكشافية في البلاد بعد غياب استمر 10 أعوام.
وأسهمت هذه الشركات في تحديث البنية التحتية وإعادة تشغيل الحقول المعطلة؛ ما أسهم في رفع الإنتاج.
رؤية مؤسسة النفط الليبية
تسعى المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا إلى تحقيق هدف أكبر يتمثل في إنتاج مليوني برميل يوميًا بحلول عام 2027، لكن هذا الهدف يتطلب استثمارات ضخمة تقدر بـ17 إلى 18 مليار دولار لتطوير البنية التحتية القديمة التي تعود إلى الستينيات.
وتعتمد زيادة إنتاج النفط الليبي على 3 محاور رئيسة، تشمل التوسع في الاستكشاف، وتشغيل الحقول بطرق علمية تضمن الحفاظ على المكامن، وزيادة الإنتاج لتلبية الاحتياجات التمويلية للدولة.
ويعتمد الاقتصاد الليبي بنسبة 90% على عائدات النفط، التي تتراوح بين 16 و19 مليار دولار سنويًا بعد استقطاع نفقات الدعم والرواتب، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتمثل الشراكات مع القطاع الخاص أداة رئيسة لزيادة الإنتاج، من خلال تطوير الصناعات المصاحبة وتحسين كفاءة التشغيل.
الاستثمار في المستقبل
يأتي تسريع معدل إنتاج النفط الليبي في سياق الاستجابة للتحولات العالمية في قطاع الطاقة؛ إذ تسعى ليبيا إلى استغلال ثرواتها النفطية، التي تقدر بـ48 مليار برميل، قبل أن يتراجع الطلب العالمي على النفط بفعل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وفي سياق متصل، تشير توقعات منظمة أوبك إلى تراجع الطلب على النفط بحلول عام 2035، في حين ترى وكالة الطاقة الدولية أن هذه الوفرة قد تنتهي بحلول عام 2032.
وفي هذا السياق، تصبح زيادة إنتاج النفط الليبي ضرورة إستراتيجية، ليس فقط لتأمين الإيرادات الحالية، بل أيضًا لتوفير الموارد اللازمة لتنويع الاقتصاد الوطني.
تحديات زيادة إنتاج النفط الليبي
رغم الإنجازات الحالية؛ فلا تزال التحديات قائمة، فتحقيق هدف إنتاج مليوني برميل يوميًا يتطلب استثمارات أجنبية تصل إلى 6 مليارات دولار سنويًا، وهو تحدٍّ كبير في ظل المناخ السياسي المضطرب.
كما يُشكِّل تحديث البنية التحتية عبئًا إضافيًا؛ إذ تحتاج خطوط الأنابيب والمرافق إلى عمليات صيانة وتجديد شاملة.
ويمثل إنتاج النفط الليبي عاملًا حيويًا في دعم اقتصاد البلاد، لكنه يرتبط بمخاطر وتحديات كبيرة، ويعتمد نجاح ليبيا في تجاوز هذه التحديات على الاستقرار السياسي والقدرة على جذب الاستثمارات، فضلًا عن إدارة القطاع بشكل مستدام يضمن استغلال الموارد على النحو الأمثل.
موضوعات متعلقة..
- جولة لعطاءات النفط والغاز في ليبيا.. طفرة استكشاف تنطلق مع 2025
- هل يحقق إنتاج النفط الليبي مستهدفات 2027؟ مدير "أبحاث الطاقة" يجيب
- بن قدارة: نزيد إنتاج النفط الليبي بسرعة لهذا السبب.. ونتجه إلى استبدال الغاز بالديزل
اقرأ أيضًا..
- سلطنة عمان تعلن سياسة جديدة لتوليد وبيع كهرباء الطاقة المتجددة
- مصر تبحث مع قبرص ممر الطاقة إلى أوروبا.. وحقلان يدعمان الاتفاق
- مشروع قانون المناخ والطبيعة.. هل يهدد مستقبل الصناعة والاقتصاد في بريطانيا؟ (تقرير)
المصدر..