لماذا يكره دونالد ترمب طاقة الرياح؟.. القصة كاملة
محمد عبد السند
ما يزال الكره الشديد الذي يتنامى في صدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إزاء طاقة الرياح مثار جدل الكثيرين ممن يرون أن أسباب هذا العداء واهية، وليست في محلّها.
ووفق متابعات قطاع الرياح في أميركا لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سيطرت حالة من القلق الشديد على مطوري الصناعة العالمية إزاء مستقبلها بعد إعلان فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي أوائل يناير/كانون الثاني الجاري، وجّه ترمب وابلًا من الانتقادات إلى صناعة طاقة الرياح في الولايات المتحدة، مؤكدًا أن خطّته الجديدة ليس بها مكان لهذا المصدر النظيف للطاقة، وأنه لن تُبنى مزرعة رياح واحدة خلال مدة ولايته.
وعلى إثر تلك الانتقادات هَوَت أسهم أكبر 6 شركات طاقة رياح في العالم، بما في ذلك أورستد وفيستاس وسيمنس إنرجي، بنسبة تتراوح بين 6 و7.5% خلال جلسة تداولات 8 يناير/كانون الثاني الجاري.
مصدر رخيص التكلفة
تُعدّ طاقة الرياح أرخص مصدر لتوليد الكهرباء النظيفة في الولايات المتحدة، وهي الحقيقة التي استمرت طوال العقد الماضي، وفق مقال للكاتبة أديل بيترز، التي استقت معلوماتها من تقارير الطاقة السنوية الصادرة عن شركة الخدمات المالية لازارد (Lazard).
وقالت بيترز، إنه عندما أصدر ترمب أمرًا تنفيذيًا في 21 من يناير/كانون الثاني الجاري لوقف تصاريح تطوير مشروعات طاقة الرياح، ناقض الحقيقة المذكورة بقوله، إن تلك المشروعات هي "الشكل الأغلى للطاقة المتوافر لديك حتى الآن".
وتابعت: "على الرغم من أن هناك تقارير حقيقية تصنّف طاقة الرياح مكونًا مهمًا لسدّ احتياجات الكهرباء في أميركا، فقد تجاهل ترمب الفوائد التي يقدّمها هذا المصدر النظيف إلى الشبكة، مكتفيًا بقوله، إن الضوضاء الصادرة عن توربينات الرياح تتسبب في الإصابة بالسرطان (وهذا ليس صحيحًا)"، وإن الرياح تخرب البيئة (وهذا ليس صحيحًا بالمرة)، وإنه إذا توقّف هبوب الرياح، فلن تشاهد ترمب على شاشات التلفاز (وهذا غير صحيح كذلك، لأن الطاقة المتجددة هي جزء من مزيج الكهرباء، وإن البطاريات قادرة على تخزين الكهرباء لاستعمالها وقت الحاجة".
حجج متكررة
قالت كاتبة المقالة، إن إحدى أكثر الحجج المتكررة التي يسوقها ترمب ضد طاقة الرياح هي أن مزارع الرياح قبيحة المنظر، ومن هناك بدأت كراهية الرئيس الأميركي لها".
وفي عام 2006، اشترى دونالد ترمب قطعة أرض على طول الساحل في إسكتلندا لبناء ملعب غولف، ثم علم أن مزرعة رياح بحرية كان من المخطط إنشاؤها في المنطقة.
وبسبب قلقه إزاء المنظر تقدَّم ترمب بشكوى إلى الحكومة الإسكتلندية، واصفًا مزرعة الرياح المخططة إقامتها بأنها سحابة قبيحة المنظر تخيّم على مستقبل الساحل الإسكتلندي".
وقال قطب العقارات والملياردير الأميركي، إنه ينبغي أن تنقَل المزرعة إلى مكان آخر، أو حتى لا ينبغي أن تُبنى من الأساس.
وفي ذاك الوقت لم يكن دونالد ترمب يجاهر بخصومته مع علوم المناخ.
مؤيد للمناخ في البداية
في عام 2009، أي قبل عامين من بدء معركته مع مزرعة الرياح في إسكتلندا، وبينما كان قادة العالم يحتشدون لعقد قمة المناخ في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، وقّع ترمب خطابًا مفتوحًا يدعو فيه لاتخاذ إجراء مناخي، ونُشر هذا الخطاب في صحيفة نيويورك تايمز.
وقال: "إذا ما أخفقنا في العمل الآن، فلن يكون ممكنًا من الناحية العلمية إنكار حقيقة مفادها أنه سيكون هناك عواقب كارثية على البشرية والكوكب الذي نحيا عليه".
من جانبها، تقول كاتبة المقال أديل بيترز: "لا يتضح إذا كان ترمب يستوعب ماذا يعنيه، أو توربينات الرياح لها فوائد، غير أنه ومع تزايُد خصومته مع الحكومة الإسكتلندية، صعّد الرئيس الأميركي شكاويه من طاقة الرياح".
ففي مئات التغريدات المنشورة بحسابه الشخصي في موقع "إكس"، تحدَّث ترمب عن تأثيرات توربينات الرياح السلبية في صحة الإنسان، قائلًا: إنها "تخرب المناطق الجميلة من البلاد، وتشوّه المنظر".
خدعة صينية
بحلول عام 2012، كان يزعم ترمب كذلك أنّ تغيُّر المناخ لم يكن سوى خدعة من جانب الصين، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
كما تحدَّث ترمب عن الأضرار التي تُسبّبها مزارع الرياح للطيور المهاجرة، وهي نقطة حالفه فيها الصواب.
لكن على الرغم من تفاوت التقديرات، فإن أرقام الطيور التي نفقت نتيجة مزارع الرياح لا تمثّل سوى كسورٍ، نسبةً إلى نظيراتها التي قتلتها فئران المنازل أو المباني الطويلة مثل الأبراج المملوكة للرئيس الأميركي نفسه.
كما كرر ترمب مزاعم غير مثبَتة علميًا نشرتها جماعات البيئة، وتشير إلى أن توربينات الرياح تؤذي الحيتان.
اكتمال بناء المزرعة
في إسكتلندا، اكتمل بناء مزرعة الرياح القريبة من ملعب الغولف الذي يمتلكه ترمب، ودخلت حيزت التشغيل في عام 2018، لتنتج كهرباء تكفي لتشغيل 60 ألف منزل.
وتمتلك إسكتلندا حاليًا أعدادًا كبيرة من مزارع الرياح، ونجحت البلاد في توليد كهرباء متجددة تفوق استعمالاتها وذلك بحلول عام 2022، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتشكّل الرياح مصدرًا مهمًا للطاقة في الولايات المتحدة، وصوتت 8 ولايات من الولايات الـ10 التي تعتمد على طاقة الرياح لصالح ترمب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مثل آيوا التي تولّد نحو 60% من احتياجاتها من الكهرباء من الرياح.
وبناءً عليه، فإن تقييد تطوير طاقة الرياح في هذه المناطق من المؤكد أنه سيؤدي إلى زيادة فواتير الطاقة للمستهلكين، بحسب بيان صادر عن الجمعية الأميركية للطاقة النظيفة، بعدما أصدر ترمب الأوامر التنفيذية الجديدة.
موضوعات متعلقة..
- شركات تصنيع توربينات الرياح الصينية ترسّخ مكانتها في السوق العالمية (تقرير)
- صناعة طاقة الرياح في أوروبا تتعثر بسبب المنافسة الصينية وارتفاع التكاليف (تقرير)
- تركيبات طاقة الرياح في العالم قد تتجاوز 2 تيراواط بقيادة الصين (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- موريتانيا توقع غدًا صفقة مع المغرب.. ومشروع الأنابيب الجزائري يتعثر (خاص)
- الربط الكهربائي بين مصر و6 دول يحول القاهرة إلى مركز لتداول الطاقة
- السيارات الكهربائية في كوريا الجنوبية تقتنص حصة ضئيلة.. وخطة إنعاش عاجلة
المصادر:
1.دونالد ترمب يكنّ عداءً دفينًا لطاقة الرياح من مقالة نشرها موقع فاست كومباني.