متى ينتهي النفط في سوريا؟.. 3 سيناريوهات تحدد موعد نفاد الاحتياطيات
سامر أبووردة
يمثل النفط في سوريا إحدى أهم الثروات الباطنية التي أدّت دورًا محوريًا في الاقتصاد الوطني لعقود طويلة.
ورغم تراجع الإنتاج بشكل كبير خلال سنوات الحرب؛ فلا يزال الحديث عن مستقبل هذه الثروة محل اهتمام واسع؛ إذ يتردد في الأوساط الاقتصادية والسياسية السؤال المهم: إلى متى سيستمر النفط في سوريا بصفته موردًا للطاقة والاستثمار؟
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)؛ فإن الظروف الجيوسياسية والاقتصادية المتغيرة، إلى جانب التحديات التي تواجه قطاع النفط في البلاد، جعلت تقدير عمر الاحتياطي النفطي مهمة ملحّة، في ظل مستويات إنتاج متفاوتة بين ما قبل الحرب وما بعدها.
وتختلف الإجابات حول المدة الزمنية التي سيظل فيها النفط موردًا رئيسًا، ورغم عودة بعض الحقول للإنتاج التدريجي؛ فإن القطاع يواجه صعوبات كبيرة مرتبطة بالبنية التحتية والتقنيات المتاحة.
وتزداد أهمية هذا السؤال في ضوء البيانات المتوافرة حاليًا عن الاحتياطي النفطي المؤكد الذي يُقدر بنحو 2.5 مليار برميل، ومع استمرار الجهود لإعادة بناء قطاع النفط في سوريا، يبرز سيناريوهان أساسيان لتحديد المدة المتوقعة لاستهلاك هذا الاحتياطي، بناءً على معدلات الإنتاج الحالية والماضية.
متى ينتهي النفط في سوريا
السيناريو الأول
في عام 2023، بلغ متوسط الإنتاج اليومي من النفط نحو 40 ألف برميل فقط، وهو مستوى متدنٍّ للغاية مقارنة بما كان عليه قبل عام 2011.
وعند هذا المعدل، وبتقسيم الاحتياطي البالغ 2.5 مليار برميل على الإنتاج اليومي، تشير النتيجة إلى إمكان استمرار النفط لمدة 171 عامًا، إذا استمرت مستويات الإنتاج بهذا المعدل.
ورغم أن هذا السيناريو يبدو مطمئنًا من حيث الزمن؛ فإنه يعكس تحديًا كبيرًا في استغلال الثروة بشكل فعّال، ويترك مساحة كبيرة للتساؤل حول مدى قدرة سوريا على زيادة الإنتاج وتحقيق الاستفادة الاقتصادية المثلى من احتياطيها النفطي.
السيناريو الثاني
على النقيض من السيناريو الأول، كان إنتاج النفط في سوريا قبل الحرب، وتحديدًا عام 2010، يبلغ نحو 385 ألف برميل يوميًا.
وفي حال اعتُمد هذا المعدل بصفته معيارًا لإنتاج النفط؛ فإن الاحتياطي الحالي سيستمر لمدة لا تزيد على 18 عامًا فقط، وتعكس هذه المدة المحدودة أهمية البحث عن بدائل إستراتيجية لتقليل الاعتماد على النفط بصفته موردًا رئيسًا.
وفي هذا السياق، يشير خبراء الطاقة إلى أن تحقيق التوازن بين الإنتاج المستدام والاستثمار في تقنيات جديدة لاستخراج النفط سيكون العامل الحاسم لضمان استدامة هذه الموارد لأطول مدة ممكنة.
السيناريو الثالث
حال استمر الإنتاج عند المستوى المُسجل العام الماضي (2024)، البالغ 89 ألف برميل يوميًا، وهو مستوى وسيط بين ما قبل الحرب وما بعدها، فإن الحساب يشير إلى أن الاحتياطي النفطي الحالي سيستمر لمدة 77 عامًا تقريبًا.
وتواجه صناعة النفط في سوريا تحديات كبيرة على مستويات متعددة؛ من أبرزها تدمير البنية التحتية خلال سنوات الحرب، وغياب الاستثمارات الأجنبية في تطوير القطاع، إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة التي تعرقل استيراد المعدات والتكنولوجيا الحديثة. كما أن تناقص كفاءة الحقول القديمة يُزيد تعقيد الأمور.
مستقبل النفط السوري
يعتمد مستقبل النفط في سوريا على عوامل عدة؛ أبرزها مدى نجاح الحكومة الانتقالية في استقطاب استثمارات جديدة وإصلاح البنية التحتية، بالإضافة إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة في تعزيز إنتاجية الحقول.
وفي هذا السياق، فإن هناك 3 سيناريوهات محتملة لتوقعات إنتاج النفط السوري خلال المدة من 2025 و2035، وفقًا لتقرير نشرته شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي.
- السيناريو المرتفع يتوقع وصول إنتاج النفط في سوريا إلى 207 آلاف برميل يوميًا بحلول عام 2035.
- سيناريو الحالة الأساسية يشير إلى متوسط إنتاج يصل إلى 135 ألف برميل يوميًا.
- السيناريو المنخفض يتوقع تراجع الإنتاج إلى 63 ألف برميل يوميًا بحلول 2035.
وفي سياق متصل، قال وزير النفط السوري غياث دياب، إن إنتاج سوريا من النفط حاليًا متدنٍّ جدًا ويقارب 10 آلاف برميل يوميًا، نتيجة خروج معظم الحقول النفطية عن سيطرة الدولة.
وأضاف دياب، في تصريحات خاصة إلى مدير منصة الطاقة المتخصصة عبدالرحمن صلاح: "حاليًا يواجه إنتاج النفط في سوريا تحديات كبيرة، ونحن نعمل جاهدين على تحسين هذا الواقع، وسنعمل على تحسين الإنتاج المحلي وتعزيزه، خاصة إذا عادت الحقول التي هي خارج سيطرة الدولة إلى كنفها".
وبسؤاله عن حجم احتياطيات سوريا من النفط، وهل توقفت عند 2.5 مليار برميل، أم أن هناك تحديثًا لهذا الرقم، قال: "نسعى حاليًا إلى إعادة تقييم احتياطيات النفط في سوريا وإجراء تحديثات عليها للوصول إلى أرقام دقيقة تُعلَن عند توافرها؛ حيث نعتقد أن هناك إمكانات غير مستغلة قد تزيد من احتياطياتنا".
وتابع: "نأمل في عودة الشركات الأجنبية للاستثمار بقطاع النفط السوري خلال المستقبل القريب، ولا سيما مع التحسن المتوقع في الظروف الأمنية والاقتصادية، والعمل مستمر على خلق بيئة استثمارية جاذبة تضمن حقوق المستثمرين وتدعم التنمية المستدامة".
وأشار دياب إلى أن العقوبات المفروضة على سوريا تبقى عائقًا أمام عودة هذه الشركات، داعيًا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في هذه العقوبات، والعمل على دعم جهود الحكومة الانتقالية في إعادة بناء قطاع النفط والثروة المعدنية السوري.
موضوعات متعلقة..
- توقعات إنتاج النفط في سوريا.. هل يتجاوز 200 ألف برميل يوميًا؟
- وزارة النفط السورية.. تحديات ما بعد الحرب وإستراتيجية التعافي
- تكلفة إنتاج النفط في سوريا.. رقم ضخم وغير متوقع
اقرأ أيضًا..
- سوق الكهرباء في بريطانيا تشهد أكثر الأيام صعوبة.. الطاقة المتجددة تربك المشهد
- البصمة الكربونية للغاز المسال.. 33% أعلى من الفحم (تقرير)
- استغلال غاز حقل أرطاوي العراقي يتقدم خطوة مهمة بمشاركة توتال
المصادر..