عميد هندسة الطاقة يكشف السيناريوهات المحتملة لقطاع النفط والغاز عالميًا
داليا الهمشري
يشهد قطاع النفط والغاز بحلول عام 2025 حالة من عدم اليقين في ظل الصراعات الجيوسياسية الحالية، وانخفاض الطلب مقابل فائض المعروض.
وتوقع عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة لدى الجامعة البريطانية في مصر، الدكتور عطية عطية -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن يشهد النفط العالمي استمرار أسعار منخفضة للبرميل في المستقبل القريب، في ظل زيادة المعروض وتراجع الطلب من بعض الدول مثل الصين.
وأكد استمرار الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة بحلول عام 2050 في ظل الاحتياطيات الهائلة من النفط والغاز والفحم التي تضمن ضمان أمن الطاقة لعقود وليس لسنوات، مع استعمال أحدث التقنيات التي تؤدي إلى خفض الانبعاثات، موضحًا أن هذا هو التحدي الذي يجب على صناعة النفط والغاز التغلب عليه.
ولفت عطية إلى أن منطقة الشرق الأوسط تتميّز بوجود وفرة في مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة بصورها كافّة؛ مما يؤهلها إلى أن تكون مركزًا إقليميًا للطاقة.
وتسعى كلية هندسة الطاقة والبيئة لدى الجامعة البريطانية إلى إعداد كوادر على مستوى عالٍ من الكفاءة في قطاعات الطاقة المختلفة من خلال برامج تعليمية متطوّرة في مجالات الطاقة المتجددة والحيوية والنفطية والعمارة البيئية.
وتهدف هذه البرامج إلى العمل على تعزيز جهود البلاد في تحقيق أمن الطاقة، والحفاظ على البيئة، وخفض الانبعاثات الكربونية.
وتؤهل الكلية خريجيها إلى أن يصبحوا قادة المستقبل في مواجهة التحديات من خلال توفير الحلول المستدامة للقضايا الوطنية والدولية والبيئية المتعلقة بمجال الطاقة.
مستقبل الوقود الأحفوري
أوضح الدكتور عطية عطية أن هناك عدة نقاط متداخلة تجعل من الصعب التكهن بسيناريو واحد لمستقبل الطاقة، وإذا ما كان العالم سيتوقف عن الاعتماد على النفط والغاز بحلول عام 2050.
ولفت إلى أن الاحتياطيات العالمية من النفط والغاز والفحم، والدول التي توجد فيها هذه الثروات؛ ستؤدي دورًا في تحديد مستقبل الوقود الأحفوري.
وأشار إلى أن بيانات وكالة الطاقة الدولية تفيد بأن الاحتياطيات النفطية من الزيت الخام على مستوى العالم تتراوح ما بين 1.5 و1.7 تريليون برميل، وهو ما يعادل ما أُنتج من النفط منذ اكتشافه في عام 1859 وحتى الآن، لافتًا إلى أن هذه الاحتياطيات المؤكدة يمكن إنتاجها بأدوات الإنتاج الموجودة -حاليًا-.
بالإضافة إلى أنه يوجد نحو 7 تريليونات برميل من احتياطيات الزيت الخام المحتملة، موضحًا أنه لا يمكن إنتاجها وفقًا للظروف البيئية والاقتصادية والتقنية الحالية، إلا أنه يمكن إنتاجها والاستفادة منها مع مرور الوقت في ظل التطور الهائل في التقنية والذكاء الاصطناعي.
وحول مستقبل السعر العالمي للنفط، توقع عطية استمرار أسعار منخفضة للبرميل في المستقبل القريب، في ظل زيادة المعروض وتراجع الطلب من بعض الدول مثل الصين.
إلا أنه توقع أن تتسبب الصراعات الجيوسياسية في رفع الأسعار على المدى المتوسط، واستقرار انخفاض سعر النفط على المدى الأبعد، واقتصاره على صناعات محدودة في ظل التوسع الكبير بمشروعات الطاقة المتجددة والنووية والهيدروجين.
احتياطيات الغاز الطبيعي
قال الدكتور عطية -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- إن احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة تبلغ نحو 7100 تريليون قدم مكعبة، في حين تتراوح الاحتياطيات المحتملة ما بين 10 و15 ألف تريليون قدم مكعبة.
وأكد أن الاحتياطيات العالمية في قطاع النفط والغاز تكفي لتلبية الطلب لعقود مقبلة، وليست لسنوات، ويجب أن تتحول هذه الثروات من حرقها لتوليد الكهرباء إلى الاستعمال في صناعة العديد من المنتجات ذات القيمة المضافة مثل صناعة البتروكيماويات وغيرها.
وأوضح أن الاحتياطي العالمي من الفحم يبلغ نحو 1.1 تريليون طن متري، مشيرًا إلى أن أميركا تتمتع باحتياطي عالٍ يبلغ نحو 250 مليار طن، في حين تملك روسيا 157 مليار طن، وأستراليا نحو 144، والصين نحو 150 مليار طن.
ولفت إلى أن هذه الدول الكبرى تنتج الفحم وتعتمد عليه بصفة رئيسة في تحقيق أمن الطاقة، وتصدّر فائض الموارد لديها إلى الخارج.
وأشار إلى أنه على الرغم من اكتشاف الفحم خلال العصور القديمة، واستعماله منذ القرن الـ17 وحتى الآن، فإنه ما يزال يشارك بنسبة 20% من مزيج الطاقة العالمي الحالي، حسب تقارير وكالة الطاقة الدولية.
واستبعد الدكتور عطية التوقف تمامًا عن الاعتماد عن مصادر الطاقة التقليدية بحلول عام 2050، في ظل الاحتياطيات الهائلة من النفط والغاز والفحم، وما تؤديه من دور رئيس -حاليًا- في تحقيق أمن الطاقة.
دور محوري
قال عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة لدى الجامعة البريطانية في مصر، إن قطاع النفط والغاز قد أسهم بنحو 25% من إجمالي الناتج المحلي المصري خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما يعكس الأهمية الكبرى لهذا القطاع في الاقتصاد المصري.
وأضاف عطية -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الناتج المحلي في عام 2020 -على سبيل المثال- بلغ نحو 360 مليار دولار، منها 90 مليار دولار لإسهامات قطاع النفط والغاز.
وتابع أن قطاع النفط والغاز يؤدي دورًا محوريًا في الاقتصاد المصري من خلال زيادة الإنتاج والاستكشافات الجديدة، ولا سيما خلال العقد الماضي بعد اكتشاف حقل ظهر عام 2015، الذي يُعد من أكبر حقول الغاز المكتشفة في البحر الأبيض المتوسط.
واستطرد قائلًا إن حقل ظهر الذي يحتوي على احتياطيات مؤكدة تبلغ نحو 32 تريليون قدم مكعبة قد أسهم بصورة كبيرة في سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وأدى دورًا رئيسًا بجانب المقومات الأخرى التي تتميز بها مصر في أن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.
وأشار إلى أن مصر بها احتياطي مؤكد من الغاز الطبيعي يبلغ نحو 2.2 تريليون قدم مكعبة، بالإضافة إلى احتياطي محتمل يبلغ نحو 4.5 تريليون قدم مكعبة، ووصل إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في عام 2015 إلى نحو 4.5 مليار قدم مكعبة.
ولكن بعد اكتشاف حقل ظهر وصل الإنتاج إلى 7.2 مليار قدم مكعبة يوميًا في عام 2020، وبلغ الإنتاج المحلي 7.5 مليار قدم مكعبة في 2021؛ ما جعل البلاد تحقق الاكتفاء الذاتي، وتقلل الاعتماد على الاستيراد.
وكانت وزارة البترول المصرية قد أوضحت أنه سيجري حفر آبار جديدة في حقل ظهر، مع استمرار عمليات التطوير لزيادة الإنتاج.
استثمارات أجنبية ضخمة
أكد الدكتور عطية أن قطاع النفط والغاز المصري نجح في استقطاب استثمارات أجنبية ضخمة خلال العقد الأخير، لافتًا إلى وجود نحو 57 شركة عالمية في مصر -مثل شل وإيني وبي بى وغيرها- بالإضافة إلى نحو 8 شركات مصرية.
كما أشار إلى أن وجود محطات الإسالة قد دعّم موقف مصر اقتصاديًا بوصفها مركزًا إقليميًا للطاقة، موضحًا أن صادرات مصر من الغاز قد بلغت نحو 8 مليارات دولار في عام 2020، و10.50 مليار دولار في 2021، و13 مليار دولار في عام 2022.
ولفت عطية إلى أنه على الرغم من تناقص إنتاج النفط من 700 ألف برميل يوميًا عام 2010 إلى 600 ألف برميل يوميًا عام 2020، ثم انخفاض إنتاج النفط أكثر حاليًا ما دون 600 ألف برميل فإنه يتوقع زيادة في الإنتاج إذا زادت عمليات البحث والتنقيب في البحر الأحمر والمتوسط والصحراء الغربية وغيرها باستعمال أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي في جميع المراحل عن طريق جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
موضوعات متعلقة..
- أسعار النفط تنخفض.. وخام برنت لشهر مارس فوق 76 دولارًا
- أسعار النفط في الشرق الأوسط تلامس مستويات نادرة.. 3 دول عربية أبرز الرابحين
- إنتاج مصر من الغاز الطبيعي ينخفض إلى أقل مستوى منذ 2017
اقرأ أيضًا..
- أكبر 3 اكتشافات غاز في 2024 تستحوذ عليها دول عربية
- سايبم 10000 تستعد لمهمة في مصر.. ماذا تعرف عن السفينة العملاقة؟
- حصري - أول حوار مع وزير النفط السوري: تلقينا وعودًا من بعض الدول لإرسال وقود.. وهذا حجم إنتاجنا من النفط
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة.. تغطية عربية وعالمية لأحداث 2024 وتوقعات 2025