التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةرئيسيةطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

الطاقة الشمسية في الصين تفتح جبهة ضد التصحر.. كيف تستفيد أفريقيا؟

أسهمت في نمو النباتات والحد من سرعة الرياح وحركة الرمال

وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • التصحر يُشكّل تهديدًا بيئيًا كبيرًا في الصين ويغطي نحو 18% من أراضيها.
  • الطاقة الشمسية جزء أساس في إستراتيجية الصين لمكافحة التصحر.
  • يمكن لأفريقيا تبني النموذج الصيني لمكافحة التصحر.
  • مشروعات ناجحة تكشف عن دور الطاقة الشمسية في مكافحة التصحر.

وسط تفاقم التحديات البيئية، أصبحت الطاقة الشمسية في الصين حجر الزاوية في معركة البلاد ضد التصحر، الذي يغطي ما يقرب من خُمس مساحتها الإجمالية؛ ما يعرّض التربة والمناخ والاقتصاد لخطر داهم.

ومع دخول الطاقة الشمسية في الصورة، تغيرت قواعد اللعبة، ولم تعد الألواح الشمسية تقتصر على توليد الكهرباء فحسب، بل باتت أداة فاعلة لمنع تحرك الكثبان الرملية، والحد من التبخر، وزيادة خصوبة التربة في المناطق القاحلة.

وفي إطار جهودها المستمرة لمكافحة التصحر، التي وُصفت بـ"الحرب على الرمال"، عززت الصين برنامجها البيئي بتطوير محطات طاقة شمسية ضخمة في المناطق النائية، مثل شينجيانغ ومنغوليا الداخلية، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وبينما تتصدر الصين المشهد، تقف الدول الأفريقية على أعتاب فرصة استثنائية لتكرار التجربة؛ فمن خلال تبني النهج نفسه، يمكن للقارة السمراء أن تواجه التصحر، وتلبي احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء، وتفتح أفقًا جديدة للتنمية الاقتصادية المستدامة.

الحرب على الرمال في الصين

تعد الحرب على الرمال في الصين من أكبر التحديات البيئية التي تواجه البلاد؛ إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 18% من الأراضي الصينية، أي ما يعادل 7 مرات مساحة المملكة المتحدة، تتأثر بالتصحر، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتتفاقم مشكلة التصحر في الصين نتيجة للتغيرات المناخية، حيث تفقد الأراضي المتدهورة قدرتها على تخزين الكربون، بل تسهم في إطلاق كميات كبيرة من غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي؛ ما يعزز ظاهرة الاحتباس الحراري، ويسرع من تفشي التصحر.

ووفقًا لتقرير نشرته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال قمة كوب 16، شهدت الصين أكبر تحول في المساحات من الأراضي غير الجافة إلى أراضٍ جافة خلال العقود الـ3 الماضية.

وفي إطار جهودها لمكافحة التصحر، أطلقت الصين العديد من المبادرات لاستعادة الأراضي المتدهورة، أبرزها برنامج السور الأخضر العظيم:

  • منذ إطلاقه في 1978، تبنت الصين حلولًا، مثل زراعة الأشجار وتركيب الحواجز الرملية، للحد من التصحر.
  • نجح في حماية 360 ألف كيلومتر مربع من الأراضي المتصحرة وإصلاح 79 ألف كيلومتر مربع.
  • يستهدف زراعة 350 ألف كيلومتر مربع من الأشجار في شمال الصين بحلول 2050 لمنع العواصف الرملية وتثبيت التربة وتحسين خصوبة الأراضي.
  • ساعد البرنامج بين عامي 1980 و2015 على امتصاص قرابة 213 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
إحدى محطات الطاقة الشمسية في الصين
ألواح شمسية في الصحراء - الصورة من إنترستنغ إنجنيرنغ

حلول الطاقة الشمسية في الصين

تعد الطاقة الشمسية في الصين جزءًا أساسيًا من إستراتيجية البلاد لمكافحة التصحر، بحسب تحليل أجراه موقع "كاربون بريف" المعني بالبيئة.

ومن خلال خطة الطاقة المتجددة 2021-2025، تسعى البلاد إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية عبر دمجها مع حلول مكافحة التصحر.

وتكمن الفكرة -التي أطلقتها منذ عامين- في تطوير مزارع شمسية بالمناطق الصحراوية، حيث لم تكن وليدة اللحظة، بل استندت إلى عقود من الخبرة التي تراكمت لدى الشركات الصينية في بناء محطات شمسية بالمناطق القاحلة.

فقد اتخذت الشركات تدابير إضافية لحماية المعدات والبيئة المحيطة، أهمها:

  • بناء أسوار لمنع الحيوانات من الدخول
  • شبكات مضادة للغبار لحماية المعدات من الرمال
  • بناء صفوف من القش لثبات الأرض ومنع تحرك الكثبان الرملية.

ومن هنا، برزت فوائد عدة للطاقة الشمسية في الصحراء:

  • تساعد الألواح الشمسية في الحد من تبخر المياه عن طريق حجب أشعة الشمس، ومن ثم زيادة رطوبة التربة في المناطق الجافة، ودعم نمو النباتات، فقد أظهرت الأبحاث أن الألواح الشمسية يمكن أن تزيد رطوبة التربة بنسب تصل إلى 113.6%.
  • تعمل الألواح الشمسية بمثابة حاجز طبيعي يقلل من سرعة الرياح ويسهم في منع انتشار العواصف الرملية.
  • باتت مزارع الطاقة الشمسية في الصين محركًا اقتصاديًا مهمًا، حيث تتطلب هذه المشروعات تغطية تكاليف المعدات وزراعة النباتات.
  • يعزز تطوير الطاقة الشمسية في الصحاري قدرة الصين على نشر الطاقة المتجددة، فضلًا عن تحسين التربة وتحويل الأراضي القاحلة إلى موارد قيمة.

ورغم التقدم الهائل، فإن الطاقة الشمسية في الصين تواجه تحديات في نقل الكهرباء من المناطق النائية إلى المدن الكبرى، لكنها تعمل على بناء خطوط نقل طويلة المدى.

نجاح مشروعات الطاقة الشمسية في الصين

يمثل مشروع الطاقة الشمسية في صحراء كوبوكي، بمنغوليا الداخلية -التي كانت تُعرف بعاصمة الفحم- نموذجًا لدمج الطاقة المتجددة مع جهود مكافحة التصحر في الصين.

في البداية، اتخذ العاملون في هذه المناطق تدابير مثل إنشاء حواجز رملية وزراعة الأشجار لحماية عملياتهم من العواصف الرملية، ليكتشفوا أن جهودهم أدت إلى نمو الأعشاب في الصحراء.

وأظهرت دراسة لعام 2022 أن قرابة ثلث الأراضي التي تحتضن محطات الطاقة الشمسية في 12 صحراء صينية شهدت نموًا ملحوظًا للنباتات، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

بينما أظهرت دراسة أخرى أن الألواح لا توفر الظل فحسب، بل تعمل على تقليل سرعة الرياح والحد من حركة الرمال، ما يسمح بنمو النباتات.

نباتات تنمو داخل إحدى محطات الطاقة الشمسية في الصين
نباتات تنمو تحت ألواح شمسية في صحراء كوبوكي - الصورة من سي جي تي إن

في الوقت نفسه، استغلت شركات الطاقة الشمسية في الصين الفرص للبحث عن محاصيل مناسبة للزراعة تحت الألواح، مثل العرقسوس، الذي يعزز خصوبة التربة في البيئات القاسية، عن طريق امتصاص النيتروجين من الهواء وتحويله إلى الأرض.

واتجهت إحدى المزارع الشمسية في كوبوكي التابعة لمجموعة "إليون ريسورسز" الصينية المتخصصة في إصلاح المناطق القاحلة، إلى زراعة البطاطس والبطيخ وتربية الأغنام، ويساعد ذلك في تثبيت الرمال وتعزيز الأمن الغذائي.

وخلال ديسمبر/كانون الأول (2023)، نجحت البلاد في ربط محطة طاقة شمسية بقدرة 2 غيغاواط تقع بصحراء كوبوكي بالشبكة، حيث استغلت ألواحًا ثنائية الوجه وهياكل مبتكرة تسمح بتوفير مساحة أكبر للزراعة وتربية الحيوانات.

بالإضافة إلى ذلك، أصدرت الحكومة الصينية في مايو/أيار الماضي توجيهات للاستفادة من الأراضي الصحراوية غير المستغلة في بناء محطات شمسية بالمناطق الشمالية والشمالية الغربية.

مكافحة التصحر بالطاقة الشمسية في أفريقيا

في هذا السياق، يمكن أن تستفيد أفريقيا من فكرة تطوير الطاقة الشمسية لمكافحة التصحر على غرار الصين.

وبحسب تصريحات سابقة للمدير التنفيذي لشركة "إيه آر إنشتيف" -شركة استشارية للاستدامة مقرّها نيجيريا- لاباكي أجيبوي-ريتشارد، أن هذا النموذج يمكن أن يسهم في تلبية احتياجات القارة من الكهرباء، والتصدي لأزمة التصحر، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل.

ورغم الفوائد المحتملة؛ فقد أكدت أهمية أن تكون مشروعات الطاقة الشمسية في القارة السمراء مصممة وفقًا لمصلحة المجتمعات المحلية، مع ضمان الاستدامة البيئية وتحقيق الفوائد الاقتصادية على المدى الطويل.

الخلاصة..

تستفيد الصين من الطاقة الشمسية لمكافحة التصحر وتحسين البيئة في المناطق القاحلة، ويعد هذا النموذج فرصة واعدة لأفريقيا، لتلبية احتياجاتها والتصدي للتحديات البيئية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

  1. الطاقة الشمسية في الصين تعزز الجهود لمكافحة التصحر من كاربون بريف
  2. مشروعات الطاقة الشمسية في صحاري الصين وكيف تستفيد منها أفريقيا من سيمافور
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق