استثمارات الطاقة المتجددة في أفريقيا ترتفع إلى مستوى قياسي (تقرير)

شهدت استثمارات الطاقة المتجددة في أفريقيا ارتفاعًا إلى مستوى قياسي بعد تراجُع يعود جزئيًا إلى تحديات التمويل.

وقد ازداد الاستثمار في قطاع الطاقة في القارة السمراء بعد سنوات من الركود، بقيادة مصادر الطاقة المتجددة، حسب مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)

وفي عام 2023، ارتفعت استثمارات الطاقة النظيفة في جميع أنحاء أفريقيا إلى مستوى قياسي بلغ 36.6 مليار دولار، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 12% (3.8 مليار دولار) عن العام السابق، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وتضاعفت استثمارات الطاقة المتجددة تقريبًا، على مدى السنوات الـ5 الماضية، ونمت استثمارات الوصول إلى الكهرباء بنسبة 30%، وكان النمو صعب المنال وسط مستويات الديون المرتفعة وتكاليف التمويل الباهظة.

تكلفة الطاقة المتجددة في أفريقيا

تقوض تكلفة الطاقة المتجددة في أفريقيا الاستثمار في مصادر التوليد الأخرى، ما دفع إلى موجة من المشروعات الجديدة، خصوصًا الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

جاء ذلك في مقال أعدّه مشرف وحدة الوصول إلى الطاقة لدى وكالة الطاقة الدولية، دانييل ويتزل، وأخصائية الطاقة لدى برنامج باور أفريكا Power Africa، باميلا تشوكا.

ونتيجة لاستمرار الدعم الدولي في الارتفاع، تعمل الدول الأفريقية على جمع المزيد من التمويل لتوسيع نطاق الوصول إلى الطاقة المستدامة والفعّالة من حيث التكلفة، وتجاوز دورة نمو قطاع الطاقة الراكدة.

بدورها، ساعدت الاستثمارات المتزايدة في مصادر الطاقة المتجددة والشبكات والوصول إلى الكهرباء بتغيير الانتكاسات الأخيرة في الوصول إلى الكهرباء التي سُجلت بين عامي 2020 و2022.

وقد أسهم تفشّي وباء كوفيد-19، الذي أعقبه ارتفاع حادّ في الأسعار في أسواق الوقود العالمية بعد غزو روسيا أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة، في تباطؤ الربط بالشبكة الجديدة.

وفي غضون عامين فقط، زاد عدد الأشخاص المحرومين من الوصول إلى الكهرباء بمقدار 13 مليونًا، حيث لم يواكب التقدم النمو السكاني.

وفي عام 2023، انخفض عدد الأشخاص الذين يفتقرون للوصول إلى الكهرباء من 607 ملايين شخص إلى نحو 603 ملايين، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

وأدت الزيادة في أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، التي زادت مبيعاتها 2.5 مرة عن عام 2019، دورًا حيويًا في سدّ هذه الفجوة.

وتشير المشروعات الجديدة في مجال الطاقة النظيفة والوصول إلى الكهرباء إلى مسار تصاعدي مستدام، حيث تتوقع التقديرات الأولية لعام 2024 أن تتجاوز الاستثمارات 40 مليار دولار.

وبحسب تقرير "توقعات الطاقة العالمية" الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن تنمو الاستثمارات بقطاع الطاقة النظيفة في أفريقيا بنسبة تزيد عن 40% في الفترة 2026-2030 مقارنة بعام 2023.

ويرجع ذلك إلى السياسات الجديدة، والتركيز المتزايد على الحدّ من واردات الوقود، وسجلّ حافل بمشروعات الطاقة المتجددة في القارة.

ولتحقيق جميع أهداف أفريقيا في الوصول إلى الطاقة ومعالجة تداعيات تغير المناخ، يجب أن يتضاعف استثمارات قطاع الكهرباء والوصول إلى الطاقة 3 مرات تقريبًا في المدة نفسها.

القطاع الخاص ونمو الاستثمار في الطاقة النظيفة

تشكّل مشاركة القطاع الخاص عاملًا محوريًا لاستمرار نمو الاستثمار في الطاقة النظيفة، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

تاريخيًا، كانت حصة استثمار القطاع الخاص في الطاقة النظيفة بأفريقيا منخفضة، أقل من 50%.

وقد يتغير هذا الوضع، حيث ينمو الاستثمار الخاص، حاليًا، حتى في المجالات الصعبة مثل الوصول إلى الطاقة، وهو التحول الذي يرجع جزئيًا إلى المساعدات الفنية الدولية، بما في ذلك برنامج باور أفريكا.

ويسهّل هذا البرنامج استثمار القطاع الخاص لإطلاق العنان للنمو الذي تشتد الحاجة إليه لتلبية أهداف الوصول إلى الطاقة في البلدان المضيفة.

بالنسبة لمعظم البلدان النامية، تتمثل العقبة الكبرى في تمويل صفقاتها الأولى، حيث يواجه العديد من البلدان تحديات هيكلية في تطوير مشروعات "قابلة للتمويل" قادرة على جذب الاستثمار الخاص.

وبالنسبة لأسواق الطاقة الأكثر نضجًا في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تمثّل التكلفة العالية لرأس المال تحديًا هائلًا، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

في بعض الدول الأفريقية، تكون تكاليف تمويل مشروعات الطاقة النظيفة أعلى مرتين إلى 3 مرات من المشروعات المماثلة في الاقتصادات المتقدمة.

من جهتها، توفر أدوات مثل "مرصد تكلفة رأس المال" التابع لوكالة الطاقة الدولية شفافية قيمة بشأن شروط التمويل والمخاطر في جميع أنحاء القارة.

ومن خلال توفير معايير مالية واضحة، تتيح هذه الموارد للمستثمرين من القطاع الخاص تقييم الإيرادات واتخاذ قرارات مستنيرة، وهو ما يُستشهد به اعتيادًا بصفته عائقًا رئيسًا أمام الحصول على الموافقات على الاستثمارات الجديدة.

توسيع نطاق الاستثمار في الطاقة النظيفة

تعمل النماذج البسيطة والفعّالة على تحسين الوصول إلى التمويل وخفض تكاليف رأس المال.

ومن الأمثلة على ذلك شركة أفريكا غرين كو Africa GreenCo في زامبيا، التي تجمع بدعم من برنامج باور أفريكا Power Africa، المشترين، وهم مزيج من المرافق والجهات الصناعية الكبرى.

وينشر هذا البرنامج خطر تخلُّف أيّ طرف عن السداد، ما يقلل من المخاطر في اتفاقيات شراء الكهرباء، وتكلفة رأس المال.

وتُعدّ زيادة التمويل الميسر من المصادر الدولية أمرًا بالغ الأهمية، إذ تقدّر وكالة الطاقة الدولية أن 35 مليار دولار من التمويل الميسر للطاقة ستكون مطلوبة بحلول عام 2035 لإطلاق العنان لاستثمارات القطاع الخاص اللازمة لتلبية أهداف المناخ والوصول إلى الطاقة في أفريقيا.

ويمكن لحزمة تمويل مخصصة للوصول الشامل أن تساعد في ضمان تخصيص رأس المال لمشروعات الوصول التي غالبًا ما تواجه صعوبة أكبر في جذب اهتمام الممولين، غالبًا بسبب أحجام التذاكر الصغيرة.

على صعيد آخر، يُعدّ زخم الطاقة النظيفة في أفريقيا حقيقيًا ومتزايدًا، ما يؤكد أن الوقت قد حان الآن لحشد الدعم الدولي لتحوُّل الطاقة العادل والمستدام.

ويرى مؤلفا المقال أن هذه هي اللحظة المناسبة لتغيير مسار الطاقة في أفريقيا، وجعل الطاقة الميسورة التكلفة والمستدامة في متناول الجميع.

من جهتها، أبدت وكالة الطاقة الدولية وبرنامج باور أفريكا استعدادهما لمواصلة العمل مع الحكومات والقطاع الخاص لتعزيز جهود الكهربة، اعتمادًا على مبادرة الكهربة القائمة على البيانات في أفريقيا.

ويُعدّ الوصول الآمن إلى الطاقة بأسعار معقولة أمرًا أساسيًا للتنمية والازدهار الاقتصادي، حيث تمثّل تقنيات الطاقة النظيفة، حاليًا، الحل الأقل تكلفة في معظم أنحاء أفريقيا.

موضوعات متعلقة..

• وظائف الطاقة المتجددة في أفريقيا تواجه تحديات مع ضعف الاستثمارات
• الطاقة المتجددة في أفريقيا تحتاج إلى قوانين مُشجعة.. رواندا نموذجًا (تقرير)
• أهداف الطاقة المتجددة في أفريقيا تواجه صعوبات رغم مضاعفة الاستثمارات (تقرير)

اقرأ أيضًا..

• واردات مصر من الغاز الإسرائيلي تتجاوز مليار قدم مكعبة يوميًا
• أسعار شحن السيارات الكهربائية.. مقارنة بين 3 دول عربية (تقرير)
• أغلى 5 دول عربية في أسعار البنزين.. فلسطين تتصدر (مسح)

المصادر..

• تقرير عن ارتفاع استثمارات الطاقة المتجددة في أفريقيا.. من "إي إس آي أفريكا"