بينما تستقبل أوكرانيا عامًا جديدًا، فإنها تودّع اتفاق مرور الغاز الروسي عبر أراضيها للأبد، ويبدأ معه عصر جديد من البحث عن بدائل لتلبية احتياجات البلد الذي مزّقته الحرب قبل نحو 3 سنوات.
ولم تشترِ أوكرانيا الغاز مباشرة من روسيا منذ عام 2015، عندما ضمّت موسكو القرم، ودعمت الانفصاليين في الشرق، لكنها استفادت من الغاز الروسي المنقول إلى أوروبا.
واستقبلت كييف شحنة غاز مسال لأول مرة من الولايات المتحدة في 27 ديسمبر/كانون الأول (2024)، بخطوة وُصفت بالإستراتيجية، وتدفع البلد الأوروبي نحو الاندماج في السوق العالمية.
وفي آخر تحديثات قطاع الغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أعلنت أكبر شركات الطاقة الخاصة في أوكرانيا خططًا لزيادة تلك الشحنات لتحقيق أمن الطاقة، وسط الدمار الذي لحق بالبنى الأساسية المحلية جرّاء الهجمات العسكرية الروسية.
ولتعويض مليار دولار سنويًا كانت تكسبها من اتفاق عبور الغاز الروسي، قررت أوكرانيا مضاعفة رسوم نقل الغاز عبر الشبكة المحلية 4 أضعاف.
أول شحنة غاز مسال أميركية إلى أوكرانيا
في صباح يوم الجمعة الماضية (28 ديسمبر/كانون الأول 2024)، وصلت أولى شحنات الغاز المسال الأميركي إلى محطة ريفيثوسا اليونانية قبل ضخّها بشبكة الغاز الأوكرانية بالتعاون مع مرافق النقل وإعادة التغويز الأوروبية.
وكانت الناقلة "غازلوج سافاناه" (Gaslog Savannah) محمّلة بما يصل إلى 100 مليون متر مكعب من الغاز، ما يعادل 1 تيراواط.
وتقول شركة "دي تي إي كيه" التي اشترت الشحنة (DTEK)، إنها تأتي في إطار جهود أوسع نطاقًا لتعزيز أمن الطاقة في أوكرانيا وأوروبا عبر تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
ويقول الرئيس التنفيذي ماكسيم تيمشينكو، إن ذلك النوع من الشحنات يزود المنطقة بمصدر مرن ومضمون من الكهرباء، ويقلل نفوذ روسيا في منظومة الطاقة.
بدوره، يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة دي تريدينغ (D.Trading) الذراع التجارية لشركة "دي تي إي كيه" ديمترو ساخاروك أن يعزز الوصول إلى إمدادات غاز مسال طويلة الأمد ومرنة من أمن الطاقة، كما أن تنويع المصادر هو المفتاح لتفادي "صدمات" نقص المعروض في أوكرانيا.
وفي ضوء الهجمات الروسية على المرافق المحلية، يبرُز الابتكار والتعاون والتفكير خارج الصندوق بوصفها القواعد الرئيسة لنهج أكبر شركات الطاقة الخاصة لامتلاك قدرات تجارية متطورة تسمح بإدارة تدفقات كبيرة، وربط الأسواق، ما يمنح أساسًا قويًا لتحقيق أمن الطاقة.
وبحسب ساخاروك، فإن أهداف توسُّع الشركة حاملة لرخاء أوكرانيا، سواء من خلال زيادة أحجام الشحنات أو الوجود في أسواق السلع.
وتفصيليًا، تجلب زيادة الأحجام هوامش أرباح أعلى، لكن العقود الخلّاقة والمنسّقة تسمح بإدارة المخاطر في بلد لا ترغب كل الشركات بالعمل فيها مثل أوكرانيا، وفي المستقبل، خلال مرحلة إعادة الإعمار.
وتوجد الشركة التي تأسست عام 2019 في 23 دولة وقدرات توريد في 16 دولة مع إمكان الوصول إلى 22 بورصة في وسط أوروبا وشرقها وجنوب شرقها.
وهنا، أشار ساخاروك إلى الأهمية الحاسمة لتلك القدرات لخدمة مصالح أوكرانيا، إذ تسعى الشركة إلى استغلال تلك المبادلات لسدّ الفجوة بالمعروض وتحقيق القيمة لعملائها.
وأوضح: "نفهم السوق ونحاول بناء منصة أقوى لزيادة الأحجام بما يجلب هامش ربح نحاول تحقيقه.. نعلم كيف ندير تلك الأسواق ونزيل المخاطر منها".
مركز غاز جديد
أشار الرئيس التنفيذي لشركة دي تريدينغ (D.Trading) ديمترو ساخاروك إلى انتهاء سريان اتفاق عبور الغاز الروسي للأراضي الأوكرانية اليوم (31 ديسمبر/كانون الأول 2024) بعد 5 سنوات من إبرامه، متوقعًا نمو حالة عدم اليقين في السوق، وأن يُعاد تشكيل تدفقات الغاز إلى أوروبا.
وهنا أشار إلى تحديات نقل شحنة الغاز المسال الأميركية من اليونان إلى أوكرانيا، بأسعار ميسورة التكلفة.
وبحسب بيان شركة دي تي إي كيه، الذي اطّلعت على تفاصيله منصة الطاقة المتخصصة، جلبت الحرب الدائرة قيودًا على نقل الغاز المسال إلى أوكرانيا، سواء مباشرة أو عبر البحر الأسود.
ولذلك تقرَّر استعمال محطات إعادة التغويز اليونانية وشبكة خطوط الأنابيب العابرة للحدود، مثل ممر الغاز العمودي لنقل الغاز عبر اليونان وبلغاريا ورومانيا والمجر وسلوفاكيا ومولودوفا وأوكرانيا.
وبحسب آخر تحديثات مسار السفينة الناقلة لأول شحنة غاز مسال أميركية إلى أوكرانيا، فإن "غازلوغ سافاناه" في طريق عودتها الآن إلى الولايات المتحدة بعد تفريغ الشحنة في شبكة الأنابيب العابرة للحدود أو عبر المبادلات، بما يفتح الباب أمام توقعات بتحول اليونان إلى مركز غاز ضخم، لتسبق تركيا المجاورة التي تحلم بتقلُّد هذا الدور.
رسوم الغاز في أوكرانيا
أعلنت السلطات الأوكرانية زيادة رسوم نقل الغاز للمستهلكين المحليين 4 أضعاف بدءًا من يوم غد أول يناير/كانون الثاني (2025)، لتعويض خسارة الإيرادات التي جلبها اتفاق عبور الغاز الروسي عبر أراضيها.
وبموجب القرار، سترتفع الرسوم من 126 هريفنيا (2.95 دولارًا) إلى 502 هريفنيا (11.95 دولارًا) عن كل ألف متر مكعب من الغاز.
وبحسب المدير العام للشركة المشغّلة لشبكة نقل الغاز ديمترو ليبا، جاءت 85% من إيرادات الشركة خلال عام 2024 من رسوم نقل الغاز الروسي، في حين تحمَّل المواطنون 15% فقط من التكاليف.
وارتفعت كميات الغاز الروسية المنقولة عبر الشبكة الأوكرانية في 2023 إلى 15 مليار متر مكعب بزيادة بنسبة 8% عن عام 2018-2019.
ورغم أن زيادة الرسوم لن تعوض الإيرادات السابقة، فإن حالة الاقتصاد الاوكراني تطلب قرارات متوازنة وعادلة، بحسب ليبا.
موضوعات متعلقة..
- قطاع الطاقة في أوكرانيا يتعرض لهجمات صاروخية من روسيا (فيديو)
- دول أوروبية تطالب باستمرار الغاز الروسي عبر أوكرانيا
- وقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا يضع الصناعة في أوروبا على حافة الهاوية
اقرأ أيضًا..
- 5 خبراء يضعون توقعات سهم أرامكو 2025.. هل يصل إلى 35 ريالًا؟
- كيف أدار تحالف أوبك+ أسواق النفط في 2024؟.. 8 خبراء يجيبون
- تغيّرات تجارة النفط في 2024.. هذه أكبر الدول المصدرة والمستوردة
- أسعار الوقود في الدول العربية خلال 2024.. مصر تتصدر بزيادات متتالية
المصادر:
- بيان شركة دي تيك الأوكرانية عن شحنة الغاز المسال الأميركية.
- رفع رسوم الغاز في أوكرانيا من وكالة رويترز.
- تصريح الرئيس التنفيذي لشركة دي تريدينغ من إس آند بي غلوبال.