صعدت أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى لها في 2024 خلال تعاملات اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول، مع ترقُّب وقف الإمدادات من روسيا عبر أوكرانيا، بالتزامن مع تزايد الطلب في دول القارة العجوز.
وتترقب دول أوروبا وقف التدفقات الروسية عبر أوكرانيا بداية من غد الأربعاء 1 يناير/كانون الثاني (2025) مع انتهاء اتفاقية العبور بين البلدين، بالتزامن مع انخفاض مستويات تخزين الغاز بأسرع معدل منذ 3 سنوات، ما يُثير مخاوف بشأن استعداد القارة لفصل الشتاء.
وارتفعت أسعار الغاز في أوروبا -وفق بيانات لحظية تتابعها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- نحو 2.5%، بالتزامن مع بدء عملاقة الطاقة الروسية غازبروم خفض الإمدادات إلى أوروبا عبر أوكرانيا، تمهيدًا لوقف الضخ بداية من مطلع العام الجديد.
ومن المقرر أن تنتهي صلاحية الاتفاق المُبرم بين موسكو وكييف التي استمرت 5 سنوات لنقل الغاز الروسي إلى وسط أوروبا بنهاية اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، مع عدم وجود خطط حتى الآن لتجنُّب توقُّف الإمدادات.
أسعار الغاز الأوروبية
بحلول الساعة 10:45 صباحًا بتوقيت غرينتش (01:45 مساءَ بتوقيت مكة المكرمة)، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية في مؤشر "تي تي إف" الهولندي (مقياس أسعار الغاز في أوروبا) لعقود فبراير/شباط، بنسبة 2.54%، إلى 49.08 يورو (51.10 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.
*(اليورو= 1.09 دولارًا أميركيًا)
كما صعدت أسعار الغاز الأوروبية، تسليم مارس/آذار، بنسبة 2.579% إلى 48.29 يورو لكل ميغاواط/ساعة، في حين زادت أسعار عقود مارس/آذار بنسبة 2.68%، إلى 47.27 يورو لكل ميغاواط/ساعة.
وعادةً ما تستعمل شركات الغاز في أوروبا وحدات القياس "غيغاواط" و"تيراواط" في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة من الغاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة من الغاز).
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أيّ اتفاق من شأنه أن يحافظ على تدفّق الغاز الروسي ويفيد ماليًا خصمه في الحرب.
ويأتي توقُّف الإمدادات المقدّمة إلى سلوفاكيا ومجموعة من دول وسط أوروبا الأخرى في الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لمواجهة طقس شديد البرودة في يناير/كانون الثاني.
كما تُستَنفَد المخزونات بشكل أسرع من المعتاد، مما يجعل من الصعب الوصول إلى أهداف التخزين لموسم التدفئة المقبل.
وتتعرض أوكرانيا لضغوط متزايدة من جانب سلوفاكيا للحفاظ على تدفُّق الغاز، إذ هدّد رئيس الوزراء روبرت فيكو بقطع إمدادات الطاقة عن أوكرانيا إذا توقفت الشحنات.
وفي الأيام الأخيرة، دعا رئيس الوزراء السلوفاكي المفوضية الأوروبية إلى التعامل بسرعة مع توقُّف الإمدادات، والذي قال، إنه من شأنه أن يؤدي إلى زيادة أسعار الطاقة بكل مكان في أوروبا.
ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا
أعلنت شركة غازبروم عزمها ضخ كمية منخفضة من الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا اليوم الثلاثاء، في اليوم الأخير قبل انتهاء اتفاق حافظَ على تدفُّق الغاز طوال ما يقرب من 3 سنوات من الحرب.
ومن المرجح أن تتوقف تدفقات الغاز بشكل كامل في الأول من يناير/كانون الثاني، بعد انتهاء اتفاقية العبور التي مدّتها 5 سنوات بين روسيا وأوكرانيا، مما يمثّل خسارة شبه كاملة للسيطرة القوية التي كانت موسكو تتمتع بها ذات يوم على سوق الغاز الأوروبية.
وتعمل دول أوروبا المعتمدة على الغاز الروسي، مثل سلوفاكيا والتشيك والنمسا، على الحصول على إمدادات بديلة، إذ يتوقع المحللون تأثيرًا ضئيلًا في السوق من توقُّف تدفُّق الغاز الروسي.
وفقدت موسكو حصتها المهيمنة من إمدادات الغاز لدول الاتحاد الأوروبي لصالح منافسين مثل الولايات المتحدة وقطر والنرويج منذ غزو أوكرانيا عام 2022، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى خفض اعتماده على الغاز الروسي.
وسجلت شركة غازبروم -التي تسيطر عليها الدولة، والتي كانت ذات يوم أكبر مصدر للغاز في العالم- خسارة قدرها 7 مليارات دولار في عام 2023 وحده، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999.
وبالنسبة لأوروبا، أسهم فقدان إمدادات الغاز الروسي الرخيص في حدوث تباطؤ اقتصادي كبير، وارتفاع حادّ بالتضخم، وتفاقم أزمة تكاليف المعيشة.
ورغم أن أوروبا سارعت إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة، فإن فقدان الغاز الروسي كان سببًا في تفاقم المخاوف الطويلة الأمد بشأن انحدار قدرتها التنافسية العالمية، وخاصة فيما يتصل بالمستقبل الصناعي في ألمانيا.
حرب أوكرانيا
أنفقت روسيا نصف قرن من الزمان في بناء حصة كبيرة من سوق الغاز الأوروبية، التي بلغت في ذروتها 35%، ولكن الحرب في أوكرانيا دمّرت تلك التجارة بالنسبة لشركة غازبروم.
وأُغلِقَ معظم طرق الغاز الروسية إلى أوروبا، بما في ذلك خط يامال-أوروبا عبر بيلاروسيا ونورد ستريم تحت بحر البلطيق الذي فُجِّرَ في عام 2022.
وينقل خط الأنابيب الذي يعود إلى الحقبة السوفييتية عبر أوكرانيا، الغاز من سيبيريا عبر بلدة سودجا -التي أصبحت حاليًا تحت سيطرة الجنود الأوكرانيين- في منطقة كورسك الروسية، ثم يتدفق عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا، وفي سلوفاكيا، ينقسم خط أنابيب الغاز إلى فروع تتجه إلى التشيك والنمسا.
من غير المرجّح أن يتسبب إنهاء صفقة العبور بتكرار ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا لعام 2022، إذ إن الكميات المتبقية صغيرة نسبيًا.
وشحنت روسيا نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا في عام 2023، أي 8% فقط من ذروة تدفّق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر طرق مختلفة في 2018-2019.
وقالت غازبروم، إنها سترسل 37.2 مليون متر مكعب اليوم الثلاثاء مقارنة مع 42.4 مليون متر مكعب أمس الإثنين، كما سيكون وقف الإمدادات عبر أوكرانيا بمثابة ضربة قوية لمولدوفا، الدولة التي كانت ذات يوم جزءًا من الاتحاد السوفيتي.
وستواصل المجر تلقّي الغاز الروسي من الجنوب، عبر خط أنابيب ترك ستريم الواقع على قاع البحر الأسود، على الرغم من حرصها على الحفاظ على المسار الأوكراني أيضًا.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الغاز في أوروبا تصعد 3% وسط مخاوف من انقطاع الإمدادات الروسية
- أسعار الغاز في أوروبا بالقرب من أعلى مستوياتها خلال عام
اقرأ أيضًا..
- سوق النفط في 2025.. تفاؤل حذر على موعد مع سياسات ترمب
- أزمة الطاقة في إيران.. طهران بين براثن العقوبات الغربية ونقص الإمدادات (مقال)
- قدرات الطاقة النووية تسجل طفرة خلال 2024.. ماذا حدث في مصر والإمارات؟
المصادر..
- ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية مع توقع انتهاء صلاحية عبوره إلى أوكرانيا من بلومبرغ
- روسيا تخفض تدفق الغاز عبر أوكرانيا إلى أوروبا من رويترز