سياسات الهيدروجين الأوروبية.. كيف أسهمت في تدمير الصناعة تدريجيًا؟
هبة مصطفى
ظنّ صناع القرار لسنوات أن سياسات الهيدروجين الأوروبية ملائمة بالقدر الكافي لإحدث طفرة في الصناعة، سواء على المستوى المحلي بين دول الاتحاد، أو لإنعاش استثمارات المطورين والمنتجين الخارجية.
وبالنظر إلى خريطة تحديثات قطاع الهيدروجين العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، نجد أن الصناعة سجلت تراجعًا في القارة العجوز على مدار العام الجاري 2024، في ظل مواجهة الشركات والمطورين تحديات جمة.
وبرزت السياسات واللوائح التنظيمية -بجانب تكلفة الإنتاج المرتفعة- بصفتها أحد أبرز تحديات الصناعة، ما يشير إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات الهيدروجين الأوروبية "غير الواقعية".
وبمرور الوقت، انتقد محللون "المبالغة" في إقرار هذه السياسات، واتهموها بأنها وراء تراجع الصناعة.
تطور سياسات الهيدروجين الأوروبية
حاول المنظمون إرساء سياسات الهيدروجين الأوروبية قبل الاندفاع باتجاه تطوير الصناعة، وشمل ذلك تحديد المستهدفات (سواء للإنتاج المحلي، أو الاستيراد)، والأطر المنظمة لذلك.
واستندت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى هذه السياسات، لتأكيد أن تحديد أهداف الهيدروجين في أوروبا دفعها إلى قيادة قطاع الوقود المتجدد.
وكان الاتحاد قد استهدف إنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر من دول الاتحاد بحلول عام 2030، بجانب استيراد 10 ملايين طن إضافية.
وقُوبل إقرار هذه المستهدفات بردة فعل متباينة من قبل الهيئات والأطراف المعنية، ووجه البعض انتقادات إلى مفهوم الاتحاد والمفوضية حول "الهيدروجين المتجدد"، في حين نظروا إلى مستهدفات الإنتاج والاستيراد بوصفها "غير واقعية".
ودعت محكمة المدققين، في يوليو/تموز الماضي، إلى ضرورة تحديث الإستراتيجية المستعملة في تحديد سياسات الهيدروجين الأوروبية، والتوصل إلى "منهجية" مختلفة بحلول نهاية العام المقبل 2025.
واقع صناعة الهيدروجين
يبدو أن واقع صناعة الهيدروجين على مدار العام الجاري -الذي انعكس على تأخّر المشروعات، وإلغاء أو إرجاء خطط الشركات ومستهدفاتها- دفع مشاركين في السياسات ذات الصلة إلى إعادة النظر في مستهدفات الإنتاج.
وطالب كل من نائب المستشار الألماني ووزير الاقتصاد والمناخ روبرت هابيك، ورابطة تجارة الهيدروجين الأوروبية، بتأخير إقرار قواعد إنتاج الوقود الأخضر في دول الاتحاد، لحين خفض التكلفة وضمان استعداد السوق.
وعبّرت الشركات عن تحفظها على مستهدفات الإنتاج في ظل سياسات الهيدروجين الأوروبية القائمة حاليًا، عبر إلغاء مشروعات وإرجاء الجدول الزمني لمشروعات أخرى، ومن بينها شركة المرافق الأوروبية إي أون (E ON) التي تتخذ من ألمانيا مقرًا لها.
وخلال الشهر الماضي، أوضحت "إي أون" أن أحد أسباب ارتفاع تكلفة إنتاج الهيدروجين حاليًا هو القواعد التي يتبعها الاتحاد الأوروبي لأهداف الإنتاج.
وتُشير قواعد الاتحاد الأوروبي للهيدروجين إلى ضرورة إنتاج 42% منه بصورة متجددة (هيدروجين أخضر) بحلول عام 2030.
ويستهدف أيضًا تخصيص 1% من هذا الهيدروجين ومشتقاته بصفته وقودًا بحريًا وجويًا، بدءًا من 2031.
قواعد الاتحاد الأوروبي
من المقرر أن يُدرج الاتحاد الأوروبي هذه القواعد في القانون الوطني بحلول مايو/أيّار العام المقبل، إذ ما زالت -حتى الآن- مطروحة بصفتها توجيهات تنفيذية منذ الكشف عنها في سبتمبر/أيلول الماضي.
ومقابل ذلك، أكد المدير التنفيذي لائتلاف الهيدروجين المتجدد فرنسوا باكيه، أن مستهدفات وقواعد الاتحاد المنظمة لإنتاج الوقود النظيف ليست المتهم الوحيد فيما آلت إليه الصناعة حاليًا.
وأشار إلى أن هناك عوامل عدة ساعدت في تدهور الصناعة، من بينها: التضخم، والسياسات، وضعف البنية التحتية، وغيرها.
وأوضح باكيه أن دمج توجيهات مستهدفات إنتاج الهيدروجين في القانون خطوة ضرورية، لتعزيز اليقين التنظيمي والتشريعي.
وطالب بضخ المزيد من الاستثمارات في شبكات الكهرباء لزيادة قدرتها الاستيعابية، والبنية التحتية لنقل الهيدروجين.
من جانب آخر، ركّز محللون ومعنيون بالصناعة على "الفجوة" بين موردي الهيدروجين ومنتجيه من جهة، والمشترين من جهة أخرى.
وطالب المعنيون بتقديم الدعم اللازم إلى مشتري الوقود النظيف، لضمان عدم تحملهم تداعيات العمل بعقود الفروقات.
موضوعات متعلقة..
- مشروعات الهيدروجين الأخضر في أوروبا تصطدم بسياسات غير ناجعة
- لا مفر من سياسات دعم الهيدروجين حتى تصبح أسعاره مناسبة للمستهلكين (تقرير)
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في أوروبا على المحك.. توقعات بفشل تحقيق أهداف 2030
اقرأ أيضًا..
- واردات الغاز الأوروبية عبر الأنابيب.. روسيا والجزائر وليبيا تسد الفجوة
- سفينة الحفر العملاقة سانتوريني لن تأتي إلى مصر.. ما السبب؟
- حقل البحرين البري.. حكاية أول اكتشاف نفطي في الخليج العربي
المصادر: