تقارير النفطرئيسيةنفط

صادرات النفط الروسي إلى أوروبا تتدفق من دولة آسيوية تربح 250%

أسماء السعداوي

وجدت صادرات النفط الروسي إلى أوروبا طريق عودتها من جديد إلى دول القارة، رغم حظره قبل عامين، ولكن هذه المرة في صورة وقود تستورده مقابل ثمن باهظ.

ورغبة منه في منع إيرادات النفط من الوصول إلى يد الكرملين لتمويل حربه على أوكرانيا في مطلع عام 2022، قرر الاتحاد الذي يضم تحت رايته 27 دولة أوروبية حظر واردات الخام الروسي ومشتقاته النفطية، كما فرض سقفًا سعريًا عند 60 دولارًا للبرميل.

وبحسب آخر تحديثات قطاع النفط لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أصبحت الهند أحد أكبر مصدّري الوقود إلى أوروبا، وخاصة البنزين، ليتضاعف حجم الصادرات إلى القارة العجوز خلال أول 9 أشهر من عام 2024 بأكثر من 50% على أساس سنوي.

كما حلّقت قيمة تلك الصادرات عاليًا لتصل إلى 20.5 مليار دولار، صعودًا من 5.9 مليار دولار في عام 2019، بنسبة زيادة 250% تقريبًا.

المصافي الهندية

لم يكن النفط الروسي خيارًا مفضلًا لدى المصافي الهندية سواء بسبب ارتفاع تكاليف الشحن أو عدم قدرتها على تكريره، وكان يشكّل 2% تقريبًا من إجمالي واردات الدولة الأسيوية.

لكن الخصومات التي قدّمتها موسكو أغرت الهند التي تستورد 88% من احتياجاتها النفطية من الخارج بشراء المزيد لتلبية احتياجات سكانها الأكبر تعدادًا عالميًا، ثم تحولت إلى مركز تكرير عالمي.

ووفق بيانات التكرير لدى منصة الطاقة المتخصصة، تُطور الهند (ثالث أكبر مستهلك ومستورد للنفط عالميًا) مشروعات لرفع قدراتها التكريرية إلى 300 مليون طن متري سنويًا، وثمة مقترحات لرفعها إلى ما يتراوح بين 400 و450 مليون طن متري سنويًا.

وتحولت المصافي إلى تحقيق أرباح ضخمة على ناحيتين، أولاهما هي شراء كميات كبيرة من النفط الروسي بخصومات كبيرة، وثانيتهما تصدير المنتجات إلى الاتحاد الأوروبي.

وتصدّرت المصافي الهندية الخاصة قائمة أكبر المستفيدين من تحويل النفط الروسي إلى وقود باهظ يُصدَّر إلى أوروبا.

وفي الوقت الذي تنشغل فيه المصافي الحكومية بتغذية السوق المحلية، أُتيحت الفرصة للمصافي الخاصة، وعلى رأسها شركة "ريلاينس إندستريز" (Reliance Industries) التي تمتلك صهاريج تخزين عملاقة لتصدير كميات كبيرة إلى أوروبا.

واستغلت الهند شح البنزين والمشتقات النفطية الأخرى في أوروبا نتيجة للتوترات الجيوسياسية العالمية الناتجة عن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لتصدِّر المزيد من شحنات الوقود، ولكن عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مسار طريق رأس الرجاء الصالح وقناة السويس:

مقارنة المسافة بين طريق قناة السويس وطريق رأس الرجاء الصالح

الوقود الهندي

يقول مدير قسم السلع السائبة السائلة في منصة "ستاندرد آند بورز كوموديتس آت سي" (S&P Global Commodities at Sea) بنيامين تانغ، إن المصافي الهندية كثّفت صادراتها إلى أوروبا ودول البحر المتوسط منذ حظر القارة العجوز والمملكة المتحدة للديزل الروسي في العام الماضي (2023).

وارتفعت صادرات الهند من وقود الطائرات إلى أوروبا، لتسجل أعلى مستوى لها في عام 2024 خلال مايو/أيار، عند 126 ألف برميل يوميًا.

كما سجلت صادرات البنزين الهندي إلى أوروبا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم (2024) 104 آلاف برميل يوميًا.

يمثّل ذلك انخفاضًا بأكثر من الضعف عن أكتوبر/تشرين الأول، عندما بلغ حجم الصادرات 215 ألف برميل يوميًا، ونزولًا من 282 ألف برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول السابق.

وهنا، أرجع مدير قسم السلع السائبة السائلة في "ستاندرد آند بورز كوموديتس آت سي" بنيامين تانغ التراجع في الشهر الـ11 إلى فرص المراجحة الأقلّ ربحًا، نتيجة للفارق السعري.

لكنه يتوقع استمرار كون أوروبا سوقًا رئيسة لصادرات الوقود الهندي، بسبب القرب الجغرافي النسبي، وقدرة المصافي على تحقيق معايير الوقود الأوروبية الصارمة.

النفط الروسي

عزا مدير شؤون النفط والغاز في شركة الاستشارات سينرجي (Synergy) راجات كابور، الزيادة في صادرات الوقود الهندي لأوروبا، إلى النفط الروسي الرخيص نتيجة لحظر الاتحاد الأوروبي للشراء المباشر وسقف الأسعار.

ومن العجيب -بحسب كابور- أن الدول الأوروبية التي امتنعت عن شراء النفط الروسي مباشرة من روسيا، مستمرة في الاعتماد على المشتقات النفطية دون فرض توجيهات واضحة بشأن الدولة المنتجة لذلك الخام قبل تحويله إلى وقود.

"هذه المفارقة الاقتصادية تصبّ في مصلحة المصافي الهندية التي وجدت في أوروبا سوقًا مربحة ومستدامة لبيع وقودها.. وما دامت تلك المفارقة الاقتصادية مستمرة، فإن المصافي الهندية في مكانة جيدة تؤهلها للاستفادة من الوضع".

النفط الروسي

وتتزامن الزيادة في صادرات الوقود الهندي إلى أوروبا مع تحول روسيا لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الهند.

وخلال الأشهر الـ9 الأول من عام 2024، بلغ متوسط الواردات النفطية من روسيا إلى 1.7 مليون برميل يوميًا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، ارتفعت واردات الهند من النفط الروسي إلى 4.2 مليون برميل يوميًا دون تغيير عن أكتوبر/تشرين الأول السابق له.

واحتفظت روسيا بصدارة كبار المصدّرين إلى الهند بنسبة 38% في الشهر الـ11، إلى جانب العراق والمملكة العربية السعودية والإمارات والولايات المتحدة على الترتيب.

وقبل أسبوع، أقرّ وزير النفط والغاز الطبيعي الهندي هارديب سينغ بوري بأن روسيا أصبحت أكبر مصدر للنفط إلى بلاده، لتستحوذ على أكثر من 35% من كل الواردات، في تحول جذري من 0.2% في فبراير/شباط (2022).

وفي سياق متصل، نفى محللون وتجّار صحة المخاوف بشأن تراجع حصة النفط الروسي في واردات الهند خلال مدة حكم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، لكن في المقابل قد تتجه نيودلهي إلى استكشاف المزيد من فرص التعاون والتعاقد مع الولايات المتحدة للاستيراد والتخزين، وكذلك الاستيراد من دول أخرى، مثل غايانا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1- تقرير من "ستاندرد آند بورز" عن واردات أوروبا من الوقود الهندي

2- تصريح وزير النفط الهندي عن حصة روسيا من "بيزنس ستاندرد"

3- واردات الهند النفطية في نوفمبر من فاينانشال تايمز

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق