الغاز الروسي يصل متخفيًا إلى أوروبا.. "لا ضمانات فعّالة" (تقرير)
أسماء السعداوي
يلوح موعد انتهاء اتفاق مرور الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية جليًا في الأفق مع نهاية العام الجاري (2024)، ما يثير مخاوف سواء بشأن قدرة أوروبا على تجاوز الشتاء دونه أو عودته ولكن تحت ستار آخر أكثر قُبولًا.
وسيكبّد التوقف الوشيك كلًا من روسيا وأوكرانيا خسائر بمليارات الدولارات، وبسبب عدم الاتفاق على تجديده، شرعت بلدان أوروبية في البحث عن سبل بديلة للوصول إلى إمدادات الغاز وإعادة ترتيب أوراقها تجنبًا للأزمات وخاصة خلال الشتاء حيث يرتفع الطلب لأغراض التدفئة.
وفي هذا الصدد، حذرت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي سابقًا كادري سيمسون من اتفاق يجري التحضير له لاستيراد الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب، قائلة إنه سيسمح باستمرار استيراد الغاز الروسي ولكن تحت اسم أذربيجان.
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، لم يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الغاز القادم من موسكو بعد على عكس النفط ومشتقاته، لكن مع انفجار خطي أنابيب نورد ستريم تراجعت الإمدادات بصورة كبيرة بعد اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في مطلع عام 2022.
الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا
على العكس من بقية أوروبا، ترتبط النمسا وسلوفاكيا والمجر بعلاقات وطيدة مع موسكو، كما أنها أكثر المستفيدين من اتفاق مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا.
وتبحث البلدان الـ3 عن بدائل سريعة مع دخول فصل الشتاء، وسارعت المجر بإجراء مفاوضات مع شركة غازبروم الروسية (Gazprom) لتوريد مزيد الغاز بموجب عقود جديدة في العام المقبل (2025).
يأتي ذلك في الوقت الذي قطعت فيه غازبروم إمدادات الغاز إلى النمسا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنقضي (2024) بعدما قالت شركة "أو إم في" النمساوية (OMV) إنها ستتوقف عن الدفع للشركة الروسية لتعويض حكم غرفة التجارة الدولية الذي يقضى بتعويضها 230 مليون يورو (243.3 مليون دولار) على خلفية توقف سابق للإمدادات الروسية، وفق صحيفة فايننشال تايمز.
كما تبحث شركات الطاقة في سلوفاكيا والمجر خيارات للحصول على الغاز الأذربيجاني من خلال طرق بديلة للخط الأوكراني.
وظهرت أذربيجان في رداء المنقذ، بعدما كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في يوليو/تموز (2024) عن محادثات جارية لاستمرار إمدادات الغاز الأذربيجاني عبر بلاده، رغم استهداف المسيرات الروسية لمرافق الطاقة الأوكرانية.
وتفصيليًا، سيصل الغاز الأذربيجاني إلى الحدود مع أوكرانيا ثم سيتدفق على أوروبا بديلًا عن الغاز الروسي في عملية تبادلية "معقدة".
ولو نجحت تلك المفاوضات، فإنها ستُدر على خزينة كييف المليارات لتكون بديلًا عن مليار دولار سنويًا هي قيمة رسوم مرور الغاز الروسي عبر أراضيها والتي ستخسرها كييف مع توقف سريان الاتفاق.
وبالفعل، أبرمت شركة الغاز السلوفيكية "إس بي بي" (SPP) عقدًا تجريبيًا مع شركة سوكار الوطنية الأذربيجانية (Socar) لشراء الغاز عبر تركيا ودول البلقان.
وفي حالة نجاح ذلك الاتفاق، فمن الممكن أن "يتبعه عقود مهمة في المستقبل"، حسبما يقول نائب وزير الاقتصاد السلوفاكي فلاديمير سيموناك.
ورغم عدم معرفة ما إذا كانت تلك المحادثات مستمرة أو مثمرة من عدمه، يؤكد سيموناك أن المحادثات الأوكرانية -الأذربيجانية جارية لكن نتائجها "محل شك".
كما ينفي مسؤولون وبرلمانيون أوكرانيون احتمالية التوصل لاتفاق رغم نفيهم فشل عقد صفقة مع أذربيجان.
ولم يشارك مشغل أنابيب عبور الغاز الأوكرانية (TSO) في المحادثات، كما لم تتواصل معه أي من الشركات الأوروبية الراغبة في شراء الغاز الأذربيجاني بسبب ارتفاع تكلفة التأمين ضد المخاطر.
الغاز الروسي
تقول مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي سابقًا كادري سيمسون إنه "مازال مسموحًا" للشركات الأوروبية مواصلة شرء الغاز من روسيا كونه غير مدرجًا على قائمة العقوبات ردًا على غزو أوكرانيا، كما تعهدت أوروبا بالتوقف عن شراء الوقود الأحفوري الروسي بعد 3 سنوات في عام 2027.
لكن استيراد الغاز من أذربيجان سيسمح لشركة غازبروم بمواصلة تصدير الغاز الروسي عبر أوكرانيا ولكن تحت مسمى الغاز الأذربيجاني، بحسب سيمسون التي غادرت منصبها قبل أيام.
وإذ وصفت الاتفاق بالمقايضة، قالت سيمسون إنه غير ضروري تمامًا، بل كان من الممكن للشركات الأوروبية شراء الغاز الروسي مباشرة من على الحدود مع أوكرانيا.
ويتفق معها نائب وزير الاقتصاد في سلوفاكيا فلاديمير سيموناك الذي يقول إنه لا يمكن إيجاد ضمانات فعّالة على أرض الواقع بشأن الدولة التي جاء منها الغاز، كما سيكون من المستحيل تقريبًا أن يراقب الاتحاد الأوروبي ذلك.
وأضافت: "حتى ولو سنخسر كل الإمدادات (الروسية)، نعتقد أننا سنتخطى هذا الشتاء وسنتمكن من إعادة ملء مرافق تخزين الغاز في الربيع المقبل".
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة في أغسطس/آب (2024) تصريح لكادري سيمسون تؤكد فيه أن الاتحاد الأوروبي مستعد جيدًا لحلول فصل الشتاء بعد امتلاء مخزونات الغاز في أوروبا بنسبة 90% قبل موعدها في نوفمبر/تشرين الثاني للمرة الثانية على التوالي.
لكن تقديرات المفوضية الأوروبية تقول إن المخزونات لا توفر عادةً سوى ما يتراوح بين 25 و30% من الاستهلاك المحلي خلال الشتاء.
يتزامن ذلك مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بأكثر من الضعف عما كانت عليه خلال شتاء عام 2020، كما يدق المحللون أجراس الإنذار من أن توقف الغاز الروسي فجأة سيرفع الأسعار في عز الشتاء البارد.
موضوعات متعلقة..
- الغاز الروسي إلى الصين يستكشف طريقًا بديلًا عبر قازاخستان (مقال)
- قيمة واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي ترتفع إلى أعلى مستوياتها في 18 شهرًا
- توقف الغاز الروسي إلى النمسا يضعها بمنعطف حرج.. ماذا بعد؟ (مقال)
- إمدادات الغاز الروسي إلى النمسا تتوقف اليوم.. قرار صادم
اقرأ أيضًا..
- حقل نفط عربي باحتياطيات 50 مليار برميل ينتعش بعقد جديد
- أبرز القطاعات المسببة للانبعاثات.. الكهرباء المسؤول الأكبر (إنفوغرافيك)
- قصة أكاديمية أرامكو للتدريب البحري.. إمدادات الطاقة السعودية إلى العالم (فيديو)
- فاتورة الحياد الكربوني الباهظة تثير دعوات لتغيير سياسة الطاقة في بريطانيا