التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

كير ستارمر يهرول وحيدًا في سباق التحول الأخضر.. ورسالة لترمب (تقرير)

أسماء السعداوي

قبل أن يتوجه إلى أذربيجان للمشاركة بفعاليات مؤتمر المناخ كوب 29، وعد رئيس الوزراء وزعيم حزب العمال السير كير ستارمر بقيادة الجهود من أجل حماية بريطانيا من تغير المناخ، لكن "لا يمكننا التحرك بمفردنا"، على حدّ قوله.

وما لم يكن في حساب القائد ذي الـ62 عامًا هو أنه سيكون شبه وحيد بعد تجاهل كبير من زعماء الدول المتقدم للحضور، باستثناء مسؤول أفغاني من حركة طالبان لن يقابله ستارمر.

كما تفاجأ بتصريح صادم من رئيس الدولة المُضيفة إلهام علييف يُثني فيها على النفط والغاز بكونهما "هبة من الله"، وهو القطاع نفسه الذي يعتزم ستارمر زيادة الضرائب عليه، بما يهدد بهروب الشركات، حسب تحديثات قطاع الطاقة البريطاني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وجاء ستارمر إلى السلطة في يوليو/تموز (2024)، حاملًا أهداف خضراء جامحة لتسريع إزالة الكربون من شبكة الكهرباء بحلول 2030، ورفع الحظر الفعلي على بناء مزارع الرياح البحرية، وتبكير موعد حظر سيارات البنزين والديزل 5 سنوات، وصولًا إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

مؤتمر المناخ كوب 29

بفعل التطورات العالمية، وآخرها الأنباء عن اعتزام انسحاب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من اتفاق باريس للمناخ، أصبح مؤتمر المناخ "على شفا الانزلاق في الفوضى"، وأن يتحول إلى نادٍ آخر للثرثرة لا يحقق سوى القليل نحو تحقيق أهداف ملموسة.

وبالأساس، يستهدف مؤتمر المناخ تقييم جهود مكافحة تغير المناخ ومسار تنفيذ توصيات اتفاق باريس الذي وقّعته 197 دولة حول العالم بهدف مكافحة الاحتباس الحراري.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه- أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز المعلومات عن اتفاق باريس للمناخ:

اتفاق باريس للمناخ

ونال اختيار انعقاد قمة هذا العام في أذربيجان انتقادات بسبب انتهاك حقوق الإنسان وإعدام معارضين سياسيين واعتقال نشطاء، حسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

ويبدو أن السير كير ستارمر قد علّق كثيرًا من الآمال على المؤتمر الذي تجاهله معظم نظرائه العالميين، في حين كان ممثل حركة طالبان ورئيس وكالة حماية البيئة الأفغانية مطيع الحق خالص أبرز المشاركين، وتحدَّث عن تأثير تغير المناخ في بلاده.

ولم يحضر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

كما غاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دين لاين، في حين حضرت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، لتكون هي وكير ستارمر الوحيدَين المشاركين بين قادة دول مجموعة الـ7 الصناعية.

وبسؤاله عمّا إذا كان غياب قادة دول العالم عن المشاركة بالمؤتمر قد أحبطه، قال ستارمر، إن المملكة المتحدة حاضرة لإظهار القيادة.

وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة، تفخر المملكة المتحدة بكونها أول الدول الصناعية الكبرى التي تحقق هدف التخلص التدريجي من الفحم، كما أنها رائدة في صناعة الرياح البحرية.

كير ستارمر

خلال فعاليات مؤتمر المناخ كوب 29 اليوم الثلاثاء (12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، فاجأ السير كير ستارمر الجميع برفع مستهدف خفض الانبعاثات في المملكة المتحدة إلى 81% من 78% سابقًا بحلول عام 2035، مقارنة بمستويات عام 1990.

وخلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء (12 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، نفى الحاجة إلى إخبار مواطنيه كيف ينبغي أن يعيشوا لتحقيق الهدف البيئي الطموح.

كما شدد على رغبته في التحرك بحذر فيما يخصّ حياة المواطنين خلال رحلة تحقيق هدف الخفض الكبير للانبعاثات.

وفي تصريحات سابقة، وعد السير ستارمر بأن إزالة الكربون من قطاع الكهرباء بحلول عام 2030 ستخفّض فواتير المستهلكين، وستمنحهم الاستقلال الطاقي، حتى لا يقعوا رهينة لطغاة الوقود الأحفوري، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

مزرعة رياح بحرية
مزرعة رياح بحرية- الصورة من موقع شركة "إي دي إف رينيوابلز يو كيه"

لكن منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) رصدت قرار زيادة فواتير الطاقة بنسبة 10% أو 149 جنيهًا إسترلينيًا بداية من شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم (2024)، وهو ما دفع نحو نصف البريطانيين للتفكير في خفض استهلاك الطاقة خلال أشهر الشتاء الجاري بنسبة 46%.

وعلى صعيد الصناعة، ثمة مخاوف من أن تدفع الزيادة الجديدة في فواتير الطاقة الشركات إلى تعليق عملياتها أو وقفها، نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج، بل والوقوع في براثن الإفلاس.

وبينما اعترف بأن هدف 2030 صعب، قال، إنه يمكن تحقيقه، وما يهمّه هو التأكد من "استقرار فواتير الطاقة" واستقلال الطاقة وتسريع بناء الجيل الجديد من الوظائف.

كان مشغّل نظام الطاقة البريطاني نيسو (Neso) قد أكد أن هدف تحقيق الحياد الكربوني لقطاع الكهرباء بحلول 2030 سيكون عسيرًا وباهظ التكلفة دون تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي تقنيات غير موجودة بصورة كافية على النطاق التجاري حاليًا.

دونالد ترمب

نفى وزير الطاقة والحياد الكربوني البريطاني إد ميلباند تأثير عودة الرئيس دونالد ترمب في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ والتحول بعيدًا عن النفط والغاز.

وقال، إن التحول إلى الطاقة النظيفة لا يمكن إيقافه ولو "بوساطة السيد ترمب"، مضيفًا أن حضوره للقمة المناخية يستهدف تحقيق مصالح بلاده.

كما لم ينفِ مناقشة تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية خلال كوب 29، مؤكدًا أن إحراز تقدُّم في التحول الأخضر هو ما يسيطر على المناقشات بين الشركات والدول.

بدوره، دعا السير كير ستارمر ترمب إلى استقاء الدروس من التاريخ ودعم مسيرة الطاقة الخضراء، واصفًا التحول الأخضر بالفرصة، وليس تحديًا عالميًا.

وقال: "ثمة دول أخرى في هذا السباق (التحول الأخضر)، أريد أن نكون فيه، وأن نفوز به، من أجل المملكة المتحدة"، وسيُقاس ذلك بمدى توافر فرص العمل في السنوات المقبلة.

ويقول محللون، إن عودة ترمب إلى الساحة السياسية هي انعكاس لاتجاه جديد يشكّك في أزمة المناخ، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ووعد ترمب بحظر مزارع الرياح البحرية في أول أيام وصوله إلى البيت الأبيض، إلى جانب زيادة أعمال التنقيب عن النفط والغاز، وإزالة الحظر على تراخيص محطات تصدير الغاز المسال، كما يخطط للخروج من اتفاق باريس للمناخ.

كما اقترح مستشارو ترمب الانسحاب من الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ التي صدّق عليها مجلس الشيوخ في عام 1992، ويبحث مرشّحه لمنصب مدير وكالة حماية البيئة لي زيلدين سحب ما أسماه بـ"القوانين اليسارية"، والتركيز على إطلاق العنان للازدهار الاقتصادي.

وفي مقال له بمجلة "ذا سبيكتاتور" (The Spectator) الأسبوعية البريطانية، اتهم الكاتب روس كلارك خطة التحول الأخضر بتراجع الصناعة، وكونها اعتباطية ومتعصبة وغير مرنة، ولن تحذو حذوها الدول الأخرى.

وتحت عنوان: "فوز ترمب يجعل خطط ميليباند المناخية تبدو أكثر سخافة"، قال كلارك، إن الغاز الأميركي هو من أنقذ أوروبا من أزمة الطاقة بعد اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في 2022.

وعلى الناحية الأخرى، فشلت بريطانيا في استغلال موارد الغاز الصخري وفي بحر الشمال لصالح استيراد الغاز المسال، ومنه الأميركي الذي سيجعل أميركا أكثر ثراءً على حساب البريطانيين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق