الطاقة المتجددة ترفع أسعار الكهرباء في أوروبا.. ما القصة؟
محمد عبد السند
- تعاني أوروبا نقصًا في طاقتي الشمس والرياح
- بعض الدول الأوروبية اضطرت إلى سحب الغاز من مستودعات التخزين
- حصة الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء ارتفعت في بريطانيا
- ألمانيا أضافت سعة طاقة رياح قوامها 3600 ميغاواط في 2023
تَسبّب نقص الطاقة المتجددة في موجة ارتفاع بأسعار الكهرباء في أوروبا خلال الأسبوع الحالي، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأدى انخفاض توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى تشديد القيود على أسواق الكهرباء في أوروبا هذا الأسبوع، مع بلوغ أسعار الكهرباء في ألمانيا أعلى مستوياتها منذ ذروة أزمة الطاقة في عام 2022، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
ودفع نقص الطاقة المتجددة بعض الدول الأوروبية إلى سحب الغاز الطبيعي من مستودعات التخزين لتعويض إنتاج الكهرباء المفقود من مصادر الطاقة النظيفة.
ويسلّط ارتفاع أسعار الكهرباء في أوروبا الضوء على انعدام موثوقية أنظمة الطاقة المتجددة عند حدوث ظروف طقس معينة مثل غياب السطوع الشمسي أو نقص هبوب الرياح.
وقد تدفع تلك التحديات الحكومات والشركات إلى إعادة تقييم سياساتها بشأن التحول إلى اقتصادات منخفضة الكربون، ومحاولة تحقيق توازن بين أمن الطاقة وأهداف المناخ.
أسعار الكهرباء في أوروبا
صعدت أسعار الطاقة في أوروبا إلى مستويات هي الأولى من نوعها منذ أزمة الطاقة في 2022، خلال هذا الأسبوع، ولم تكن الحرب الروسية الأوكرانية أو التوترات الجبوسياسية وحدها هي العامل الأوحد الذي أشعل فتيل تلك الأزمة، ولكن شاركهما في ذلك نقص توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، وهي أنماط طقس شائعة جدًا خلال فصل الشتاء، وفق وكالة بلومبرغ.
ووسّعت أوروبا سعة إنتاج الطاقة الشمس وطاقة الرياح، غير أنها ما تزال تعتمد على المواد الهيدروكربونية المكلفة بوصفها مصدر طاقة إستراتيجيًا.
فعلى الرغم من أن ألمانيا، على سبيل المثال، تولّد ما يزيد على 49 غيغاواط من سعة طاقة الرياح خلال الأيام التي تشتد خلالها العواصف، لم تنتِج الدولة الأوروبية سوى قرابة 1% فقط من هذا المصدر النظيف للطاقة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وإن كانت مصادر الوقود الأحفوري باهظة التكلفة تسد تلك الفجوة.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني (2024) لم تنجح المملكة المتحدة سوى في تلبية 4% فقط من الطلب على الكهرباء في ساعات الذروة الصباحية والمسائية من طاقة الرياح، في حين تجاوزت نسبة الكهرباء المولدة بالغاز الطبيعي 60% من مزيج الطاقة لديها.
وبذلك ارتفعت حصة الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء لدى بريطانيا إلى أعلى مستوى لها في عام، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
معضلة كبيرة
تشكّل الفترات التي لا يمكن خلالها سوى إنتاج القليل من طاقتي الشمس أو الرياح معضلةً كبيرةً للبنية التحتية الطاقوية التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.
ويُنظَر إلى المرونة والتخزين على نطاق واسع على أنهما وسيلتان للتخفيف من حدة الإمدادات المتقطعة، غير أنه لا يمكن تحقيقهما بالسرعة اللازمة.
ويعني نقص الرياح أن المنطقة قد شهدت أكبر انخفاض في احتياطيات الغاز حتى الآن في موسم التدفئة هذا، وفق ما أظهرته بيانات جمعية غاز إنفراستراكشر يوروب (Gas Infrastructure Europe) التي تمثل مصالح مشغلي البنية التحتية للغاز الأوروبيين.
وبينما تظل مستودعات التخزين ممتلئة بنسبة تزيد على 94% في المتوسط، حصل الانخفاض خلال فترة من الطقس المعتدل نسبيًا قبل الأشهر الباردة.
وعلى الرغم من أن ألمانيا قد أضافت سعة طاقة رياح قوامها 3 آلاف و600 ميغاواط خلال العام الماضي (2023)، فإنها لم تضف سوى 80 ميغاواط من سعة إنتاج البطاريات، بحسب وحدة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس المعروفة اختصارًا بـ"بلومبورغ إن إي إف" (BloombergNEF) والتابعة لشبكة بلومبرغ.
ألمانيا.. مثال صارخ
في 6 نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، ارتفعت أسعار الكهرباء في الساعة لدى ألمانيا خلال ساعات الذروة، إلى ما يصل إلى900 يورو (967 دولارًا) لكل ميغاواط في الساعة، مسجلةً أعلى مستوى سعر للساعة في أكبر اقتصاد لدى أوروبا منذ نهاية الصيف وأوائل خريف عام 2022.
*(اليورو= 1.08 دولارًا أميركيًا)
وإلى الشرق من ألمانيا، وتحديدًا في بولندا فعّل مشغل شبكة الكهرباء في بولندا بي إس إي (PSE) ما يُسمى حالة الطوارئ في سوق السعة الكهربائية خلال 6 نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، بحسب ما أوردته بلومبرغ.
وقال المساعد الباحث في شركة أورورا إنرجي ريسيرش (Aurora Energy Research) برانافا مينون، إن المسار إلى أهداف الحياد الكربوني "يتطلب أكثر من النشر السريع لمصادر الطاقة المتجددة"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي هذا السياق تتضح -كذلك- أهمية بناء خيارات تخزين طويلة الأجل ومحطات كهرباء عاملة بالغاز.
ودأبت المملكة المتحدة التي أوقفت تشغيل آخر محطة كهرباء عاملة بالفحم في وقت سابق من العام الحالي (2024)، على حل مشكلات انقطاع الكهرباء عبر استيراد المزيد منها من دول أخرى خلال فترات انخفاض طاقة الرياح والشمس.
ومع ذلك، كان نقص الرياح هذا الأسبوع واسع النطاق في جميع أنحاء أوروبا.
موضوعات متعلقة..
- الاهتمام الزائد بطاقة الرياح في بريطانيا "خطر حقيقي".. لماذا؟
- احتجاز الكربون في بريطانيا يصدم الحكومة.. 4 مشروعات متأخرة لسنوات (تقرير)
- الطاقة المتجددة في بريطانيا.. هل تحقق الحكومة الجديدة وعودها؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- خبير: اكتشاف الغاز في الأردن يكفي المملكة 60 عامًا
- مصادر: حقل ظهر المصري يستقبل سفينة حفر عملاقة قريبًا.. وهذه مهمتها
- ما هو الغاز المسال؟.. ودور غير مسبوق للجزائر عربيًا وعالميًا