يواجه قطاع الغاز المسال في ألمانيا عزوفًا من قبل التجّار، سواءً في تسليم الشحنات المستوردة أو المشاركة في عطاءات بناء محطات استيراد جديدة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ومع اقتراب حلول فصل الشتاء وارتفاع الطلب على الغاز المسال لأغراض التدفئة، ربما يكون التطور مؤشرًا على خطر يهدد سلسلة التوريد، ويفضح اعتمادها الشديد على الواردات المتقلبة.
وكانت ألمانيا أكبر مستوردي الغاز المسال الروسي قبل غزو أوكرانيا في عام 2022، وتسببت تفجيرات خطوط أنابيب نورد ستريم في أزمة طاقة دفعتها إلى الشراء من بلدان أخرى لتلبية الطلب في أكبر اقتصاد أوروبي وأكبر مستهلكي الغاز بين دول الاتحاد الأوروبي الـ27.
وفي أغسطس/آب المنصرم (2024)، امتلأت مرافق تخزين الغاز الطبيعي في ألمانيا، لتصل إلى 90% قبل شهرين من الموعد الذي وضعته المفوضية الأوروبية في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، لكن المخزونات لا تلبي سوى ما يتراوح بين 25 و30% من الاستهلاك خلال الشتاء.
واردات ألمانيا من الغاز المسال في 2024
اشتكت شركة "دويتشه إنرجي تيرمينال" المشغّلة لمحطات الغاز المسال في ألمانيا المملوكة للدولة (Deutsche Energy Terminal) من التجّار الذين قرروا تحويل مسار عدد من الشحنات إلى دول أسيوية سعيًا لتحقيق أرباح أعلى.
وقال المدير الإداري للشركة بيتر روتغين، إن ما يتراوح بين شحنتين و3 شحنات لم يصل إلى ألمانيا؛ إذ اختار التجّار دفع رسوم مقابل عدم التسليم وبيع الشحنات التي كان مقررًا بالأصل توصيلها لألمانيا إلى دول أخرى في آسيا.
وتفرض الشركة المملوكة للدولة رسوم إعادة تغويز على التجّار بموجب عقود التسليم أو الدفع حتى في حالة عدم تسليم الشحنات، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة بلومبرغ.
وللحيلولة دون تكرار مثل تلك الواقعة، حاولت ألمانيا إضافة بند في بعض العقود يُلزم التجّار بالتسليم، أو دفع غرامة تعادل قيمتها 1% من القيمة الإجمالية لشحنة الغاز المسال إلى ألمانيا.
واقع الغاز المسال في ألمانيا
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، كانت ألمانيا صاحبة أكبر إضافات لمحطات استيراد الغاز المسال بين الدول الأوروبية عند 16 مليار متر مكعب.
وتوقّع معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (ieefa) عدم استعمال ثلاثة أرباع قدرات محطات الغاز المسال في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، بسبب الطلب الذي سجّل تراجعًا بنسبة 20% على أساس سنوي في النصف الأول من 2024.
كما انخفض متوسط استعمال تلك المحطات بنسبة 50% خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق تقرير اطّلعت على تفاصيله منصة الطاقة المتخصصة.
وفي ألمانيا، استعدت برلين لمخاوف نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار عبر إقامة محطات عائمة جديدة للتخزين وإعادة التغويز، وفق تقرير لمنصة "ناتشورال غاز انتيليغنس" (naturalgasintel).
وأكد مدير دويتشه إنرجي تيرمينال أندري روتغن، خلال مؤتمر في برلين أمس الثلاثاء (الأول من أكتوبر/تشرين الأول)، فشل عطاء أُقيم في يونيو/حزيران المنصرم (2024) في جذب أيّ مزايدين للاستثمار بمحطتين عائمتين لاستيراد الغاز المسال في ألمانيا.
وعزا المسؤول عزوف التجّار عن المشاركة إلى الارتفاع الكبير جدًا في الأسعار التي تقررها شركة "دويتشه إنرجي تيرمينال" لأسباب تنافسية.
وترى ألمانيا أن المحطات الجديدة تفتح المجال أمام التجّار لجلب الغاز من كل مكان في العالم إلى أوروبا، كما تعزز تنوع المصادر، لكن على الناحية الأخرى، شهدت ألمانيا إلى جانب دول أوروبا الأخرى شتاءً معتدل البرودة لأسباب، من بينها تغير المناخ.
وفي المقابل، يرى النائب الأول للرئيس في الشركة أندري شوكي أن الشتاء معتدل البرودة مع القفزة في واردات ألمانيا من الغاز المسال قد تضع السوق المحلية في خطر، إذ سيتعيّن عليها مواجهة ارتفاع الأسعار مع ضرورة الحفاظ على أمن الطاقة عبر تأمين الإمدادات في حالة نشوب أزمة طاقة أخرى.
وفي العام الماضي (2023)، ارتفع حجم واردات الغاز المسال ليتجاوز 5.5 مليون طن متري من 10 دول تتصدرها الولايات المتحدة بنسبة 85%.
واستقبلت منصات التخزين وإعادة التغويز العائمة 4 ملايين طن من الغاز المسال الأميركي في 2023.
كما انخفض استهلاك الغاز في ألمانيا بنسبة 2% على أساس سنوي في النصف الأول من 2024، بينما ارتفعت واردات الغاز المسال بنسبة 10% على أساس سنوي.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تصدُّر الولايات المتحدة كبار مصدّري الغاز المسال إلى ألمانيا في 2023:
موضوعات متعلقة..
- فضيحة الهيدروجين في ألمانيا.. تحقيق يكشف تطورات صادمة
- الهيدروجين الأخضر.. ألمانيا تطالب الاتحاد الأوروبي بإرجاء لوائح تنظيم الوقود النظيف
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة الإماراتي: أوبك+ يقوم بعمل "نبيل" يحمي العالم من الفوضى
- وكالة الطاقة الدولية: زخم مشروعات الهيدروجين مستمر.. وضعف الطلب العقبة الأكبر
- مدير روساتوم: الضبعة من أكبر المشروعات عالميًا.. وهذه خططنا للجزائر وأفريقيا (حوار)