الطاقة النووية في أميركا.. لماذا أصبحت الخيار المفضّل لشركات مراكز البيانات؟
خالد بدر الدين
- كونستليشن إنرجي توقع اتفاقية مدتها 20 عامًا، لتزويد مايكروسوفت بالطاقة النظيفة
- مايكروسوفت تحصل لأول مرة على مفاعل نووي مخصص لها بنسبة 100%
- إعادة تشغيل مفاعل كونستليشن بعد 5 سنوات من الإغلاق بسبب أسوأ حادث للطاقة النووية بأميركا
- استفسارات برامج تشات جي بي تي ChatGPT تحتاج إلى نحو 10 أضعاف كهرباء البحث على غوغل
- إعادة تشغيل الوحدة 1، بمفاعل كونستليشن، يتطلب إنفاق 1.6 مليار دولار
سادت التوقعات المتشائمة بشأن مستقبل الطاقة النووية في أميركا خلال السنوات الأخيرة، مع زيادة التوجه إلى مصادر الطاقة الشمسية والرياح، في إطار مسار تحول الطاقة وإستراتيجية الحياد الكربوني لعام 2050.
ورغم ذلك، فقد شهد قطاع الطاقة النووية انتعاشة قوية خلال الشهرين الماضيين، مع توجه عدد من الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات إلى توقيع اتفاقيات شراء طويلة للكهرباء مع شركات مالكة لمحطات نووية في البلاد، بحسب تقرير حديث اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ووقّعت شركة كونستليشن إنرجي (Constellation Energy)، خلال الشهر الماضي، اتفاقية شراء طويلة الأجل للكهرباء لمدة 20 عامًا، مع إحدى محطات الطاقة النووية في أميركا بولاية بنسلفانيا.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تأمين احتياجات الطاقة اللازمة لمراكز بيانات شركة مايكروسوفت في منطقة وسط المحيط الأطلسي، عبر تزويدها بمصادر كهرباء موثقة وخالية من الكربون.
اتفاقيات الطاقة النووية في أميركا
وقعت شركة كونستليشن إنرجي هذا العقد مع الوحدة الأولى بمحطة الطاقة النووية ثري مايل آيلاند (Three Mile Island nuclear powe) التي عادت كانت مغلقة منذ عام 2019 لعدم الجدوى الاقتصادية.
وتعرّضت المحطة، الواقعة في جزيرة ثري مايل آيلاند على نهر سسكويهانا في ولاية بنسلفانيا، لأسوأ حادث للطاقة النووية التجارية بأميركا في 1979؛ نتيجة الانهيار الجزئي لمفاعل الوحدة 2، ما أثر في أداء المحطة وجعلها تعمل بمفاعل واحد منذ عام 1985، بحسب تقرير نشرته إدارة معلومات الطاقة الأميركية (مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2024).
ووافقت مايكروسوفت على شراء الكهرباء لمدة عقدين، وذلك للمرة الأولى التي تحصل فيها على مفاعل نووي مخصص لاستعمالاتها بنسبة 100%، ما يبرز الاهتمام المتزايد بمحطات الطاقة النووية في أميركا، من قبل شركات مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي في البلاد.
ولم تكن صفقة مايكروسوفت الأولى في هذا المجال، فقد سبقها إلى ذلك شركة أمازون ويب سيرفيس (Amazon Web Services) في مارس/آذار الماضي، عبر توقيع صفقة مماثلة لشراء 960 ميغاواط من محطة طاقة نووية تقع -أيضَا- في ولاية بنسلفانيا.
لماذا لجأت مراكز البيانات إلى الطاقة النووية؟
على الرغم من أن بناء محطات الطاقة النووية في أميركا وغيرها مكلف تاريخيًا، لكنها تولّد كهرباء عادة بتكاليف تشغيل منخفضة نسبيًا، إذ تبلغ قدرة المفاعل الواحد 800 ميغاواط أو أكثر.
كما تنتج المحطات النووية الكهرباء دون انبعاثات مباشرة، وهو ما جعل شركات التقنية المستثمرة في مراكز البيانات كثيفة استهلاك الكهرباء تلجأ إليها لتلبية أهداف خفض الانبعاثات التي فرضتها على ذاتها.
ولا يتقلّب الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات في أثناء النهار بالطريقة نفسها التي تحدث للطلب في المساكن والعديد من الشركات الأخرى، بل عادة ما يحتاج مشغلو مراكز البيانات إلى إمدادات ثابتة ومستمرة من الكهرباء على مدار الساعة.
وتضمن طبيعة التوليد المستمرة في المحطات النووية توفير كهرباء كافية على مدار الساعة وبالكثافة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات، خلافًا لمحطات الطاقة الشمسية والرياح المتقلبة حسب ظروف الطقس، التي تحتاج إلى بطاريات ضخمة لمعالجة طبيعتها في التوليد.
وتشير بعض التقديرات إلى أن توسع مراكز البيانات في الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في شركات التكنولوجيا العملاقة مثل: ميتا، وأمازون، وغوغل، سيؤدي إلى تضاعف طلبها على الكهرباء حتى تتمكن من تقديم خدماتها الرقمية للجمهور عبر هذه التقنيات.
وتحتاج عمليات الاستفسار عبر برامج تشات جي بي تي (ChatGPT) إلى 10 أمثال الكهرباء التي تحتاج إليها عمليات البحث على محرك غوغل، بحسب تقديرات بنك غولدمان ساكس الأميركي.
تراخيص إعادة تشغيل المحطات النووية
اتجهت شركة مايكروسوفت إلى شراء الكهرباء من شركة كونستليشن إنرجي، لتتمكن من الوفاء بالتزامها بأن تكون جميع عملياتها خالية من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030، لكنها لم تذكر أيًا من مراكز البيانات ستشغله محطة ثري مايل آيلاند النووية.
وتأمل شركة كونستليشن إنرجي في تشغيل مفاعل الوحدة 1 في عام 2028، غير أن إعادة تشغيله وغيره من المحطات النووية في أميركا تتطلّب موافقة من اللجنة التنظيمية النووية الأميركية، بالإضافة إلى تصاريح من الوكالات الحكومية والمحلية.
ورغم أن الشركة لا تسعى حاليًا للحصول على دعم حكومي، فإن إعادة تشغيل مفاعل الوحدة 1 تتطلّب إنفاقًا يصل إلى 1.6 مليار دولار لاستعادة المعدات، بما في ذلك التوربينات والمولدات ومحولات الطاقة الرئيسة وأنظمة التبريد والتحكم، بحسب تقرير منشور على موقع وكالة بلومبرغ.
لم تعلن الشركتان شروط الاتفاقية المبرمة بينهما، في حين قالت شركة كونستليشن إنه قبل إغلاق مفاعل الوحدة 1 بمحطة ثري مايل آيلاند النووية عام 2019 كانت قدرتها تبلغ 837 ميغاواط، بما يكفي لتزويد أكثر من 800 ألف منزل بالكهرباء.
ويُنظر إلى إعادة تشغيل المحطات النووية المتعطلة بوصفها أقل تكلفة من بناء مفاعل جديد من الصفر، ولذلك وعدت الحكومة الفيدرالية -مؤخرًا- بتقديم قرض بقيمة 1.5 مليار دولار لإعادة تشغيل محطة باليساديس النووية، التي أُغلقت في عام 2022.
ويأتي تصاعد الاهتمام بصناعة الطاقة النووية في أميركا بعد توقف أكثر من 10 مفاعلات عن العمل خلال العقد الماضي تقريبًا، في مواجهة المنافسة المتزايدة من الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة الأرخص تكلفة.
موضوعات متعلقة..
- كثافة طلب الذكاء الاصطناعي على الكهرباء.. هل توفّره المفاعلات النووية الصغيرة؟ (تقرير)
- قدرة المحطات النووية العاملة في العالم تقل 5 مرات عن الطاقة الشمسية
- الطاقة النووية في روسيا تستعد لطفرة.. إضافة 34 مفاعلًا جديدًا
اقرأ أيضًا..
- حظر تمويل الوقود الأحفوري.. ماذا حققت مناقشات الدول "القلقة" الجديدة؟
- صناعة الهيدروجين العالمية قابلة للتطور.. ومستهدفات 2030 "غير واقعية"
- حافلات كهربائية في مصر لخدمة النقل الجماعي