تقارير الطاقة النوويةرئيسية

تقنية تفاعل الاندماج النووي بالليزر القوي.. هل تولد الكهرباء قريبًا؟ (تقرير)

خالد بدر الدين

اقرأ في هذا المقال

  • تقنية الاندماج النووي تختلف عن الانشطار في المحطات النووية الحالية
  • الولايات المتحدة أجرت تجارب سرّية على الاندماج النووي في الثمانينيات
  • شركة أميركية ناشئة تجرّب عمليات الاندماج النووي عبر أجهزة ليزر ضخمة
  • أول مفاعل اندماج نووي قد يتصل بشبكة الكهرباء منتصف ثلاثينيات القرن الحالي
  • إذا نجحت التجارب يمكن توليد كهرباء بكميات ضخمة ستغير مسار البشرية

يحاول العلماء استغلال تقنية تفاعل الاندماج النووي لتوليد كميات وفيرة من الكهرباء النظيفة والرخيصة، دون انبعاث ضارة، بما يحقق أمن الطاقة والحياد الكربوني في العالم.

وتختلف تقنية الاندماج النووي، القائمة على دمج نواتَي هيدروجين معًا، عن عمليات الانشطار في محطات الطاقة النووية الحالية، والتي عادةً ما ينتج عنها نفايات مشعّة يصعب التخلص الآمن منها، بينما يمكن لتقنية الاندماج إنتاج كميات هائلة من الطاقة دون نفايات، بحسب دراسات حديثة اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وأجرت الولايات المتحدة أبحاثًا سرّية حول الأسلحة النووية في أعماق صحراء نيفادا خلال ثمانينيات القرن الـ20، من بينها تجارب لمعرفة ما إذا كان تفاعل الاندماج النووي -وهو مصدر طاقة الشمس- يمكن أن يحدث على الأرض في بيئة محكومة.

وكان من المعروف على نطاق واسع بين الفيزيائيين أن نتائج التجارب كانت واعدة، رغم أنها سرّية، ما جعل مرفق الإشعال الوطني (إن آي إف NIF) في كاليفورنيا يستعمل أشعة ليزر قوية لتحفيز تفاعل الاندماج النووي.

وأنشأت الحكومة الأميركية هذا المرفق في كاليفورنيا في أواخر القرن الـ20، بعد إجراء تلك التجارب السرّية، لمعرفة مدى قدرة الليزر على إشعال كريات الوقود النووي لتحفيز التفاعلات الاندماجية.

تفاعل الاندماج النووي لأول مرة

استغرق العلماء وقتًا أطول بكثير مما كان متوقعًا، فبعد أكثر من عقد من العمل، حققوا تقدمًا كبيرًا بأواخر عام 2022، وأجروا أول تجربة تفاعل اندماج نووي محكومة لإنتاج طاقة تفوقت على طاقة الليزر القوي، بحسب تقرير نشره موقع BBC.

وجذبت التقنية انتباه اثنين من طلاب الدراسات العليا الشباب العاملين في مختبر لوس ألاموس الوطني في أواخر العقد الأول من القرن الـ21، وهما كونر جالواي، وألكسندر فاليس، المهتمين بتقنية تفاعل الاندماج النووي.

مرفق الإشعال الوطني
مرفق الإشعال الوطني

وأنشأت الحكومة الأميركية مختبر لوس ألاموس، الذي يقع بالقرب من مدينة سانتا فيه، بولاية نيو مكسيكو، في الأصل عام 1943، موقعًا سريًا للغاية لتطوير الأسلحة النووية الأولى، وبات الآن منشأة بحث وتطوير تابعة للحكومة.

ويعتقد جالاوي وفاليس أن أشعة الليزر الأكثر قوة ستساعد على تحفيز تفاعل الاندماج النووي بصورة فعالة، ما قد يمكّنها من توليد كميات ضخمة من الكهرباء للشبكة الوطنية، ما دفعهما لتأسيس شركة إكسايمر Xcimer لتطوير هذه الأبحاث، ومقرّها مدينة دنفر، بولاية كولورادو.

رغم أن مرفق الإشعال الوطني في كاليفورنيا قد اكتفي بالليزر الذي يمكنه ضخ 2 ميغاجول من الطاقة، فقد خطط جالاوي وفاليس لتجربة أجهزة الليزر التي يمكنها إنتاج ما يصل إلى 20 ميغاجول من الطاقة، كما جاء في تقارير بحثية تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويعتقد هذان الباحثان أن الليزر الذي يمكنه ضخ 10 إلى 12 ميغاجول هو الملائم لمحطة توليد تجارية، إذ ستسمح أشعة الليزر الأكثر قوة لشركة إكسايمر باستعمال كبسولات وقود أكبر وأبسط من التي استعملها المرفق لإتقان عملية تفاعل الاندماج النووي.

طرق الاندماج النووي العلمية

شاركت شركة إكسايمر عشرات المؤسسات حول العالم، التي تحاول بناء مفاعل اندماج نووي فعال، وقدّمت لها مساعدات من خلال طريقتين رئيستين، الأولى بتحطيم كريات الوقود بالليزر ضمن فئة اندماج الاحتواء بالقصور الذاتي، والأخرى معروفة باسم الاندماج بالاحتواء المغناطيسي.

مفاعلات الاندماج النووي
مفاعلات أبحاث الاندماج النووي -الصورة من Interesting Engineering

ويُعرف اندماج الاحتواء بالقصور الذاتي في الفيزياء (Inertial confinement fusion) بأنه تحفيز عملية الاندماج النووي برفع درجة حرارة كريات الوقود، التي تتكون من مخلوط من الديوتيريوم والتريتيوم، وضغطها بدرجة عالية جدًا.

أمّا الاندماج بالاحتواء المغناطيسي (Magnetic confinement fusion)، فيعتمد على توليد الطاقة باستعمال حقل مغناطيسي قوي لاحتواء وقود الاندماج، الذي يحدث في درجات حرارة مرتفعة جدًا على شكل بلازما.

شكوك في عملية الاندماج النووي

يتساءل العلماء عن كيفية استخراج الحرارة المتولدة في أثناء تفاعل الاندماج النووي، للاستفادة منها في أداء أنشطة اقتصادية، مثل تشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء.

ويعبّر البروفيسور إيان لوي من جامعة جريفيث بأستراليا، بأنه لم يرَ حتى الآن شرحًا مقنعًا لكيفية إدارة عملية سحب الطاقة، مع الحفاظ على استمرار تفاعل الاندماج النووي، رغم أنه أمضى حياته المهنية الطويلة يعمل في أبحاث وسياسات الطاقة.

ويدعم البروفيسور لوي تطوير تقنية تفاعل الاندماج النووي، غير أنه يجادل فقط بأن المفاعلات من هذا النوع لن تُنشأ بالسرعة الكافية للمساعدة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومعالجة تغير المناخ، وربما لن تكون متاحة على المستوى التجاري قبل 2050.

الاندماج النووي يحلل الفولاذ

يعتقد الباحث الأسترالي أن تفاعلات الاندماج تنتج جزيئات عالية الطاقة تؤدي إلى تحلّل الفولاذ، أو أيّ مادة أخرى تبطّن قلب المفاعل، غير أن العاملين بصناعة تفاعل الاندماج النووي يشعرون أنه يمكن التغلب علي هذه الصعوبات، لكنهم لا ينكرون التحديات الهندسية.

تفاعل الاندماج النووي
تفاعل الاندماج النووي - الصورة من pc mag

تخطط شركة إكسايمر لتجربة الليزر لمدة عامين، قبل بناء غرفة تتحمل استهداف كريات الوقود، بينما ستكون المرحلة الأخيرة إنشاء المفاعل، الذي يأملون أن يتصل بشبكة الكهرباء في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.

ولتمويل المرحلة الأولى من عمل الشركة، جمعت إكسايمر 100 مليون دولار، لبناء منشأة في دنفر، ونموذج أولي لنظام الليزر، غير أن هناك حاجة أيضًا إلى مئات الملايين من الدولارات الإضافية لبناء مفاعل يتحمل عملية تفاعل الاندماج النووي.

وإذا نجحت التجارب، فإن حلم الحصول على كهرباء رخيصة وخالية من الكربون بكميات ضخمة سيكون قريب المنال، وربما يغير مسار تقدم البشرية على حدّ قول فاليس، أحد مؤسسي الشركة.

موضوعات متعلقة ..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق