لماذا لا يحدث تحول الطاقة بالسرعة الكافية؟.. 4 أسباب (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
- تحول الطاقة يكافح في قطاعات الحديد والصلب والأسمنت والشحن
- عوامل اقتصادية وسياسية وتقنية تعوق تقليل الانبعاثات بالوتيرة المطلوبة
- استثمارات تحول الطاقة تحتاج إلى 200 تريليون دولار للوصول إلى الحياد الكربوني
- نجاح تحول تحول الطاقة يتطلب إعطاء الأولوية للانتقال العادل والمستدام
ما يزال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لا يحدث بالسرعة الكافية، لتسريع عملية تحول الطاقة الضرورية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
وعلى الرغم من التقدم الكبير المحرز في اعتماد الطاقة المتجددة، خاصة في قطاعي النقل والكهرباء، فإن التحول ما يزال يجد صعوبة في قطاعات أخرى، مثل الحديد والصلب والأسمنت والشحن والطيران.
وتوجد عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وتقنية تعوق تقليل الانبعاثات بالوتيرة المطلوبة، فرغم نمو استثمارات الطاقة المتجددة والتقنيات منخفضة الكربون لمستويات قياسية، فإنها ليست كافية لتحقيق تحول الطاقة الشامل، خاصة مع استمرار الاستثمار في مصادر الوقود الأحفوري.
وتشير التقديرات إلى أن العالم بحاجة إلى أكثر من 184 تريليون يورو (202.4 تريليون دولار أميركي) من الاستثمارات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وفي مؤتمر كوب 28، اتفقت الدول على تسريع تحول الطاقة من خلال تضاعُف قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة، ومع ذلك، استمرت الانبعاثات في الارتفاع، لتصل إلى مستويات قياسية في عام 2023.
1- تقنيات تحول الطاقة ما تزال غير ناضجة
يُمثّل التقدم التقني ضرورة ملحّة في القطاعات ذات انبعاثات غازات دفيئة كبيرة، لكن أغلب التقنيات النظيفة لم تصل بعد إلى مرحلة النضج؛ فمن خلال تقنية "باور تو إكس- Power-to-X" يمكن استعمال الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة في التحليل الكهربائي للماء اللازم لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بحسب تقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي..
وبصفة عامة يشير مصطلح "باور تو إكس" إلى تحويل الكهرباء لناقل آخر للطاقة، مثل الهيدروجين أو أيّ وقود آخر منخفض الكربون.
ويمكن لتعزيز استعمال الهيدروجين الأخضر، إلى جانب غاز ثاني أكسيد الكربون المحتجز، أن يسهم في خفض انبعاثات الصناعات التي يُصعب تحولها بعيدًا عن الوقود الأحفوري، مثل الصلب والأسمنت، وكذلك استعمالات محتملة أخرى في قطاع الطيران، لكن ما تزال تكلفة إنتاج الهيدروجين وهدر الطاقة الناتج عن عملية الإنتاج يمثّلان عائقًا كبيرًا أمام تعزيزه بالسرعة الكافية.
كما يمكن الاستفادة من تقنية احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله في الصناعات التي يصعب فيها خفض الانبعاثات بكفاءة، أو تكون عملية الخفض ذات تكلفة عالية، لكن التقنية ما تزال في حاجة إلى المزيد من التطور.
2- عوائق الكهربة
في أغلب القطاعات، يعني التخلص من الوقود الأحفوري التحول نحو الكهرباء النظيفة، ولكن بطء وتيرة تحديث الشبكة لاستيعاب قدرات الطاقة المتجددة يمثّل عائقًا في هذا المجال.
وتناسب عملية الكهربة قطاعات السيارات والمركبات التجارية الخفيفة، بخلاف الصناعات الثقيلة مثل الطيران والشحن والمركبات الثقيلة، إذ لا يمكنها التوقف وإعادة شحن بصورة متكررة.
وفي القطاعات التي يصعب فيها استعمال الكهرباء، يمكن أن يكون وقود الديزل المتجدد ووقود الطيران المستدام (SAF) بدائل فعالة للوقود الأحفوري، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وعلى الرغم من انخفاض التكاليف الأولية، فإن السعر المرتفع للوقود المتجدد، الذي قد يتجاوز تكلفة الوقود الأحفوري 3 أو 4 مرات، يظل عائقًا رئيسًا.
ومع ذلك، فإنه فرق التكلفة سيكون ضئيلًا في حالة الأخذ في الحسبان التكاليف الإضافية للانبعاثات وتلوث الهواء المحلي وغيرها من القضايا.
3- الافتقار إلى السياسات المتّسقة وزيادة الاستثمارات
في حين عدم إجماع على أفضل نهج للتخلص من الوقود الأحفوري، يتفق الخبراء على أن السياسات الواضحة والمتّسقة ضرورية لتشجيع الاستثمار في تحول الطاقة، وهو ما ينقص العالم حاليًا.
ومن أجل استمرار الاستثمارات القوية في الطاقة المتجددة، تحتاج الشركات إلى وجود طلب قوي على منتجاتها في المدى الطويل، ما يعني الحاجة إلى رؤية سياسات واضحة ومتّسقة من شأنها أن تدفع الاستثمار، بحسب التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ويُعدّ هدف الاتحاد الأوروبي أن يأتي 14% من وقود النقل من مصادر متجددة بحلول عام 2030، خطوة في الاتجاه الصحيح، وكذلك معيار الوقود منخفض الكربون في كاليفورنيا، كما يحفّز قانون خفض التضخم في أميركا الاستثمار في الاقتصاد النظيف.
ومع ذلك، قدّرت دراسة حديثة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة أن هناك حاجة إلى أكثر من 5.5 تريليون يورو (6 تريليونات دولار) سنويًا بحلول 2030، لتحقيق الحياد الكربوني، وأكثر من 6.4 تريليون يورو (7 تريليونات دولار) سنويًا من عام 2030 إلى عام 2050، وذلك مقابل إنفاق 920 مليار يورو فقط (تريليون دولار) عام 2022.
4- بطء الوصول إلى تحول الطاقة العادل
لتحقيق النجاح في تحول الطاقة، من الضروري إعطاء الأولوية للانتقال العادل والمستدام، لأنه سيؤثّر في حياة الناس وسبل معيشتهم، كونه سينهي صناعات أحفورية بأكملها، ويؤكد اتفاق باريس للمناخ دعم الانتقال، الذي يوفر فرص عمل خضراء ومجتمعات مرنة.
ومع ذلك، فإن هذه العملية تعوقها تحديّات مثل ارتفاع التكاليف الأولية والتضخم وعدم وصول الطاقة إلى الملايين من الناس.
كما يشكّل عدم الاستقرار الجيوسياسي وعدم قدرة المستهلكين على إعطاء الأولوية للبدائل المستدامة عقبات أيضًا.
موضوعات متعلقة..
- هل تواكب استثمارات توليد الكهرباء عملية تحول الطاقة عالميًا؟ (تقرير)
- تحول الطاقة معضلة ثلاثية على طاولة المنتدى الاقتصادي العالمي
- هل يعرقل دعم الوقود الأحفوري تحول الطاقة في الاتحاد الأوروبي؟
اقرأ أيضًا..
- التحقيق في مشروع غاز مسال قبرصي يهدف إلى منافسة مصر
- تقرير يحذر من قفزة أسعار النفط 400% حال توقف الاستثمارات الجديدة
- طاقة تكرير النفط في الصين قد تزيد مليون برميل يوميًا