تصنيع شفرات توربينات الرياح من السكر
تتسم بسهولة إعادة التدوير
محمد عبد السند
- تُصنّع توربينات الرياح من مادة راتنغية جديدة مشتقة حيويًا من السكر
- التقنية الجديدة تتيح عمرًا تشغيليًا أطول لتوربينات الرياح
- يُتوقع أن ينتهي العمر التشغيلي لنحو 9 آلاف شفرة في أميركا بحلول 2026
- التقنية الجديدة تخلص البيئة من تراكم التوربينات في مكبات النفايات
- بنى الباحثون نموذجًا أوليًا لشفرة توربين رياح طولها 9 أمتار
ابتكر الباحثون في المختبر الوطني للطاقة المتجددة الأميركي إن آر إي إل (NREL) تقنيةً جديدةً لإنتاج شفرات توربينات الرياح؛ تتسم بسهولة إعادة التدوير.
وتتيح التقنية الجديدة المصنعة من مادة راتنغية مستخلصة بيولوجيًا من السكر، عمرًا تشغيليًا أطول للشفرات، مقارنة بالمواد التقليدية المصنعة منها تلك الأدوات المُستعمَلة في توليد الكهرباء النظيفة بمزارع الرياح.
ومن المقرر أن ينتهي العمر التشغيلي لقرابة 9 آلاف شفرة في الولايات المتحدة بحلول عام 2026، ما يعكس حاجةً ماسةً إلى تطوير آليات مبتكرة لإنتاج تلك الأدوات المهمة، بما يحقق أقصى استفادة منها وفق المعايير البيئية.
ووفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) سيكون هناك ما يزيد على مليوني طن من المواد المستعمَلة في تصنيع شفرات توربينات الرياح، منتشرة في كل أنحاء أميركا بحلول أواسط القرن الحالي (2050).
راتنغات من السكر
طوّر العلماء في المختبر الوطني للطاقة المتجددة مادةً جديدةً تُستعمَل في إنتاج شفرات توربينات الرياح، من الممكن استخلاصها حيويًا، بل وإعادة تدويرها بسلاسة، وفق بيان صحفي نشره "إن آر إي إل" على موقعه الإلكتروني.
ويعتقد الباحثون في "إن آر إي إل" أن الراتنغات المصنعة مؤخرًا من مواد مُنتَجة باستعمال الموارد المشتقة حيويًا، تمهّد لتصنيع تلك الشفرات التي يمكن إعادة تدويرها كيميائيًا، وإعادة استعمال مكوناتها.
وبذلك تُسدِل تلك التقنية الجديدة الستار على الممارسات القديمة الخاصة بالتخلص من تلك الشفرات عبر إلقائها في مكبات النفايات في نهاية عمرها التشغيلي.
ويستلزم إنتاج المواد الراتنغية التقليدية المستعمَلة في إنتاج الشفرات، موادّ مثل النفط إلى جانب كهرباء بكميات كبيرة، كما يَصعُب -أحيانًا- إعادة تدوير تلك المواد لعدم جدواها من حيث التكلفة وإهدار الموارد.
مزايا عدة
من الممكن دمج المادة الراتنغية الجديدة المعروفة باسم بيكان (PECAN) (الرمز المختصر لعبارة "PolyEster Covalently Adaptable Network")، في تقنيات التصنيع الحالية؛ ما يلغي الحاجة إلى إنشاء خطوط تصنيع أو تقنيات إنتاج جديدة بالكلية.
وتمكّن التقنية الحديثة شفرات توربينات الرياح من مواصلة التشغيل بكفاءة حتى قرابة 20 عامًا، وبعد ذلك يمكن إعادة تدويرها ميكانيكيًا مثل تقطيعها إلى قطع صغيرة لاستعمالها لاحقًا.
وفي الوقت الذي يوجد فيه العديد من الطرق المستعمَلة في إعادة تدوير الشفرات، فإنها تُعد جميعًا كثيفة الاستهلاك للوقت والعمالة؛ ما يجعلها خيارًا أقل جاذبية بالنسبة إلى بعض المشغلين، لينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، وما يرتبط بذلك من تحديات بيئية عديدة.
ومع ذلك، يمكن أن تشعل "بيكان" ثورةً محتملةً في عمليات إعادة تدوير شفرات توربينات الرياح؛ إذ لا تتطلب تلك العملية سوى استعمال عمليات كيميائية غير معقدة، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة.
نموذج أولي
بنى الباحثون نموذجًا أوليًا لشفرة توربين رياح طولها 9 أمتار؛ لإظهار مدى قابلية المادة الراتنغية للتصنيع؛ ما ساعدهم في استنباط إستراتيجية نهاية عمر الشفرات، التي اشتملت على طرق استعادة كل مكون استُعمِل في تصنيعها، وإعادة استعماله.
وقال الباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في المختبر الوطني للطاقة المتجددة الأميركي ريان كلاركي، إن عملية إعادة التدوير الكيميائية نجحت في تفكيك النموذج الأولي من شفرة توربينات الرياح في غضون 6 ساعات فقط.
إلى جانب ذلك، أتاحت عملية إعادة التدوير فرصة استعادة مكونات شفرات توربينات الرياح مرارًا، وإعادة استعمالها؛ ما يمهّد السبيل أمام تصنيع المُنتَج نفسه.
مخاوف بلا أساس
أسهم نوع المادة الراتنغية المُستعمَلة في التقنية الجديدة، والمصنعة من السكر المُشتَق حيويًا، في طمس الفكرة القائلة إن شفرة التوربين القابلة لإعادة التدوير تكون أقل متانة بطبيعتها، وتكون قابلة للزحف أو التمدد.
وفي هذا الصدد أوضح أحد مؤلفي الورقة البحثية ويُدعى نايس رورر: "لا يعني أن هناك شيئًا مصنوعًا من مادة قابلة للاشتقاق أو إعادة التدوير، أنها ستكون متدنية الجودة"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف رورر أن المخاوف بشأن تلك المواد القابلة للاستخلاص بيولوجيًا أو لإعادة التدوير تتمثّل في أن الشفرة ستكون عُرضةً للتمدد حينما تفقد صورتها أو تتشوّه بمضي الوقت.
لكن واقعيًا، فإن المواد المركبة المصنعة من المادة الراتنغية "بيكان" لديها القدرة على المحافظة على صورة شفرة توربينات الرياح، ومقاومة الظروف الجوية المتقلبة باستمرار.
تقنية تتحدى التقاليد
قال مؤلف الورقة البحثية نايس رورر إن "التقنية الجديدة تتحدى المفهوم السائد في مجال علوم البوليمرات الذي ينص على أنه لا يمكن استعمال المواد القابلة لإعادة التدوير نظرًا إلى تراجع كفاءتها التشغيلية".
من جهته، أوضح المؤلف الثاني للدراسة روربيني موراي أن شفرة التوربين البالغ طولها 9 أمتار تمكنت من "إظهار عمليات التصنيع نفسها التي ستُستعمَل في إنتاج التوربينات البالغ طولها 60 مترًا أو 80 مترًا أو 100 متر".
وقال المدير المساعد لمختبر العلوم الميكانيكية والحرارية في المختبر الوطني للطاقة المتجددة جوني غرين، إن "تقنية بيكان المُستعمَلة لتطوير شفرات توربينات الرياح القابلة لإعادة التدوير خُطوة عظيمة الأهمية لدفع جهودنا الرامية إلى تعزيز اقتصاد دائري لمواد الطاقة".
ومن المتوقع أن تنمو سوق شفرات توربينات الرياح العالمية بنسبة 20.50% خلال المدة بين عامي 2023 و2032، وفق تقرير سابق صادر عن موقع أبحاث السوق "ماركت ريسيرش فيوتشر".
وتوقع التقرير أن يصل حجم تلك السوق إلى قرابة 83.03 مليار دولار أميركي بحلول نهاية عام 2032.
موضوعات متعلقة..
- إعادة تدوير شفرات توربينات الرياح بطريقة إبداعية (صور)
- بلدة أميركية تتحول إلى مكبّ لآلاف شفرات توربينات الرياح المهمَلة (تقرير)
- سوق شفرات توربينات الرياح تسجل 83 مليار دولار نهاية 2032 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- حقل الظلوف البحري السعودي.. ثالث أكبر الحقول عالميًا بـ31 مليار برميل
- صفقة غاز مسال عربية ضخمة لمدة 15 عامًا
- مصر تطلق حزمة حوافز لتشجيع زيادة إنتاج النفط والغاز