التقاريرتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةنفطوحدة أبحاث الطاقة

تداعيات وقف إنتاج النفط الليبي.. ماذا لو خسرت السوق الصادرات بالكامل؟ (تحليل)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • إغلاق حقول النفط ووقف تصديره مشهد متكرر في ليبيا منذ 12 عامًا
  • تأثير انقطاع الصادرات الليبية في أسواق النفط سيكون كبيرًا، إذا كان الحظر طويلًا
  • اضطراب محتمل في سوق الخامات الخفيفة، وأوروبا ستكون في ورطة
  • أسعار خام برنت قد ترتفع 7 دولارات على الأقل، إذا استمر غياب الخام الليبي طويلًا
  • تحالف أوبك+ قد يتخلّى عن تمديد التخفيضات الطوعية بداية من أكتوبر المقبل

أثار قرار وقف إنتاج النفط الليبي وتصديره قلق المراقبين لأسواق الخام العالمية والإقليمية، وسط مخاوف من استمرار إغلاق الحقول لمدة طويلة في إطار الصراع السياسي المحتدم في البلاد بين حكومتي بنغازي وطرابلس.

وأعلنت حكومة شرق ليبيا غير المعترف بها دوليًا -اليوم الإثنين- حالة القوة القاهرة في جميع الحقول والمواني والمؤسسات والمرافق النفطية، مع وقف إنتاج الخام وتصديره إلى خارج البلاد.

وجاء قرار وقف إنتاج النفط الليبي وتصديره في بيان لرئيس الحكومة -التي تتخذ من بنغازي مقرًا لها- أسامة حماد، بسبب خلافات مع حكومة طرابلس حول تغيير قيادات مصرف ليبيا المركزي.

وأدت تطورات الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة الممتدة في ليبيا منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي عام 2011، إلى انقسام البلاد بين حكومتين، إحداهما برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وهي الحكومة المعترف بها دوليًا.

أمّا الحكومة الثانية، برئاسة أسامة حماد، الموالي للقائد العسكري خليفة حفتر، وهي حكومة غير معترف بها، لكن معظم الحقول تقع تحت سيطرتها، بحسب مشهد إنتاج النفط الليبي الذي تتابعه وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية منتظمة (مقرّها واشنطن).

تقديرات صادرات النفط الليبي وإنتاجه

تختلف تقديرات الخبراء والمراقبين للآثار المتوقعة في السوق لقرار وقف إنتاج النفط الليبي وتصديره، وسط مخاوف من اتّساع نطاق انقطاع الصادرات الليبية واستمراره مدة طويلة.

في هذا السياق، يتوقع تحليل حديث –حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن يكون الأثر في السوق محدودًا، إذا كان انقطاع الصادرات جزئيًا، لكنه سيكون أفدح، إذا تطورت الأمور، وتحولت إلى انقطاع كامل للصادرات، ولمدة طويلة.

وقدّر التحليل الصادر عن شركة أبحاث واستشارات الطاقة " إنرجي أوتلوك أدفايزر" حجم صادرات النفط الليبي -قبل قرار الإغلاق الأخير- بنحو 1.1 مليون برميل يوميًا.

ويزيد هذا التقدير قليلًا عن متوسط صادرات النفط الليبي خلال العام الماضي، البالغة 1.02 مليون برميل يوميًا، بحسب بيانات تقرير أوبك السنوي الأخير (2024).

وتشير تقديرات أوبك -أيضًا- إلى أن متوسط إنتاج النفط الليبي خلال العام الماضي بلغ 1.2 مليون برميل يوميًا، بينما بلغت عائداتها من تصدير النفط 30.7 مليار دولار خلال العام نفسه.

يوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطورات إنتاج النفط الليبي الخام منذ عام 2020 حتى يوليو/تموز 2024:

تطورات إنتاج النفط الليبي

وبلغ إنتاج ليبيا من النفط قرابة 1.17 مليون برميل يوميًا خلال يوليو/تموز الماضي، بحسب بيانات أوبك، وسط توقعات بأن تأتي البيانات اللاحقة أقل من ذلك بكثير، بعد إغلاق حقل الشرارة منذ أوائل أغسطس/آب 2024، وهو أكبر حقل نفطي في البلاد بقدرة إنتاجية 300 ألف برميل يوميًا.

وتضم المنطقة الشرقية التي تسيطر عليها حكومة بنغازي، حوض سرت، الذي يحتوى معظم احتياطيات النفط الليبية، كما تضم المنطقة 4 محطات لتصدير النفط خارج البلاد.

وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات للنفط الخام في أفريقيا، كما تُصنَّف بالمركز الخامس عالميًا من حيث احتياطيات النفط الصخري القابلة للاستخراج، التي تُقدَّر بنحو 26 مليار برميل، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

آثار وقف إنتاج النفط الليبي

يركّز تحليل شركة "إنرجي أوتلوك أدفايزر"، ومقرّها الولايات المتحدة، على أثر انقطاع صادرات النفط الليبية في الأسواق، وليس الإنتاج، بالنظر إلى أهمية الصادرات للعالم.

ويرجّح تحليل الشركة حدوث تأثير كبير في أسواق النفط العالمية، إذا فقدت جميع صادرات الخام الليبية التي تقترب من 1.1 مليون برميل يوميًا لمدة طويلة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار برنت بنحو 7 دولارات للبرميل، على الأقل.

ولا يقتصر تأثير قرار وقف إنتاج النفط الليبي وتصديره في الكميات فحسب، بل يمتد إلى الجودة أيضًا، ما قد يؤثّر بزيادة الفوارق السعرية بين الخامات الخفيفة والثقيلة في الأسواق، خاصة أن البدائل لم تعد متوفرة الآن مثلما كان في الماضي.

فقد تباطأ نمو إنتاج الولايات المتحدة بصورة كبيرة، كما وصلت نيجيريا إلى أقصى حدّ لها، وكلاهما من أكبر المنتجين للخامات الخفيفة، ما سيجعل أوروبا في ورطة كبيرة لتوفير بدائل خام النفط الليبي المفضل.

وتشتهر ليبيا بإنتاج أفضل أنواع النفط الخفيف الحلو عالميًا، مع قلة شوائبه واحتوائه على نسب كبريت منخفضة، ما يجعله مفضلًا لمصافي التكرير في أوروبا المجاورة جغرافيًا.

كما يتميز النفط الليبي بقربه من أسواق الاستهلاك العالمية، ما يجعل تكاليف نقله منخفضة مقارنة بالصادرات من الدول الأبعد، بسبب انفتاح الساحل الليبي على أوروبا والعالم، إلى جانب ابتعاده عن المضائق المائية غير المستقرة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

على الجانب الآخر، ورغم مخاوف تداعيات وقف إنتاج النفط الليبي وتصديره؛ فإن الأمر أقل حدّة فيما يتعلق صادرات البلاد من الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وخاصة إلى إيطاليا التي تستورد الغاز الليبي عبر خط أنابيب" غرين سترين".

ويظل أثر انقطاع الغاز الليبي في الأسواق الأوروبية حال حدوثه، محدودًا بحسب تقديرات وحدة أبحاث الطاقة، بالنظر إلى أن ليبيا لا تصدّر كميات كبيرة من الغاز إلى أوروبا، إذ لم تتجاوز صادراتها ملياري متر مكعب في عام 2023 كاملًا.

كما أن مخزونات الغاز في الاتحاد الأوروبي وصلت إلى مستوى مطمئن يزيد على 90%، و قبل موعدها بشهرين، ما سيجعل الأثر محدودًا، على عكس تأثيرات وقف إنتاج النفط الليبي.

أثر وقف الصادرات سيمتد إلى تحالف أوبك+

لا تقتصر تأثيرات قرار وقف إنتاج النفط الليبي وتصديره في أوروبا فحسب، بل تمتد إلى تحالف أوبك+، الذي يعتمد سياسة خفض طوعية للإنتاج منذ عامين، وما زال مستمرًا في تمديدها حتى نهاية 2025.

وينفّذ التحالف اتفاقًا جماعيًا لخفض الإمدادات بمقدار مليوني برميل يوميًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حتى نهاية 2025، إلى جانب تخفيضات طوعية بنحو 1.6 مليون برميل يوميًا معلَنة من 9 دول منذ مايو/أيار 2023.

كما تنفّذ 8 دول من تحالف أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا، تخفيضات طوعية تصل إلى 2.2 مليون برميل يوميًا، منذ يناير/كانون الثاني 2024، مع استمرارها حتى نهاية الربع الثالث من 2024.

جانب من اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة التابعة لتحالف أوبك+
جانب من اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة التابعة لتحالف أوبك+ - الصورة من الموقع الرسمي للتحالف (1 أغسطس 2024)

ولم تحسم هذه الدول موقفها من استمرار التخفيضات الإضافية بعد إنتهاء الربع الثالث، مع ترك الاحتمالات مفتوحة أمام عودة الكميات تدريجيًا بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أو الاستمرار في تمديد القرار وفق تطورات السوق.

ويتوقع تحليل شركة إنرجي أوتلوك أن يتراجع تحالف أوبك+ تدريجيًا عن الاستمرار في تمديد التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا بداية من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إذا ترسَّخ لدى قادة التحالف أن انقطاع صادرات النفط الليبية عن الأسواق سيستمر لمدة طويلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق