تقارير الهيدروجينالتقاريرتقارير دوريةتقارير منوعةرئيسيةمنوعاتهيدروجينوحدة أبحاث الطاقة

تحول مصانع الصلب في الشرق الأوسط إلى الهيدروجين الأخضر.. فرصة أم تحدٍ؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • أغلب مصانع الحديد والصلب في الشرق الأوسط تستعمل الغاز
  • استعمال الهيدروجين الأخضر بدلًا من الغاز له منافع بيئية واقتصادية واسعة
  • تطبيق ضرائب الكربون الأوروبية على صادرات الحديد والصلب بداية من 2026
  • موارد الطاقة المتجددة الوفيرة بالشرق الأوسط ستخفض تكلفة الهيدروجين الأخضر
  • إنتاج الهيدروجين عبر الكهرباء المتجددة يواجه مشكلة التوليد المتقلب حسب الطقس

يعتمد أغلب مصانع الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عمليات التشغيل على الغاز الطبيعي، خلافًا لعديد من المناطق الرئيسة التي ما زالت تستعمل الفحم، مثل الصين والهند وغيرهما.

وعادةً ما كانت الدراسات البيئية تنصح شركات الحديد والصلب المعتمدة على الفحم بالتحول إلى الغاز لانخفاض انبعاثاته، لكن بعض الدراسات الحديثة صارت تلحّ على ضرورة التحول إلى الهيدروجين الأخضر، في إطار مسارات تحول الطاقة وخطط الحياد الكربوني بحلول 2050.

في هذا السياق، نصحت دراسة حديثة -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن- مصانع الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديدًا بالتحول من الغاز إلى الهيدروجين الأخضر تدريجيًا، لما يمثّله من فرص اقتصادية كبيرة لدول المنطقة في تعزيز صادراتها من الصلب الأخضر مستقبلًا.

وتركّز الدراسة على مصانع الاختزال المباشر للحديد التي تعمل بالغاز في المنطقة، والتي يمكنها أن تتحول تدريجيًا إلى أنظمة هجينة تعمل بالغاز والهيدروجين، قبل التحول الكامل إلى الوقود الأخضر.

وتعوّل مسارات تحول الطاقة على الهيدروجين بشدّة لأداء دور رئيس في خفض انبعاثات بعض القطاعات التي يصعب تحويلها إلى الكهرباء مباشرة لارتفاع التكلفة، وعلى رأسها الصناعات الثقيلة، مثل الحديد والصلب والألومنيوم والأسمنت وغيرها.

فرص تحول مصانع الشرق الأوسط

تستحوذ مصانع الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على 46% من إنتاج الحديد المختزل عالميًا، أو ما يُطلق عليه الحديد الإسفنجي (DRI)، الذي يُستعمل في صورة مادة خام لإنتاج الصلب، بحسب الدراسة المنشورة في موقع معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

ويمثّل تحول هذه المصانع إلى الهيدروجين الأخضر علامة فارقة في مبادرات الحدّ من انبعاثات الصناعة عالميًا، عبر بناء سلسلة قيمة منخفضة الانبعاثات، يمكنها أن تقود الطريق للتوسع في إنتاج المنطقة من الحديد الأخضر مستقبلًا.

مصانع الصلب في الشرق الأوسط
أحد مصانع الصلب في الشرق الأوسط - الصورة من Al Monitor

وإذا نجحت مصانع الصلب في الشرق الأوسط في إحداث هذا التحول سريعًا من الغاز الطبيعي إلى الهيدروجين، فمن المتوقع أن تكون من أوائل المستفيدين من الفرص الاقتصادية لتصدير الحديد الأخضر إلى أوروبا.

ويستعد الاتحاد الأوروبي لفرض ضريبة كربون تدريجية على وارداته بداية من عام 2026، لتقييد دخول المنتجات عالية الانبعاثات عبر آلية تعديل حدود الكربون (CBAM).

ومن المقرر أن تكون واردات الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم والأسمدة والكهرباء ضمن القائمة التي ستطبَّق عليها هذه الضريبة، مع إعادة النظر فيها تصاعديًا حتى عام 2034.

وتستطيع مصانع الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الحفاظ على تجارة الحديد والصلب مع الاتحاد الأوروبي وتوسيعها، إذا سارعت في التحول التدريجي إلى الهيدروجين الأخضر، ما سيجعل منتجاتها متوافقة مع لوائح انبعاثات الكتلة، بحسب دراسة معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

وتتوافق هذه الدراسة مع تحليل سابق لشركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، انتهت نتائجه إلى أن استيراد الحديد الأخضر المختزل (خام الحديد المنتج بالهيدروجين الأخضر) من بعض الدول الشرق الأوسط التي تتمتع بموارد طاقة متجددة، مثل سلطنة عمان، سيكون أرخص لأوروبا من إنتاجه محليًا.

وأظهرت نتائج الدراسة -التي نشرتها وحدة أبحاث الطاقة في 6 مايو/أيار 2024-، أن استيراد ألمانيا للحديد المختزل من سلطنة عمان سيكون أقل تكلفة من إنتاجه محليًا بما يتراوح من 25 إلى 30 دولارًا للطن.

واستندت الدراسة إلى ما تتمتع به عُمان من موارد طاقة متجددة وفيرة تجعلها قادرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة أرخص من المنافسين الدوليين، إضافة إلى ما تتمتع به من موارد غاز منخفضة التكلفة، ما يجعلها قادرة على إنتاج الهيدروجين الأزرق بتكلفة منخفضة -أيضًا-.

وتخطط سلطنة عمان لتشغيل مصنع لإنتاج الحديد الأخضر بحلول 2026، تنفّذه مجموعة جيندال ستيل (Jindal Steel) الهندية بطاقة إنتاجية تصل إلى 6 ملايين طن متري سنويًا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

تحديات الانتقال إلى الهيدروجين الأخضر

ما زال استعمال الغاز في إنتاج الحديد المختزل الأرخص تكلفة على مستوى بدائل الفحم المطروحة، مع قدرته على خفض انبعاثات الكربون بنسبة 50%، بينما يمكن للهيدروجين الأخضر أن يخفض الانبعاثات بنسبة تتجاوز 90%، لكنه يظل أكثر تكلفة بنسبة 50%، بحسب ريستاد إنرجي.

ويتطلب إنتاج الحديد المختزل إمدادات ثابتة من الطاقة وغاز الاختزال لنزع الأكسجين من خام الحديد، ويمكن للهيدروجين الأخضر أن يؤدي دور غاز الاختزال اللازم لهذه العملية، لكن ذلك يتطلب توفيره بكميات كبيرة، ما يستلزم بدوره توفير كميات ضخمة من الكهرباء المتجددة المستعملة في تشغيل المحللات الكهربائية.

ويواجه توفير الهيدروجين الأخضر على مدار الساعة مشكلة الاعتماد على مصادر كهرباء متقلبة بطبيعتها حسب ظروف الطقس، مثل الشمس والرياح، ما يمثّل تحديدًا أمام تحول مصانع الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وهناك طريقتان للتغلب على هذه العقبة، الأولى عبر تعزيز أنظمة تخزين الكهرباء لضمان دعم إنتاج الهيدروجين الأخضر حال عدم توافر طاقتي الشمس أو الرياح، والثانية عبر التوسع في المصادر المتجددة وبناء أجهزة تحليل كهربائي ضخمة قادرة على إنتاجه وتخزينه بكميات كبيرة لا تؤثّر فيها عوامل الطقس المتقلبة، وكلتا الطريقتين لهما مزايا وعيوب.

ويحتاج تشغيل منشأة للصلب الأخضر باستعمال الطاقة الشمسية دون وجود بطارية إلى زيادة حجم المحلل الكهربائي 3 مرات ونصف، ما يتطلب بدوره زيادة قدرة منشأة الطاقة الشمسية 5 أضعاف، ويزيد من الإنفاق الرأسمالي على المشروع، ويجعل الانتقال إلى الصلب الأخضر أكثر تحديًا.

وتعني هذه التحديات أنّ فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر لن تكون متوفرة في جميع المناطق، وستقتصر على التي تتمتع بموارد طاقة متجددة وفيرة ومنخفضة التكلفة، ومنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتشير دراسة معهد اقتصادات الطاقة إلى أنّ توافُر الموارد المتجددة وانخفاض تكاليفها، مع محدودية تغيّرها الموسمي، يمكنه أن يقلل من حجم المحللات الكهربائية ووحدات تخزين الهيدروجين المطلوبة في الشرق الأوسط .

مزج الهيدروجين الحل الأقرب

تتوافر تقنية الاختزال المباشر القائمة على الغاز بمصانع الصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تتمتع بقدرتها على العمل بمزج الهيدروجين مع الغاز، ما يجعل أسلوب المزج التدريجي أقرب الحلول قصيرة الأجل لتعزيز وجود الهيدروجين بصناعة الصلب في المنطقة.

ويتّفق المزوّدون الرؤساء لتقنيات الاختزال المباشر القائمة على الغاز، بأن حقن الهيدروجين في أفران القوس الكهربائي الحالية أمر ممكن.

أفران القوس الكهربائي
أفران القوس الكهربائي - الصورة من American Iron and Steel Institute

وتقول شركة مدريكس (Midrex)، أكبر مورّد لأعمدة الاختزال المباشر في العالم، إنه من الممكن استبدال 30% من الهيدروجين بالغاز الطبيعي دون الحاجة إلى تعديل المعدّات الحالية.

كما تبشّر شركة إنيرجيرون (Energiron) بإمكان الوصول إلى خلط الهيدروجين بنسبة 80% مع الغاز دون الحاجة إلى تعديل المعدّات، بحسب أحدث التطورات التي تتابعها وحدة أبحاث الطاقة.

وتعمل عدّة شركات أوروبية -حاليًا- على تطوير الجيل الأول من مصانع الحديد الأخضر القائمة على الهيدروجين، أغلبها يقع في الدول الإسكندنافية ذات الانبعاثات المنخفضة للكهرباء على مستوى الشبكة.

ورغم ذلك، فما زال أمام مصانع الصلب في الشرق الأوسط فرصة كبيرة لتحويل أسطولها إلى الغاز الهجين، تمهيدًا للتحول الكامل نحو الهيدروجين، وحجز مقعدها في أسواق الصلب الأخضر الناشئة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق