إمدادات النيوديميوم المستدامة.. عنصر حاسم في طريق تحول الطاقة
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
- أهمية معدن النيوديميوم تزداد مع التوسع نحو استعمالات مصادر الطاقة المتجددة
- من المتوقع ارتفاع الطلب على النيوديميوم بنسبة 48% بحلول عام 2050
- 4 دول تسيطر على على الإنتاج العالمي للعناصر الأرضية النادرة
- إعادة تدوير المعادن الأرضية النادرة حلول لمعالجة سلسلة توريد النيوديميوم
تُمثّل إمدادات النيوديميوم المستدامة أمرًا بالغ الأهمية للتحول في مجال الطاقة؛ إذ يعتمد العالم على هذا المعدن النادر في تشغيل التقنيات النظيفة والمتجددة بكفاءة عالية.
وتُعدّ مغناطيسات النيوديميوم عنصرًا حيويًا في عملية توليد الكهرباء بكفاءة في توربينات الرياح والتشغيل الفعال لمحركات السيارات الكهربائية.
ومع تحول العالم إلى الطاقة النظيفة، من المتوقع أن يرتفع الطلب على النيوديميوم بنسبة 48% بحلول عام 2050، مدفوعًا بالتوسع في استعمالات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى زيادة اعتماد المركبات الكهربائية، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتحتاج تلبية هذا الطلب المتزايد إلى توفير إمدادات النيوديميوم المستدامة والآمنة بيئيًا، لكن المخاوف الحالية المتعلقة بممارسات التعدين وتقلبات الأسعار واضطرابات سلسلة التوريد تهدد بتقويض الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف.
ميزات النيوديميوم
تزداد أهمية السعي نحو توفير إمدادات النيوديميوم المستدامة كلّما زاد التوجه نحو استعمال تقنيات الطاقة النظيفة، بحسب تقرير صادر عن منتدى الطاقة الدولي.
وعندما يقترن النيوديميوم -وهو نوع من العناصر الأرضية النادرة- مع البورون، ينشأ مغناطيس قوي يمكنه حمل ما يتجاوز 1000 مرة من وزنه؛ ما يجعله -بسبب خصائصه المغناطيسية الفريدة- عنصرًا حيويًا في العديد من الأجهزة الحديثة، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ومؤخرًا، وُسِّعَ نطاق مغناطيسات النيوديميوم لاستعمالها في تطبيقات أكثر قوة، بما في ذلك محركات السيارات الكهربائية والهجينة وتوربينات الرياح.
وتؤدي قوة النيوديميوم المغناطيسية العالية نسبة لكتلتها إلى جعل هذا المعدن مثاليًا لمولدات توربينات الرياح، إذ يسمح لها بتوليد كهرباء بصورة أكثر كفاءة وقدرة، مع وزن أخفّ، وحاجة أقل إلى المواد الخام، ما يقلل من بصمتها الكربونية.
فضلًا عن ذلك، فإن مغناطيسات النيوديميوم تحافظ على قوّتها لوقت أطول من المعادن المماثلة الأخرى، ما يجعلها مثالية لاستعمال طاقة الرياح وكهربة قطاع النقل.
وتسمح هذه الخاصية للتوربينات والمحركات بالعمل بكفاءة لمدة أطول، ما يقلل من تكاليف الصيانة ويحافظ على تنافسية التكاليف مع بدائل الوقود الأحفوري.
تزايد متوقع في الطلب على النيوديميوم
يتزايد الطلب العالمي على الطاقة النظيفة، إذ تضع الحكومات أهدافًا طموحة لتعزيز طاقة الرياح المحلية وتشجيع السيارات الكهربائية.
ويمكن أن يؤدي قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة، والسياسات المماثلة في الصين والاتحاد الأوروبي، والطلب المتزايد على وسائل النقل الكهربائية والهجينة، إلى وجود نحو 700 مليون سيارة كهربائية على الطرقات بحلول عام 2040.
يأتي ذلك تزامنًا مع توقعات أن تُولّد طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر من ثلث الكهرباء في العالم بحلول عام 2030، أي 3 أضعاف مستويات الإنتاج الحالية.
ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الطموحات قد يتوقف على وجود إمدادات النيوديميوم المستدامة، وكذلك لغيره من المعادن الأرضية النادرة.
وفي الوقت الحالي، تهيمن الصين والولايات المتحدة وميانمار وأستراليا على الإنتاج العالمي للعناصر الأرضية النادرة، بنسب (69%) و(12%) و(11%) و(5%) على الترتيب، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وتشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي على العناصر الأرضية النادرة يفوق الإنتاج بمعدل ينذر بالخطر، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على النيوديميوم إلى 850 ألف طن بحلول عام 2030، متجاوزًا توقعات المعروض بنسبة 250%.
ويمكن أن يؤدي نقص النيوديميوم إلى ارتفاع أسعاره، ما يعوق تحول الطاقة، لارتفاع تكاليف استعمال طاقة الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية، ما يزيد أهمية العمل على توفير إمدادات النيوديميوم المستدامة.
ورغم ذلك؛ فإن زيادة إمدادات النيوديميوم تأتي مصحوبة بمخاطر بيئية واجتماعية، بما في ذلك الضغط على الصناعات ومناطق التعدين، وطرق استخراج تُولّد 2000 طن من النفايات السامة، وحتى المشعّة، لكل طن من العناصر الأرضية النادرة.
حلول لتوفير إمدادات النيوديميوم المستدامة
يواجه الفاعلون في الصناعة وصانعو السياسات تحديّات سلسلة توريد النيوديميوم بحلول مبتكرة، من أبرزها إعادة تدوير العناصر الأرضية النادرة.
فعلى سبيل المثال، يعمل مشروع (SUSMAGPRO)، الممول من الاتحاد الأوروبي، على توفير إمدادات النيوديميوم المستدامة، إذ يستغل الروبوتات في استخراج مغناطيسات النيوديميوم من المكونات المستعملة بمعدل استرداد أعلى بنسبة 25% من الطرق التقليدية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويهدف الاتحاد الأوروبي عبر إجراءات مثل قانون المواد الخام الحرجة، الذي يهتم بمعالجة المخاطر المرتبطة بسلسلة توريد المواد الخام والمعادن الحيوية، إلى تلبية 15% من احتياجاته من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، من خلال إعادة التدوير.
ووسط نسبة إعادة تدوير 1% فقط على مستوى العالم حاليًا، هناك حاجة إلى إحراز تقدّم كبير، وتبنّي ممارسات أكثر استدامة في تصميم المنتجات وتصنيعها، لتمكين إعادة تدوير المنتجات وتفكيكها أو التخلص منها في نهاية دورة حياتها، وتوفير إمدادات النيوديميوم المستدامة وغيرها من العناصر الأرضية النادرة.
ومن جهة أخرى، يعمل بعض شركات على تطوير مغناطيسات تشبه النيوديميوم باستعمال مواد أكثر وفرة، وتصمم شركة تيسلا محركاتها الكهربائية من الجيل التالي دون عناصر أرضية نادرة.
وتستكشف الدراسات بدائل مثل التتراتينيت والسيريوم، وقد تخفف هذه الابتكارات الضغط على سلسلة توريد النيوديميوم العالمية.
وبحسب التقرير، من الضروري أن تتطور الأساليب الناشئة المستعملة في توفير إمدادات النيوديميوم المستدامة، وتطوير مغناطيسات بديلة، بسرعة لتلبية الطلب المتزايد، على مدى العقد المقبل.
وسيكون التعاون الدولي هو المفتاح لوضع معايير مشتركة واتفاقيات دولية ومشروعات بحثية لتطوير مواد مغناطيسية بديلة.
موضوعات متعلقة..
- أكبر رواسب من المعادن الأرضية النادرة تكتشفها دولة أوروبية (صور)
- إعادة تدوير المعادن الأرضية النادرة من توربينات الرياح يجذب اهتمام السوق
- المعادن الأرضية النادرة.. تقرير يكشف خطة غربية لإضعاف سيطرة الصين
اقرأ أيضًا..
- تقرير سعودي يرفع توقعات الطلب على النفط في 2024 ويخفضها لعام 2025
- أكبر مصدري الغاز المسال في أفريقيا خلال النصف الأول 2024.. الجزائر بالمركز الثاني
- أكثر الدول امتلاكًا لاحتياطيات الغاز في أفريقيا.. 3 بلدان عربية بالقائمة (إنفوغرافيك)
- 5 طرق تمكّن سوناطراك الجزائرية من تحقيق الحياد الكربوني (تقرير)