تغير المناخ.. هل يحسم منافسة إستراتيجيات الطاقة بين هاريس وترمب؟ (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • نهج هاريس يشير إلى موقف أكثر قوة بشأن إنفاذ القانون البيئي
- • أفكار هاريس التقدمية قد تروق الناخبين الأصغر سنًا ونشطاء المناخ
- • هاريس أكدت دعم الولايات المتحدة اتفاق باريس، وعززت التعاون الدولي بشأن مبادرات المناخ
- • سياسة ترمب تسعى إلى تحقيق التوسع الاقتصادي والاستقلال في مجال الطاقة
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يتصدر تغير المناخ أولوية، تُكسب إستراتيجية الطاقة لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس اهتمامًا متزايدًا.
ويدعم الرئيس الأميركي، جو بايدن، سياسة هاريس، لأنها تبلور إستراتيجية متماسكة لمستقبل الطاقة الأميركية تتوافق مع موقف الحزب الديمقراطي بشأن الاستدامة البيئية.
وتشدد خطة هاريس على كبح تغير المناخ، وخفض انبعاثات الكربون، والتحول إلى الطاقة المتجددة.
وتؤثّر هذه الإستراتيجية في العلاقات الدولية ومنهجيات نظام الطاقة العالمي، بالإضافة إلى أسواق الطاقة المحلية، وسوف يراقب الناخبون -القلقون بشأن البيئة والاستقرار الاقتصادي ومكانة الولايات المتحدة في سوق الطاقة العالمية- سياسات هاريس عن كثب، مع اقتراب موعد الانتخابات.
الاهتمام بسياسة هاريس للطاقة
يتزايد الاهتمام بسياسة الطاقة لنائبة الرئيس، المرشحة الأميركية للرئاسة كامالا هاريس، مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة.
وبالنظر إلى أن هاريس تقدّم خطة متماسكة للطاقة الأميركية في المستقبل تتوافق مع موقف الحزب الديمقراطي بشأن الاستدامة البيئية، فإن الرئيس بايدن يدعمها.
ويُعدّ كبح تغير المناخ، وخفض الانبعاثات الكربونية، والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، من الأولويات القصوى في إستراتيجية هاريس.
وبالإضافة إلى أسواق الطاقة المحلية، فإن هذا النهج يؤثّر في العلاقات الدولية وديناميكيات نظام الطاقة العالمي.
ويراقب الناخبون المهتمون بالبيئة والاستقرار المالي وموقف الولايات المتحدة في أسواق الطاقة العالمية، مقترحات هاريس باهتمام ملحوظ.
وعلى الرغم من أن هاريس تخوض حملتها الانتخابية للرئاسة، فإن سياستها في مجال الطاقة تؤهلها لأن تصبح شخصية تغييرية محتملة في سياسات مكافحة تغير المناخ، بدعم من مجموعات مثل حركة "صنرايز" الأميركية Sunrise Movement المدافعة عن القضايا البيئية.
لذلك، يجب أن يوازن نهجها بين الأهداف البيئية الطموحة لمكافحة تغير المناخ والحقائق الاقتصادية والسياسية للمناطق المعتمدة على الطاقة.
اختلافات سياسات الطاقة لدى هاريس وبايدن
تعكس الأساليب المختلفة التي تنتهجها كامالا هاريس وجو بايدن في التعامل مع سياسة الطاقة خلفياتهما السياسية وبرامجهما.
وتؤيد هاريس، التي كانت من أوائل المؤيدين للصفقة الخضراء الجديدة، سياسات الطاقة الأكثر تقدمًا.
وتدعو إلى خطة بقيمة 10 تريليون دولار لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045، والتحول إلى طاقة مستدامة بالكامل بحلول عام 2030.
وتشمل معارضتها الصريحة للوقود الأحفوري دعم تجريم عمليات التكسير المائي الهيدروليكي، والتحقيق في الحالات التي ضللت فيها شركات النفط الجمهور بشأن مخاطر تغير المناخ.
وعلى النقيض من ذلك، فإن إستراتيجية بايدن، على الرغم من دعمها العمل المناخي، تُعدّ أكثر اعتدالًا.
ويؤكد قانون خفض التضخم -وهو تشريع مهم اعتُمِدَ قانونًا خلال رئاسة بايدن- على نهج متوازن، والحفاظ على إنتاج الوقود الأحفوري وإجراء استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة.
من ناحيتها، كانت هاريس صريحة بشأن العدالة البيئية، وشاركت في رعاية قانون المساواة المناخية لتقييم آثار التشريع في المناطق المحرومة تاريخيًا، وتأطير التلوث بصفته جريمة ضد هذه المجتمعات.
وبالمقارنة مع بايدن، الذي ركّزت برامجه المناخية على الاستثمارات واسعة النطاق والتدابير التنظيمية، مثل إعادة الانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ وسنّ قوانين خفض الانبعاثات، فإن نهج هاريس يشير إلى موقف أكثر قوة بشأن إنفاذ القانون البيئي.
وتطرح إستراتيجية بايدن إطارًا شاملًا للعمل المناخي من خلال دمج الأهداف البيئية مع التعافي الاقتصادي.
لذلك، قد تروق أفكار هاريس التقدمية الناخبين الأصغر سنًا ونشطاء المناخ، وقد تواجه انتقادات من الناخبين المعتدلين في ولايات حاسمة مثل بنسلفانيا وأوهايو، حيث تُعدّ وظائف التكسير المائي الهيدروليكي والوقود الأحفوري مهمة.
وعلى الرغم من أن دعاة حماية البيئة انتقدوا أحيانًا إستراتيجية بايدن لعدم ذهابه إلى ما هو أبعد من ذلك، فإنها مصمَّمة للحفاظ على جاذبية انتخابية أوسع، خصوصًا في المناطق التي تعتمد على صناعة الوقود الأحفوري، وتوازن إدارته بعناية بين الحقائق الاقتصادية والتطلعات البيئية.
صفقة هاريس الخضراء مقابل خطة ترمب
ستؤدي الاختلافات الشديدة بين سياسات دونالد ترمب وكامالا هاريس في مجال الطاقة دورًا مهمًا في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024.
بالإضافة إلى دعم الصفقة الخضراء الجديدة واقتراح استثمار بقيمة 10 تريليونات دولار موزعة على 10 سنوات، لتحسين تقنيات الطاقة المتجددة، تؤكد هاريس أهمية معالجة تغير المناخ.
بصفتها نائبة للرئيس، دعمت هاريس قانون خفض التضخم، الذي يخصص أكثر من 370 مليار دولار لمشروعات الطاقة المتجددة، ويحاول خفض الانبعاثات بنسبة 40% عن مستويات عام 2005، بحلول عام 2030.
ووعدت هاريس بإنهاء الدعم الحكومي للوقود الأحفوري، ووقف إصدار عقود إيجار نفطية جديدة على الأراضي والمحيطات الفيدرالية، والدعوة إلى سياسات لمساعدة المجتمعات المحرومة التي تتأثر بشكل غير متناسب بالتلوث.
على صعيد آخر، شاركت هاريس في مفاوضات المناخ الدولية، حيث أكدت دعم الولايات المتحدة لاتفاق باريس للمناخ وعززت التعاون الدولي بشأن مبادرات المناخ.
وعلى النقيض من ذلك، كانت إدارة ترمب من أشد المؤيدين للوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والنفط والغاز الطبيعي.
وركّزت سياسته في مجال الطاقة على إلغاء أكثر من 100 تشريع بيئي، قال، إنها تعوق التوسع الاقتصادي، وتنمية فرص العمل في قطاع الوقود الأحفوري، وإنتاج الطاقة.
وكثيرًا ما صاغ ترمب إستراتيجيته في مجال الطاقة من حيث النمو الاقتصادي، مؤكدًا قيمة استقلال الطاقة، ومشيدًا بزيادة الإنتاج المحلي من الغاز والنفط بوصفها إنجازات جديرة بالملاحظة.
ويشكّل قراره بالانسحاب من اتفاقيات المناخ الدولية وإنكاره لعلم المناخ تناقضات صارخة بين المرشحين.
تجدر الإشارة إلى أن خطط الطاقة لدى كامالا هاريس ودونالد ترمب سيكون لها تأثير كبير في حشد الأصوات بالانتخابات الرئاسية لعام 2024.
وتروّج هاريس لنفسها بصفتها بطلة للعدالة الاجتماعية والاستدامة البيئية بسبب آرائها التقدمية بشأن تغير المناخ، التي تشمل دعمها الصفقة الخضراء الجديدة والاستثمارات الكبيرة في الطاقة المتجددة.
ويمثّل تركيزها على الحدّ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ووقف الدعم الفيدرالي للوقود الأحفوري، ومساعدة السكان المهمّشين، إستراتيجية شاملة لتطوير الطاقة المتجددة في المستقبل.
ومن المرجّح أن ينجذب الناخبون الأصغر سنًا وأولئك الذين يشعرون بقلق بالغ بشأن تغير المناخ إلى هذه المحاور، التي من شأنها أن تدعم الحاجة المتزايدة للجمهور إلى اتخاذ إجراءات سريعة بشأن هذه المشكلة.
مع ذلك، قد تخضع أهدافها الطموحة للتدقيق في الولايات المتأرجحة، حيث تعتمد الاقتصادات المحلية بصورة كبيرة على صناعات الوقود الأحفوري، ما قد يجعل من الصعب عليها كسب مجموعة واسعة من الناخبين.
مؤيدو سياسة الطاقة لدى ترمب
يجد أولئك الذين يفضلون إلغاء القيود التنظيمية والوقود الأحفوري جاذبية كبيرة في سياسة الطاقة التي ينتهجها دونالد ترمب، التي تسعى إلى تحقيق التوسع الاقتصادي والاستقلال في مجال الطاقة.
وقد أثبتت حكومته التزامها بحماية فرص العمل في مجال الطاقة وتنمية الاقتصاد، من خلال زيادة إنتاج النفط والغاز المحليين، وتأكيد تخفيف القيود البيئية لتعزيز أعمال الطاقة التقليدية.
ومن المرجّح أن يتبنّى الناخبون في المناطق التي تعتمد على الوقود الأحفوري هذا النهج، ما يعزز قاعدة دعمه.
في المقابل، فإن إنكاره علم المناخ والخروج من الاتفاقات المناخية الدولية قد يؤدي إلى نفور الناخبين المعتدلين المهتمين بالبيئة.
وسوف تكون سياسة الطاقة موضوعًا ساخنًا مع اقتراب موعد الانتخابات بسبب التناقضات الصارخة بين أفكار ترمب وهاريس في مجال الطاقة، وسوف يؤثّر هذا في رأي الناخبين، ويشكّل مسار سياسة الطاقة والبيئة الأميركية في المستقبل.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- كاتب بريطاني: تغير المناخ ليس أهم أزمات العالم
- تغير المناخ يعيد تشكيل سلوك الأعاصير ويجعلها أقل عددًا وأكثر قوة (تقرير)
- الغابات تواصل مهمة التخفيف من تغير المناخ.. رغم الحرائق (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تقرير سعودي يرفع توقعات الطلب على النفط في 2024 ويخفضها لعام 2025
- ليبيا تكشف حقيقة صفقة أكبر مصفاة نفط في أفريقيا
- أكبر الدول المستوردة للنفط الجزائري.. وقفزة كبيرة بالأرقام (رسوم بيانية)