دولة عربية ضمن 6 نماذج تدعم التحول الأخضر العادل (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
- فجوة محتملة بين جهود التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر والعدالة الاجتماعية.
- 6 نماذج أولية تصنف البلدان بناءً على نقاط انطلاقها نحو تحول الطاقة العادل.
- العقبة الرئيسة أمام التقدم في تحقيق التحول الأخضر العادل هي الافتقار إلى البيانات وأدوات السياسة.
- لا يوجد نهج واحد يناسب الكل في الانتقال العادل نحو اقتصاد منخفض الكربون.
وسط جهود التحول الأخضر المتسارعة عالميًا تبرز إشكالية تحقيق العدالة الاجتماعية بالتوازي مع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات، وضمان ألا يؤدي هذا النهج إلى إهمال الفئات الأكثر فقرًا.
ويكشف تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، عن فجوة محتملة بين جهود تحول الطاقة عالميًا والنتائج الاجتماعية المترتبة على ذلك، مع تحديد 6 نماذج أولية للبلدان تسلط الضوء على نقاط بدايتها المختلفة فيما يتعلق بتمكين التحول العادل.
ومن خلال دراسة هذه النماذج الأولية، يمكن للبلدان تطوير سياسات وإستراتيجيات أكثر فاعلية لتحقيق انتقال عادل إلى اقتصاد منخفض البصمة الكربونية.
ومع ذلك، فإن العقبة الرئيسة أمام التقدم في تحقيق التحول الأخضر العادل هي الافتقار إلى البيانات وأدوات السياسة، ما يُمثل عائقًا أمام قياس تأثير السياسات الخضراء في النتائج الاجتماعية واتخاذ قرارات مستنيرة.
نماذج التحول الأخضر
1- المملكة المتحدة: نموذج للاقتصادات ذات الدخل المرتفع، التي تعتمد نموذج التحول الأخضر الشامل، وتحرز تقدمًا في خفض كثافة انبعاثاتها من خلال تبني التقنيات الخضراء، وضمان العدالة الاقتصادية، وتُعد القوى العاملة الماهرة والقدرات المالية نقاط قوة رئيسة لديها.
على الرغم من ذلك، فإن هناك تحديّات محتملة، مثل تآكل القدرة التنافسية وضغوط تكلفة المعيشة وشيخوخة القوى العاملة، بحسب تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
وتخطط البلاد للتخلص التدريجي من محطات الكهرباء العاملة بالفحم عام 2024، وزيادة الطاقة المتجددة والاستثمار في قدرات الطاقة النووية الجديدة، مع إستراتيجية التمويل الأخضر التي تهدف إلى جذب استثمارات خاصة بأكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (129.15 مليار دولار أميركي) بحلول 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ولضمان التحول الأخضر العادل، تعمل فرقة العمل الحكومية المعنية بالوظائف الخضراء (Green Jobs Taskforce) على دعم العمالة في القطاعات عالية الكربون خلال التحول، وتعزيز التمثيل المتساوي للنساء في الوظائف الخضراء الجديدة.
2- أوروغواي: تمثّل نموذجًا للبلدان الناشئة في تبني التحول الأخضر، وتستثمر الدولة في برامج التدريب والتعليم لمساعدة العمال على التكيف مع سوق العمل المتغيرة، فضلًا عن أنظمة الدعم لمساعدتهم على انتقال الطاقة السلس.
ومنذ 2010، خطت أوروغواي خطوات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، إذ تأتي 98% من الكهرباء من مصادر متجددة، لكن ما يزال الوقود الأحفوري يمثّل 45% من إجمالي مزيج الطاقة.
وتستثمر البلاد في الهيدروجين الأخضر، الذي من المتوقع أن يدُرّ 1.9 مليار دولار من العائدات، ويوفر أكثر من 30 ألف وظيفة بحلول 2040.
وتجرب أوروغواي المبادئ التوجيهية لمنظمة العمل الدولية بشأن التحول الأخضر العادل، بهدف توفير وظائف بالقطاعات الخضراء على الصعيد الوطني، كما يجري تنفيذ مبادرات لدعم المزارعين في زيادة قدرتهم على الإنتاج المستدام.
3- سلطنة عُمان: تمثّل نموذج اقتصاد الوقود الأحفوري، ذات كثافة الانبعاثات الكبيرة، واستهلاك الطاقة القائمة على الدعم.
وعلى الرغم من امتلاكها قوة عاملة قوية في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة ووضع مالي مستقر، فإن إعادة هيكلة نظامها المالي لاستيعاب الإلغاء التدريجي للدعم والتنويع الاقتصادي سيشكّل تحديًا كبيرًا في السنوات المقبلة.
ولتقليل اعتمادها على النفط والغاز، اللذين يمثلان 70-85% من الإيرادات الحكومية، تستهدف عُمان وصول نسبة الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 39% بحلول 2040.
كما تركّز عمان على تعزيز تطوير الهيدروجين الأخضر، الأمر الذي يمكن أن يساعد البلاد على أن تصبح سادس أكبر مصدّر له عالميًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، كما يوضح الإنفوغرافيك التالي:
4- ماليزيا: تمثّل نموذج الاقتصادات النامية، وهو بلد من الشريحة العليا من الدخل المتوسط، وتسعى للتوازن بين التخفيف من آثار تغير المناخ والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتواجه ماليزيا تحديّات في معالجة عدم المساواة في الدخل وإتاحة التمويل، ويهيمن الوقود الأحفوري على مزيج الكهرباء في البلاد، في حين تمثّل حصة الطاقة المتجددة 4%، ولكنها تستهدف رفع هذه الحصة إلى 70% بحلول عام 2050.
وتعطي خريطة الطريق الوطنية الأولوية للشمولية في مجال التحول الأخضر، مع تقديم دعم موجه إلى الفئات ذات الدخل المنخفض، والتركيز على توفير 310 آلاف وظيفة خضراء بحلول 2050.
5- كينيا: تمثّل نموذج الاقتصادات الناشئة، وهي دولة منخفضة الدخل ذات عدد كبير من السكان الشباب، وذات انبعاثات منخفضة، وتواجه تحديًا يتمثّل في تحقيق التوازن بين النمو المستدام واحتياجات التنمية.
وعلى الرغم من توليد 90% من الكهرباء من مصادر الطاقة متجددة، فإن الحصول عليها ما يزال يمثّل مشكلة.
وتسلط خطة كينيا لزيادة توليد الكهرباء بالفحم، الضوء على الجهود التي يجب أن تُبذل لتحقيق التوازن بين الأهداف المناخية والطموحات الاقتصادية، كما أن اقتصاد البلاد، لا سيما الزراعة والسياحة، معرض للتأثر بتغير المناخ.
وتهدف إسهامات كينيا المحددة وطنيًا إلى تحسين فرص حصول الفئات الفقيرة على التمويل المناخي والتسهيلات الائتمانية.
6- كوريا الجنوبية: نموذج للبلدان الصناعية والمتقدمة تكنولوجيًا في تطوير التقنيات الخضراء ونماذج الأعمال، وتستهدف تحقيق الحياد الكربوني في 2050، وهي مسؤولة عن 1.6% تقريبًا من الانبعاثات العالمية.
وتتخذ الحكومة تدابير لدعم العمال والمناطق المتضررة من التحول الأخضر، كما أعلنت الحكومة الصفقة الخضراء الجديدة (Green New Deal) مع التركيز على توفير تمويل مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية الخضراء وتعزيز الصناعات منخفضة الكربون، وتدريب العمالة على الوظائف الخضراء.
إدراك آثار التحول الاقتصادية والاجتماعية
يؤكّد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أن التحول الأخضر يتطلب نهجًا دقيقًا، إذ غالبًا ما تكون تكاليف وفوائد سياسات المناخ موزعة بصورة غير متساوية، كما أنه يتضح من النماذج الأوّلية للدول أنه لا يوجد نهج واحد يناسب كل البلدان في الانتقال العادل نحو اقتصاد منخفض الكربون.
ويمكن أن يؤثر التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري في العمالة وتكاليف المعيشة، ويجب على الاقتصادات الناشئة في أميركا اللاتينية وآسيا موازنة سياسات خفض الكربون مع النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وتواجه الشركات المشاركة في العمل المناخي -أيضًا- تحديّات، إذ يُستشهد بالتمويل غير الكافي بصفته أكبر خطر على العدالة الاقتصادية.
ولذلك فإن فهم هذه الآثار الاجتماعية والاقتصادية أمر بالغ الأهمية، لضمان عدم تأثر الفئات الأكثر فقرًا في المجتمعات بالتحول الأخضر.
موضوعات متعلقة..
- هل تتحول أحلام التحول الأخضر في أوروبا إلى كابوس؟
- تمويل التحول الأخضر.. الصين تُقدم آليات مبتكرة (تقرير)
- لتحول الأخضر يكلف 9 تريليونات دولار سنويًا.. هل توفرها الضرائب؟
اقرأ أيضًا..
- صادرات الغاز المسال الجزائرية.. أسباب الانخفاض ومصير "الصخري الضخم"
- أول حليب صديق للبيئة.. أحدث صيحات مكافحة تغير المناخ
- 3 عوامل تجعل مشروع الرويس للغاز المسال جاذبًا للشركات العالمية (تقرير)