شركات النفط الكبرى تبيع أصولًا بـ290 مليار دولار.. وشكوك حول جهودها المناخية
خلال 8 سنوات
وحدة أبحاث الطاقة - حسين فاروق
تتعرض شركات النفط الكبرى لضغوط متزايدة من المساهمين والحكومات، من أجل تحول متسارع لمشهد الطاقة العالمي نحو مستقبل منخفض الكربون.
واستجابةً لهذه الضغوط المتزايدة، اتخذت شركات النفط العالمية خطوات للتكيف مع المشهد المتغير للطاقة من خلال بيع بعض أصولها واستغلال العائدات للاستثمار في مشروعات أكثر استدامة، لكن غالبية هذه الأصول المبيعة ذهبت إلى شركات نفط أخرى أصغر، ما يعني عدم وجود تأثير كبير في إجمالي الجهود المناخية العالمية.
وخلال المدّة من 2015 إلى 2023، باعت 9 من شركات النفط الكبرى المدرجة في البورصة (شل وبي بي وإكسون موبيل وكونوكو فيليبس وشيفرون وإيني وريبسول وإكوينور) أصولًا بقيمة 290 مليار دولار، ترتبط 50% منها بقطاع المنبع (الاستكشاف والإنتاج).
وفي العام الماضي، انخفضت مبيعات أصول شركات النفط العالمية بنسبة 15% على أساس سنوي، لتصل إلى 22 مليار دولار، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وعلى الرغم من انخفاض بيع الأصول للعام الثاني على التوالي، فإن شركات النفط الكبرى ما تزال تستثمر المزيد من الأموال في أنشطتها لاستكشاف النفط والغاز وإنتاجهما.
وهذا الاتجاه قد يشكك في انتقال شركات النفط العالمية بنجاح إلى تحول الطاقة، إذ تحتاج إلى موازنة حاجتها بين تحقيق الأرباح لمساهميها وجهودها للحدّ من انبعاثات الكربون.
أكبر شركات النفط في بيع الأصول
على مدار السنوات الـ8 الماضية، قادت شركة شل العالمية متعددة الجنسيات، شركات النفط الكبرى في بيع الأصول بقيمة بلغت 71 مليار دولار، أي ما يقرب من ضعف ما حققته أقرب منافسيها، وهي شركة توتال إنرجي، بحسب تقرير صادر عن شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.
وتركّز شركات النفط الكبرى بصورة متزايدة على بيع الأصول في الأسواق المحلية، وبصفة خاصة أوروبا وأميركا الشمالية (63%).
وقد يكون هذا الاتجاه مدفوعًا بحقيقة أن الأصول في هذه المناطق (أوروبا وأميركا الشمالية) غالبًا ما تأتي بتكاليف أعلى أو تخضع للوائح أكثر صرامة، وضغوط المستثمرين، ومطالب العملاء، لمعالجة المخاطر المتعلقة بتغير المناخ.
تعزيز الاستثمارات الخضراء
تتخذ شركات النفط الكبرى خطوات لإعادة تشكيل محافظها الاستثمارية من خلال تصفية الأصول عالية الكربون وضخ المزيد من الاستثمارات في المشروعات الخضراء، وهذا الاتجاه أكثر وضوحًا بين الشركات الأوروبية بصفة خاصة.
وعلى الرغم من الزخم الأوّلي، تباطأت استثمارات شركات النفط العالمية في القطاعات منخفضة الكربون في 2023، في حين شهدت حصة قطاع التنقيب والإنتاج من النفقات الرأسمالية ارتفاعًا ملحوظًا لأول مرة منذ 2017، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويشير هذا التطور إلى تعديل إستراتيجيات شركات النفط الكبرى بشأن خططها للحدّ من بصمتها الكربونية، مع إعادة تقييم أولوياتها وأهدافها.
ومنذ 2021، كانت هناك طفرة في مبيعات الأصول، مع انتقال شركات النفط العالمية إلى التركيز على الاستثمارات المرتبطة بمصادر الطاقة المتجددة، قبل أن تتباطأ في العام الماضي إلى حدّ ما.
وهناك 3 دوافع أساسية وراء قيام شركات النفط الكبرى ببيع أصولها، أولًا: اعتماد نهج تخفيض الاستثمارات التدريجي لتعزيز عوائد المشروعات وتقليل المخاطر الاستثمارية، ثانيًا: الخروج من بعض الأنشطة والعمليات غير الأساسية جزءًا من إعادة هيكلة المحفظة الاستثمارية، وأخيرًا: إقامة شراكات لتعزيز أعمالها في الطاقة المتجددة، بحسب بلومبرغ.
تراجع الأهداف المناخية لشركات النفط الكبرى
من إجمالي قيمة مبيعات الأصول البالغة 290 مليار دولار خلال السنوات الـ8 الماضية، استحوذت شركات أصغر حجمًا وأقل شهرة في قطاع النفط على 70% من الإجمالي.
وبينما قد يكون بيع الأصول ذات الانبعاثات الكربونية العالية خطوة نحو تحقيق شركات النفط الكبرى لأهدافها في إزالة الكربون من أنشطتها، فإن نقل هذه المسؤوليات إلى مستثمرين أقل طموحًا في مجال المناخ لن يساعد على خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز.
ومؤخرًا، وسط ضغوط أمن الطاقة والتكاليف المرتفعة، ظهرت ملامح لتراجع بعض شركات النفط الكبرى عن أهدافها المناخية وتقليل بصمتها الكربونية؛ فقد أعلنت شركة شل، في مارس/آذار 2023، وقف خطّتها لخفض إنتاج النفط بنسبة 1% إلى 2% سنويًا حتى عام 2030.
وفي خطوة مماثلة، قلّصت شركة النفط البريطانية بي بي، في فبراير/شباط 2023، خطّتها لخفض إنتاج النفط والغاز من 40% بحلول 2030 إلى 25%، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
جاء ذلك وسط تحذيرات عالمية ضد الدعوات إلى وقف الاستثمار في النفط والغاز، وتداعيات ذلك على أسعار الطاقة وأمن إمداداتها.
موضوعات متعلقة..
- مصافي شركات النفط الكبرى في قبضة تجار الطاقة والسلع.. ما السبب؟
- شركات النفط والغاز مهددة بصعود كامالا هاريس لرئاسة أميركا
- زيادة الضرائب على شركات النفط والغاز في بريطانيا تهدد الوظائف والاستثمارات
اقرأ أيضًا..
- سوق الكهرباء النظيفة في أوروبا ما بين تقلّبات الأسعار وفرص الاستثمار (تقرير)
- مشروع لتخزين الكهرباء في الإمارات يشهد تنافس 27 شركة
- 5 آبار تدعم احتياطيات نفطية في مصر بـ100 مليون برميل
- صادرات خام الحديد الأسترالي تواجه مستقبلًا غامضًا (تقرير)