تقارير التكنو طاقةتكنو طاقةرئيسية

صناعة الصلب الأخضر.. الرابحون والخاسرون من تقنية أفران القوس الكهربائي (فيديو)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يتزايد توجه مصنّعي الصلب لخفض البصمة الكربونية لعملياتهم التجارية
  • تقنية أفران القوس الكهربائي تؤدي دورًا واعدًا لخفض انبعاثات صناعة الصلب
  • تواجه تقنية أفران القوس الكهربائي تحديات عديدة مثل جودة الخردة المستعملة
  • أفران القوس الكهربائي تشكّل حاليًا قرابة 29% من إنتاج الصلب العالمي
  • تعتمد التقنية على صهر الخردة داخل وعاء كبير مبطن وتحويله إلى صلب نقي

أصبحت صناعة الصلب الأخضر توجهًا متناميًا لعديد من الشركات الكبرى الراغبة في خفض البصمة الكربونية لعملياتها التجارية في الصناعات الثقيلة.

وبينما تبرز أفران القوس الكهربائي بصفتها تقنيةً مثاليةً لتحقيق مستهدف خفض الانبعاثات الناجمة عن صناعة الصلب، إلا أنها تأتي مقترنةً بمزايا وعيوب تفيد بعض أطراف الصناعة، وتضر البعض الآخر.

ويعتمد إنتاج الصلب الأخضر القائم على أفران القوس الكهربائي على صهر الصلب الخردة أو المعاد تدويره، ما يقلص الانبعاثات الكربونية بمعدل هو الأكبر من نوعه على الإطلاق في ذلك القطاع.

ووفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تشكّل أفران القوس الكهربائي -حاليًا- قرابة 29% من إنتاج الصلب العالمي.

ويشير مصطلح الصلب الأخضر إلى الفولاذ المُنتَج باستعمال الكهرباء النظيفة، وهو تعبير مجازي يقابله اصطلاحيًا الصلب الرمادي المُنتَج باستعمال كهرباء مولدة من الوقود الأحفوري مثل الفحم والغاز الطبيعي الملوثين للبيئة.

أفران القوس الكهربائي

تُعد صناعة الصلب إحدى أكثر الصناعات المسببة للتلوث؛ إذ تُسهم بما يتراوح بين 7% و9% من إجمالي الانبعاثات الكربونية عالميًا، وفقًا لرابطة الصلب العالمية، ومقرّها العاصمة البلجيكية بروكسل.

وتعتمد الطريقة التقليدية السائدة لصناعة الصلب على تحويل خام الحديد إلى حديد ثم إلى فولاذ، داخل أفران الصهر باستعمال فحم الكوك بصفته مصدر وقود؛ ما يتسبب في إطلاق كميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، تُقدر بقرابة طنين لكل طن من الفولاذ المُنتَج، وفق صحيفة فايننشال تايمز.

ونتيجة لذلك يسابق مصنعو الصلب وأصحاب المصلحة في تلك الصناعة الزمن لإيجاد طرق لخفض البصمة الكربونية لعملياتهم التجارية، بما في ذلك الاستثمار في تقنية احتجاز الانبعاثات الكربونية.

ويبرُز الرهان الأكبر في خفض تلك الانبعاثات على تصنيع الصلب الأخضر في أفران القوس الكهربائي، ويعتمد ذلك على استعمال تلك الأفران مع مصانع إنتاج الحديد المختزل المباشر، التي يمكن تشغيلها بالغاز الطبيعي أو حتى بالهيدروجين الأخضر، لإنتاج نوع من الحديد يمكن إدخاله في فرن القوس الكهربائي لتصنيع صلب جديد.

ويعمل فرن القوس الكهربائي على صهر الفولاذ الخردة أو المعاد تدويره بدلًا من تحويل المواد الخام، لا سيما خام الحديد، كما هو الحال في فرن الصهر التقليدي.

ويُنتِج فرن القوس الكهربائي قوسًا كهربائيًا عالي الحرارة بين أقطاب الغرافيت، باستعمال الكهرباء مصدر طاقة، ويعمل هذا القوس المشابه لصاعقة البرق -تقريبًا- على إذابة الخردة داخل وعاء كبير مبطن بالمواد المقاومة للحرارة وتحويلها إلى فولاذ نقي.

إنتاج الفولاذ داخل فرن القوس الكهربائي
إنتاج الفولاذ داخل فرن القوس الكهربائي - الصورة من grecianmagnesite

مزايا وعيوب

تُعد أفران القوس الكهربائي المُستعملَة في صناعة الصلب الأخضر أصغر حجمًا بكثير وأكثر مرونة من نظيراتها المُستعمَلة في صناعة الفولاذ التقليدية، كما أن تكلفة بنائها أرخص بكثير.

ولأنها تستعمل الكهرباء لإذابة الصلب الخردة، يكون بمقدور صناعة الصلب التي تستعمِل أفران القوس الكهربائي خفض الانبعاثات الكربونية بما يتراوح بين 75% و80% مقارنة بالأفران التقليدية.

لكن تبرُز هناك تحديات في عملية إزالة الكربون من صناعة الصلب الأخضر باستعمال أفران القوس الكهربائي، فإمدادات الخردة العالمية محدودة، ولا يمكنها أن تُنتِج الفولاذ بالجودة المطلوبة لصناعات معينة مثل السيارات.

كما أن تدني جودة الخردة تمثّل عقبةً أخرى تتمثّل في صعوبة إزالة الشوائب منها، خاصةً النحاس، ومن ثم تبرُز هناك حاجة ماسة إلى استحداث طرق أفضل لإعادة التدوير، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

إلى جانب ذلك تنطوي عملية إزالة الكربون من صناعة الصلب على تحدٍّ آخر يتمثّل في تكلفة الكهرباء، لا سيما في بلدان مثل المملكة المتحدة التي ترتفع فيها الأسعار، فضلًا عن صعوبة الحصول على كميات هائلة من الكهرباء الخضراء التي تشتد الحاجة إليها عند استعمال تلك التقنية.

جدوى التقنية

يدخل مزيد من أفران القوس الكهربائي حيز التشغيل بين الحين والآخر، ففي العام الماضي (2023) كان 43% من سعة صناعة الصلب الأخضر الجديدة المُخطط لها قائمًا على تلك التقنية، في حين ما يزال 57% تستعمِل أفران الصهر التقليدية المشغلة بالفحم، وفق تقديرات منصة غلوبال إنرجي مونيتور (Global Energy Monitor).

ويُعد هذا تقدمًا ملحوظًا في عملية إزالة الكربون من صناعة الصلب، مقارنةً بالعام السابق (2022) حينما لم تتجاوز سعة صناعة الصلب الجديدة المُخطط لها استعمال أفران القوس الكهربائي 33%.

ورغم هذا التحول ما تزال صناعة الصلب عاجزة عن خفض الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق المستويات التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية، وهي النسبة المحددة في اتفاقية باريس للمناخ 2015.

ووفق سيناريو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 والمحدد بوساطة وكالة الطاقة الدولية، يتعيّن إنتاج ما يزيد على نصف سعة صناعة الصلب عالميًا (53%) باستعمال تقنية أفران القوس الكهربائي.

إنتاج الصلب في فرصن الصهر التقليدي
إنتاج الصلب في فرن الصهر التقليدي - الصورة من steel.org

الرابحون والخاسرون

يتطلّب التحول إلى استعمال أفران القوس الكهربائي، بهدف إزالة الكربون من صناعة الصلب ضخ استثمارات بمليارات الدولارات، وفق معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقالت شركات صناعة الصلب إنها بحاجة إلى دعم دافعي الضرائب، للمساعدة على دفع فاتورة هذا التحول المُنتظَر.

ولعل أحد التحديات الكبرى التي ستواجهها الحكومية في استعمال تلك التقنية هي الخسائر الضخمة في الوظائف؛ نظرًا إلى أن تلك الأفران لا تتطلب سوى عمالة قليلة مقارنةً بنظيراتها التقليدية.

ولذا ستتنامى الضغوط الواقعة على مصنعي السياسات وأصحاب المصلحة الآخرين لإتاحة تحول عادل وضمان توفير بدائل وظيفية للعمال المتضررين.

أما الفائزون من استعمال تقنية أفران القوس الكهربائي في صناعة الصلب الأخضر فهم الوافدون الجدد على ذلك القطاع، الذين لا يعانون تهالك البنية التحتية.

وتتمتع تلك الشركات بميزة كبيرة بفضل تمركزها في المناطق التي لديها وصول إلى الكهرباء الخضراء الرخيصة، مثل الدول الإسكندنافية أو أستراليا أو الشرق الأوسط.

ويوضح الفيديو التالي آلية إنتاج الصلب في فرن القوس الكهربائي:

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق