تترقّب المصافي الآسيوية تنفيذ الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان تعهداته تجاه محاولة رفع العقوبات الأميركية عن صادرات النفط من طهران.
ورغم أن الصين كانت المستفيد الأكبر من تدفقات نفط إيران بأسعار شحنات مخفّضة بعد فرض العقوبات، فإن اقتصادات آسيوية أخرى تسعى لاستئناف تلقي خامات طهران بصورة رسمية ودون تحايل على العقوبات.
ووفق معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن رفع العقوبات ينعكس على تجارة النفط الإيرانية بدءًا من زيادة الإنتاج المحلي حتى مضاعفة الصادرات، لكن -ورغم ذلك- لم تُشر الأحداث الجيوسياسية إلى احتمال تنفيذ ذلك في الآونة الحالية.
ومن بين الأسواق المتعطشة للنفط الإيراني بجانب الصين: (كوريا الجنوبية، واليابان، والهند)، إذ تكشف بيانات سابقة أن حجم تجارة النفط بين طهران من جهة، والاقتصادات الـ4 من جهة أخرى، كان مرتفعًا للغاية؛ إذ تفضّل المصافي الآسيوية نوعية خامات طهران.
النفط الإيراني
لا تأمل المصافي الآسيوية وحدها في رفع العقوبات الأميركية عن صادرات إيران النفطية، بل حوّله الرئيس الجديد مسعود بزشكيان إلى التزام انتخابي عبر العمل على إحياء الاتفاق النووي.
وينظر بزشكيان إلى العقوبات بوصفها "كارثية"، ما دفع أعضاء حملته إلى تبني هدف إحياء الاتفاق النووي بما يمهد إلى رفع العقوبات، حسبما أوضحوا خلال الانتخابات التي أُعلنت نتائجها مطلع شهر يوليو/تموز الجاري، بعدما لقي الرئيس السابق إبراهيم رئيسي حتفه في حادث تحطم طائرة.
وانتقد الرئيس الإيراني إتمام صفقات لبيع النفط وفق مستويات أسعار تنخفض عن سعر السوق، ورغم طموحات بزشكيان فإن هناك مخاوف من تدخل المرشد الأعلى علي خامنئي في حسم شؤون السياسات الخارجية.
وقد تأخذ المشاورات حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني بُعدًا آخر، وفق نتائج الانتخابات الرئاسية في أميركا المرتقبة بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، خاصة حال فوز المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب الذي أعاد فرض العقوبات على طهران عام 2018.
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور إنتاج النفط الإيراني من عام 2020 حتى العام الجاري 2024:
سياسات إيران النفطية
لا يعني إفصاح حملة الرئيس الإيراني عن طموحاته أنها ستتحول إلى واقع، إذ رهن المسؤول في شركة الاستشارات إي واي بارثينون (EY Parthenon) توشار بانسال، قدرة بزشكيان على تغيير السياسات النفطية بالتوصل إلى اتفاق مع الغرب.
وأوضح بانسال أن التوصل إلى اتفاق يضمن تدفق مزيد من النفط الإيراني إلى الأسواق يجب أن يحدث بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل بحد أقصى، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة من شأنها ضبط مستويات أسعار النفط الخام وخفضها قبيل ذروة الطلب خلال فصل الشتاء.
وكشف عن أن رفع العقوبات عن النفط الإيراني، بموجب التوصل إلى اتفاق، ينعش طموحات طهران في زيادة الإنتاج المحلي وزيادة الاستثمارات مع الشركات الأجنبية لتطوير الحقول المتهالكة منخفضة الإنتاج.
واتفق معه المسؤول العالمي عن أبحاث الطلب على النفط لدى ستاندرد أند بورز غلوبال، كانغ وو، مشيرًا إلى أن إنتاج النفط الإيراني شهد ارتفاعًا مقارنة بمستويات عام 2020، وتداعيات فرض العقوبات وتجميد الاتفاق النووي.
وقال إن إنتاج الخام الإيراني قد يرتفع إلى مستويات أعلى حال رفع العقوبات الأميركية، رغم أن هذا السيناريو غير متوقع في وقت قريب.
وأشار وو إلى أن المصافي الآسيوية ستنتعش بمزيد من واردات النفط الإيراني، في مرحلة ما بعد رفع العقوبات.
تطلعات المصافي الآسيوية
يبدو أن تعهدات الرئيس الإيراني بزشكيان جدّدت آمال المصافي الآسيوية في استئناف تجارة النفط مع طهران، رغم أن الحديث حول رفع العقوبات لن يواجه حلًا فوريًا، ويستغرق وقتًا للتوصل إلى اتفاق.
وأبدى عدد من المعنيين بصناعة التكرير في بعض دول قارة آسيا تفاؤلهم من تعهدات الرئيس بزشكيان، حول تطلعه إلى استئناف الحوار مع أميركا حول العقوبات والاتفاق النووي، حسب ما نقله موقع إس آند بي غلوبال (S&P Global).
وفي الأسطر التالية، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) حجم تجارة النفط بين إيران وعدد من المصافي الآسيوية، خلال مرحلة ما قبل العقوبات، بالإضافة إلى سيناريوهات إعادة التعاون بينها.
1) الصين:
لم تتوقف الصين عن شراء الخامات الإيرانية رغم العقوبات، بخلاف موقف عدد من المصافي الآسيوية الأخرى.
وتورد طهران الخامات الثقيلة إلى بكين، لكن الخلاف الآن حول التغييرات المحتملة في سياسات التصدير سواء على المدى القصير أو لمدة عام، وسط ترقب لانتظام وأسعار شحنات ما بعد الإدارة الجديدة لدى طهران.
ومع انخفاض طلب مصافي الصين المستقلة في "شاندونغ" خلال الأشهر الأخيرة، تراوح متوسط واردات النفط الإيراني بين 1.4 و1.6 مليون برميل يوميًا، ويبدو أن المصافي الصينية الخاصة الكبرى دعّمت عمليات الشراء الإضافية.
2) كوريا الجنوبية:
اقتنصت كوريا الجنوبية لقب أكبر مستورد للمكثفات الإيرانية من بين جميع المصافي الآسيوية خلال مرحلة ما قبل فرض العقوبات، وكانت ضمن أكبر 3 مشترين للنفط الخام من طهران.
وقبيل إعادة فرض العقوبات عام 2018 بعام واحد، كشفت بيانات عن أن مشتريات كوريا الجنوبية للنفط الخام والمكثفات من طهران قد بلغت 148 مليون برميل.
وقال أحد العاملين في مصفاة هانوا- توتال إنرجي (وهي مشروع مشترك بين الشركتين الكورية جنوبية والفرنسية بنسبة 50% لكل منهما)، إن استئناف شراء المكثفات من حقل بارس الجنوبي الإيراني يحوّل الحلم إلى واقع، نظرًا إلى أهمية خامات طهران الخفيفة.
3) اليابان:
يُعد النفط الإيراني الثقيل وخام فوروزان من مفضلات مصافي التكرير اليابانية، وتعتزم عدد من مصافي طوكيو استئناف شراء الخامات والمكثفات من طهران بشراهة، في أعقاب رفع العقوبات.
ورصدت بيانات أن إيران احتلّت المرتبة السادسة ضمن أكبر موردي النفط لليابان عام 2017، بما يُقدر بنحو 172 ألفًا و216 برميلًا يوميًا.
4) الهند:
تعتزم الهند اتباع نهج المصافي الآسيوية الأخرى، بتكثيف شراء درجات النفط الإيراني المختلفة فور توافره في السوق، خاصة أن مشترياتها النفطية من طهران قدرت بنحو 500 ألف برميل يوميًا عام 2018، بما يُعادل 11% من إجمالي وارداتها.
وكثّفت مصافي التكرير الهندية من شراء الخامات الإيرانية بعد رفع العقوبات عام 2016، بعدما أقرت طهران تخفيضات سعرية.
موضوعات متعلقة..
- المصافي الآسيوية تنتظر النفط الإيراني بعد انتهاء المحادثات النووية
- هل تتغير العقوبات على النفط الإيراني في عهد بزشكيان؟ 6 خبراء يتحدثون للطاقة
- 3 عوامل تشكّل أسواق النفط الآسيوية في 2023.. وإيران قد تُغيّر المشهد
اقرأ أيضًا..
- عدد من شركات الأسمدة المصرية يوقف إنتاج اليوريا بسبب نقص الغاز
- 3 دول تهبط بصادرات الغاز المسال العربية في النصف الأول من 2024
- سوق الطاقة العالمية تحبس أنفاسها.. 7 انتخابات في 2024 قد تغير المشهد