إنتاج الصلب الأخضر في أوكرانيا.. كيف يدعم تعافيها بعد الحرب؟ (تقرير)

يمثّل التحول نحو إنتاج الصلب الأخضر في أوكرانيا أمرًا بالغ الأهمية لتعافي البلاد بعد الحرب مع روسيا، لأنه لن يقلل من انبعاثات الكربون خلال مرحلة إعادة الإعمار فحسب، بل سيؤدي -أيضًا- إلى النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.

وتشير التقديرات إلى أن أوكرانيا ستحتاج إلى ضخ استثمارات سنوية تبلغ نحو 3.1 مليار دولار، على مدار 20 عامًا، لتصل إلى 62 مليار دولار، وهي القيمة المطلوبة لاستعادة قدرتها الكاملة في إنتاج الصلب إلى مستوى ما قبل الحرب.

ويرى البنك الدولي أن أوكرانيا بحاجة إلى إنفاق ما يقرب من 486 مليار دولار من أجل التعافي من الأضرار الناجمة عن الحرب وإعادة الإعمار، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ووفقًا لذلك، فإن متطلبات الاستثمار في الصلب الأخضر في أوكرانيا ستُمثّل 6% من إجمالي احتياجات إعادة الإعمار خلال السنوات الـ10 الأولى بعد الحرب، في حين ستكون هذه النسبة 12% في إجمالي الـ20 عامًا التالية للحرب.

الصلب الأخضر في أوكرانيا فرصة بيئية واقتصادية

مع قدرته على إنتاج 22 مليون طن سنويًا، يوفر قطاع الصلب الذي دمّرته الحرب في أوكرانيا، فرصة للانتقال إلى إنتاج منخفض الانبعاثات وجني الفوائد الاقتصادية بعد الحرب، مع خطة القطاع للوصول إلى مستويات تقترب من الحياد الكربوني بحلول عام 2050، حسب تقرير حديث صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

وتفترض هذه الخطة أن إنتاج الصلب الأخضر في أوكرانيا سيكون أمرًا لا مفر منه، خاصة مع الاحتمال الكبير لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي، ووقتها سيتعيّن على منتجي الصلب الأوكرانيين تحقيق مستهدفات الكتلة بإنتاج الصلب الخالي من الانبعاثات بحلول عام 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وفي السياق نفسه، فإن قطاع الصلب الأخضر في أوكرانيا ستكون له فوائد اقتصادية بعيدة المدى، ففي 2021، أسهم كل دولار استُثمِرَ في المعادن الأساسية، بتوليد 3.28 دولارًا إضافية في قطاعات أخرى من الاقتصاد.

ويشير تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن المسار الافتراضي لصناعة الصلب الأخضر يمكن أن ينتج عنه، بحلول عام 2050، ما يصل إلى 415 مليار دولار من القيمة المضافة الإجمالية (GVA)، وهي القيمة الناتجة عن أيّ وحدة لإنتاج السلع والخدمات مطروحًا منها قيمة مستلزمات الإنتاج.

وبالمقارنة مع السيناريو الذي تستمر فيه صناعة الصلب باستعمال الفحم، فإن اتّباع مسار الصلب الأخضر في أوكرانيا سيوفر 164 مليار دولار إضافية من إجمالي القيمة المضافة، بحلول منتصف القرن الحالي.

وبعبارة أخرى، فإن التحول إلى طريق الصلب الأخضر في أوكرانيا من شأنه أن يخلق قيمة اقتصادية أكبر من النهج التقليدي القائم على الفحم.

التحول بعيدًا عن الفحم

في ضوء خطة خفض الانبعاثات، ستتحول صناعة الصلب في أوكرانيا من المناطق الشرقية إلى المناطق الغربية والجنوبية، مع استبدال الفحم بالطاقة المتجددة في أفران الصلب.

كما ستُبنى مصانع الصلب الأخضر الجديدة بالقرب من السكك الحديدية عبر الحدود الغربية ومواني البحر الأسود المتجهة جنوبًا، وبالقرب من المناطق المُثلى لمصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ ما يسرّع النمو الاقتصادي.

وسيؤدي هذا التحول إلى زيادة الطلب على خدمات النقل البري والبحري، وإعادة توجيهها نحو الأسواق الغربية و الاتحاد الأوروبي، بحسب ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

ونتيجة لذلك، من الممكن تحفيز إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بصفته وقودًا خاليًا من الكربون، بالإضافة إلى خام الحديد عالي الجودة ومدخلات الخردة المعدنية لصناعة الصلب.

وتشتمل الاستثمارات المطلوبة لاستعادة أوكرانيا لإنتاجها الكامل من الصلب، على 45.9 مليار دولار للبنية التحتية للطاقة المتجددة، و6.6 مليار دولار لتقنيات تخزين الكهرباء، و9.5 مليار دولار لأفران صناعة الحديد والصلب، بالإضافة إلى استثمارات أخرى لتحديث أنظمة النقل.

ويمثّل الوصول إلى رأس المال، والسياسات المناخية الواضحة، والعلاقات التجارية الإقليمية القوية، أمورًا ضرورية لإعادة تطوير قطاع الحديد والصلب في أوكرانيا.

تاريخ أوكرانيا في صناعة الصلب

تاريخيًا، كانت أوكرانيا في المرتبة الـ14 عالميًا في إنتاج الصلب عالميًا، إذ بلغ إنتاجها 21.4 مليون طن من الصلب الخام في عام 2021.

ورغم ذلك، اشتهرت صناعة الصلب في أوكرانيا بكونها واحدة من أكبر الصناعات في العالم إطلاقًا للانبعاثات الكربونية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وفي عام 2020، كانت صناعة الصلب في أوكرانيا مسؤولة عن 48 مليون طن من انبعاثات الكربون، أي ما يعادل 15% من إجمالي الانبعاثات في البلاد.

وعلى الصعيد العالمي، يعدّ إنتاج الصلب مسؤولًا عن 8% من إجمالي الانبعاثات -أي ما يعادل 2.6 مليار طن من الكربون سنويًا-، ما يُمثّل 8 أضعاف انبعاثات الطيران الدولي.

ومع ذلك، فإن الطريق نحو إنتاج الصلب الأخضر في أوكرانيا ممهّد، فمع وجود موارد للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وبفضل امتلاكها احتياطيات هائلة من خام الحديد، وسهولة الوصول إلى العملاء الأوروبيين؛ يمكن للبلاد تطوير البنية التحتية للطاقة النظيفة اللازمة للصناعة.

ونتيجة لموقعها الإستراتيجي، يمكن لأوكرانيا أن تعزز أسواق الصلب الأخضر الأوروبية، ومن ثم توفير فرص عمل في جميع مراحل سلسلة القيمة وتحقيق عوائد اقتصادية كبيرة تتجاوز الاستثمارات الأولية.

ومن شأن إنتاج الصلب الأخضر في أوكرانيا أن يولّد ما يقرب من ضعف النمو الاقتصادي الذي يحققه الصلب التقليدي القائم على الفحم.

موضوعات متعلقة..

• أول مشروع لإنتاج الصلب الأخضر في الهند
• إنتاج الصلب الأخضر.. كيف يُسهم في خفض الانبعاثات بحلول 2050؟
• تصدير الصلب الأخضر.. دولة عربية ستكون الأرخص بالنسبة لأوروبا

اقرأ أيضًا..

• قائمة الدول حسب الطاقة الإنتاجية للغاز المسال عالميًا تضم 6 بلدان عربية
• شركة بطاريات كورية تلجأ إلى إجراءات طارئة بعد صدمة مبيعات السيارات الكهربائية
• عاصفة جديدة تهدد إنتاج النفط الأميركي وإغلاق المواني
• محطة طاقة شمسية في الإمارات تتلقى تمويلًا من كوريا الجنوبية