رئيسيةتقارير السياراتتقارير النفطسياراتنفط

أرامكو السعودية تراهن على محركات الاحتراق الداخلي (تقرير)

دينا قدري

يبدو أن شركة أرامكو السعودية تعوّل كثيرًا على محركات الاحتراق الداخلي على المدى الطويل، في ظل تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية على عكس التوقعات.

فقد استحوذت شركة النفط العملاقة في شهر يونيو/حزيران 2024 على حصة قدرها 740 مليون يورو (800.7 مليون دولار)، أي 10% في شركة هورس باورترين (Horse Powertrain)، وهي شركة مخصصة لبناء المحركات التي تعتمد على الوقود.

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ترى الشركة السعودية أن التخلص تمامًا من محركات الاحتراق الداخلي، أو الاستغناء عنها، سيكون أمرًا مكلفًا للغاية؛ ما يعني أنها ستظل موجودة لمدّة طويلة.

وتستهدف أرامكو السعودية والمساهمون الآخرون في شركة هورس شراء محركات الاحتراق الداخلي من أطراف ثالثة، مع توقف الصناعة عن تصميم مثل تلك المحركات وتطويرها.

توقعات متفائلة لسيارات الوقود

قال نائب الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية ياسر مفتي: "سيكون التخلص تمامًا من محركات الاحتراق الداخلي، أو الاستغناء عنها، أمرًا مكلفًا للغاية بالنسبة إلى العالم بأكلمه".

وأضاف مفتي -المسؤول عن صفقة هورس باورترين-: "إذا نظرت إلى القدرة على تحمل التكاليف والكثير من العوامل الأخرى، أعتقد أنها ستبقى موجودة لمدّة طويلة جدًا جدًا".

وردًا على سؤال عما إذا كان يعتقد أنه ستكون هناك محركات احتراق داخلي إلى الأبد، أجاب مفتي بـ"نعم"، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times).

وكانت أرامكو السعودية قد قالت -في وقت سابق- إنها تعتقد أن أكثر من نصف السيارات ستظل تعمل بنوع ما من الوقود، حتى في عام 2050.

في عام 2021، بدا زوال محرك الاحتراق الداخلي مؤكدًا، بعد أن تعهدت عدة حكومات وشركات صناعة السيارات -بما في ذلك فورد (Ford) وجنرال موتورز (General Motors) ومرسيدس بنز (Mercedes-Benz)- بإنهاء مبيعات محركات البنزين والديزل الجديدة بين عامي 2035 و2040.

والآن، أصبح مستقبل محركات الاحتراق الداخلي أكثر تفاؤلًا، مع تباطؤ النمو في مبيعات السيارات الكهربائية.

فرص نجاح المشروع

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة هورس ماتياس جيانيني: "نعتقد أنه حتى عام 2035 و2040، وحتى بعد عام 2040، ما زلنا نرى عددًا كبيرًا من المركبات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي".

وتابع: "أكثر من نصف المواطنين بالتأكيد، وما يصل إلى 60%، سيظل لديهم نوع من المحركات، سواء كان محركًا خالصًا للاحتراق الداخلي، أو هجينًا كاملًا، أو هجينًا قابلًا للشحن الخارجي".

وأوضح جيانيني أن "هورس" حصلت بالفعل على طلبين لتصنيع محركات الاحتراق الداخلي، وتُجري محادثات مع العديد من شركات صناعة السيارات لتزويدها بالمحركات.

وقال: "لدينا مجموعة متنوعة من المحركات الجديدة التي ستُصدر، على سبيل المثال، لمعالجة التشريعات"، مضيفًا أن "هورس" واصلت الاستثمار في المحركات أو تطويرها، استجابة إلى معايير الاتحاد الأوروبي الجديدة، في الوقت الذي قررت فيه الكثير من شركات السيارات التوقف عن ذلك.

إلى جانب أرامكو، هناك المساهمان الآخران في شركة هورس: شركة صناعة السيارات الصينية جيلي (Geely)، ونظيرتها الفرنسية رينو (Renault).

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أنشئ المشروع المشترك قبل عام، بعد أن قسّمت جيلي ورينو قسمي المحرك وناقل الحركة وضمهما معًا في شركة هورس، التي تبلغ قيمتها 7.4 مليار يورو (8 مليارات دولار)، وقادرة على بناء 3.2 مليون وحدة سنويًا، وتستهدف إنتاج 5 ملايين.

توقيع اتفاقية استحواذ أرامكو على حصة في هورس باورترين
توقيع اتفاقية استحواذ أرامكو على حصة في هورس باورترين - الصورة من الموقع الرسمي لشركة النفط السعودية

وسيعتمد نجاح المشروع على ما إذا كانت شركات صناعة السيارات الأخرى مستعدة، لوضع ثقتها بشركة ولدت من رحم منافسيها.

وقال جيانيني: "لا يفهم الجميع في هذه المرحلة كيف يبدو نموذج الأعمال"، مضيفًا أن هورس بحاجة إلى إيصال أنها "شركة مستقلة لدعم الجميع وليس فقط شركاتها الأم".

لكن مفتي قال: "في نهاية المطاف، الجميع هنا لكسب المال"، مضيفًا أنه إذا أثبتت محركات "هورس" أنها فاعلة من حيث التكلفة وأكثر كفاءة، "فهناك الكثير من عروض القيمة هناك".

استثمارات أخرى في الوقود

في الوقت نفسه، كثّفت أرامكو السعودية مؤخرًا جهودها لبناء شبكة عالمية من محطات الوقود، وقالت العام الماضي (2023) إن لديها 17 ألفًا و200 محطة خدمة، جميعها تقريبًا في الولايات المتحدة والصين واليابان.

وقد دعّمت العام الجاري (2024) أسواقًا نامية مثل تشيلي وباكستان، إذ من المتوقع أن يكون لسوق سيارات البنزين والديزل استمرار لمدّة أطول.

وقال مفتي، إن أرامكو السعودية ستركز على شراء شبكات محطات تعبئة الوقود "المُدارة بشكل جيد"؛ إذ يوجد "طلب قوي" على الوقود و"الأسواق التي توفر فرصًا للنمو".

واستثمرت شركة النفط السعودية العملاقة -أيضًا- في مختبرات الأبحاث في باريس وديترويت وشانغهاي؛ إذ تحاول تطوير أنواع الوقود منخفضة الكربون والوقود الاصطناعي.

وقال رئيس التكنولوجيا والابتكار في أرامكو السعودية، أحمد الخويطر: "لقد عزّزت أبحاثنا مع شركات السيارات ومسابقات رياضة السيارات وجهة نظرنا بأن الوقود الاصطناعي يُمكن أن يكون حلًا سهلًا في المركبات الحالية لتقليل انبعاثات الكربون في قطاع النقل".

واشترت أرامكو السعودية العام الماضي (2023) العلامة التجارية الأميركية لزيوت التشحيم فالفولين (Valvoline) مقابل 2.65 مليار دولار، وستجري تعبئة جميع المحركات التي تنتجها شركة هورس بمنتجات فالفولين.

وقال مفتي إن محركات الاحتراق ما يزال بإمكانها رؤية "تحسينات كبيرة" من شأنها أن تجعلها قادرة على المنافسة أمام السيارات الكهربائية، ليس فقط من حيث التكلفة، وإنما أيضًا من حيث الاستدامة، لا سيما مع الأخذ في الحسبان الانبعاثات والتأثير البيئي لبناء المركبات.

طرح سندات جديدة للبيع

في سياقٍ آخر، عادت شركة أرامكو السعودية إلى سوق الديون يوم الثلاثاء (9 يوليو/تموز 2024) بعد توقف دام 3 سنوات، لتنضم إلى كبرى الشركات والحكومات في الخليج التي لجأت إلى الأسواق خلال العام الجاري لتمويل الاستثمارات.

ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، استأجرت أرامكو بنوكًا لبيع سندات تُستحق خلال 10 أعوام و30 عامًا و40 عامًا، ومن المرجح أن تجمع الشركة ما لا يقل عن 3 مليارات دولار عبر الشرائح الـ3.

شركة أرامكو السعودية

وستصبح شريحة أرامكو لأجل 40 عامًا ثاني أطول سنداتها أجلًا، بعد سندات بقيمة 2.25 مليار دولار تُستحق في نوفمبر/تشرين الثاني 2070، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.

وقالت الرئيسة المشاركة لقسم الدخل الثابت لدى أموال كابيتال بارتنرز (Amwal Capital Partners) زينة رزق: "التوقيت يشير إلى أن أرامكو تستغل النافذة الأخيرة قبل شح السيولة في الصيف".

وجمعت الشركات والحكومات الخليجية الأموال من أسواق الدين خلال العام الجاري (2024)، للاستفادة من ظروف السوق المواتية؛ إذ أصدرت السعودية سندات مقومة بالدولار بقيمة 12 مليار دولار في يناير/كانون الثاني، وصكوكًا بقيمة 5 مليارات دولار في مايو/أيار.

وكانت أرامكو، التي لجأت إلى أسواق الدين العالمية آخر مرة في 2021 عندما جمعت 6 مليارات دولار من صكوك على 3 شرائح، أشارت في فبراير/شباط إلى أنه من المرجح أن تصدر سندات في عام 2024.

وقال المحلل في المجموعة المالية هيرميس يوسف الحسيني، إن بيع سندات أرامكو "مؤشر على الأرجح على أن الشركة ستواصل متابعة عمليات الاستحواذ بقوة".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق