تقارير الغازرئيسيةغاز

معدلات حرق الغاز المصاحب في إيران عند مستوى قياسي رغم أزمة الطاقة

أسماء السعداوي

ترتفع معدلات حرق الغاز المصاحب في إيران، في وقت تشتد فيه حاجة الصناعة إلى الإمدادات الثمينة التي تذهب سدىً.

ويوجد الغاز الطبيعي في صورتين، أولاهما عندما يُستَخرج مع النفط الخام ليُطلق عليه "الغاز المصاحب"، والثانية عندما يوجد في مكامن خاصة، وحينها يُسمَّى "الغاز غير المصاحب".

ووفق بيانات دورية تنشرها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد شهد العام الماضي (2023) أعلى مستوى لحرق الغاز المصاحب في إيران على الإطلاق (منذ بدء الرصد بوساطة الأقمار الاصطناعية في عام 2012)، وذلك بزيادة 3.2 مليار متر مكعب على أساس سنوي.

وأرجع البنك الدولي زيادة الحرق إلى نقص الاستثمارات في البنية الأساسية للغاز الطبيعي واستعمالها، كما فشلت إيران في تطوير وتركيب المعدّات الأساسية لجمع الغاز المصاحب من حقول النفط على مدار العقدين الماضيين.

حجم حرق الغاز المصاحب في إيران

ارتفع معدل حرق الغاز المصاحب بنسبة 19% على أساس سنوي في 2023، ليصل إلى 20.4 مليار متر مكعب، ارتفاعًا من 17.2 مليار متر مكعب في 2022،

وحلّت إيران في المركز الثاني عالميًا بعد روسيا على قائمة الدول صاحبة أعلى مستويات حرق الغاز في العام الماضي أيضًا، كما كان البلد الأسيوي صاحب نسبة الزيادة الأعلى عالميًا.

حرق الغاز المصاحب
حرق الغاز المصاحب - الصورة من "energypress"

وتشير تقديرات وزارة النفط إلى الحاجة لاستثمارات بقيمة 5 مليارات دولار للحدّ من حرق الغاز الذي يمثّل 8.5% من إنتاج الغاز الإجمالي، بما يعادل 42% من إجمالي الاستهلاك في تركيا خلال 2023، وفق مقال الكاتب دالجا خاتين أوغلو المنشور عبر منصة "إيران إنترناشونال" (iranintl).

وكشف تقرير شركة النفط البريطانية بي بي (BP) النقاب عن ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق الغاز في إيران بنسبة 16.3% على أساس سنوي، لتسجل 43.1 مليون طن في 2023.

ووصل إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة في إيران إلى 927 مليون طن، لتحلّ الدولة الأسيوية في المركز السادس عالميًا.

أسباب الأزمة

عزا البنك الدولي ارتفاع معدلات حرق الغاز المصاحب في إيران إلى زيادة إنتاج النفط.

وارتفعت كمية حرق الغاز إلى أكثر من 17 مليار متر مكعب في عام 2017 الذي شهد إنتاج 3.8 مليون برميل يوميًا من النفط، بزيادة قدرها 800 ألف برميل عن عام 2023.

وبحسب كاتب المقال، يعود سبب الزيادة إلى عدم تركيب معدّات لتجميع الغاز المصاحب الذي تطلقه في حقول النفط الجديدة، خاصة تلك التي تديرها الشركات المحلية.

وعلى العكس من ذلك، فإن حقول النفط الأقدم مزودة بتقنية لجمع الغاز، وهي ميزة لا تحظى بها الحقول الجديدة.

ووفق بيانات وزارة النفط وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، يُستخرج 80% من إنتاج النفط الإيراني من الحقول القديمة التي تخسر ما يتراوح بين 8% و12% من إنتاجها سنويًا.

حقل نفط في إيران
حقل نفط في إيران- الصورة من وكالة أسوشيتد برس

وكان تطوير الشركات الإيرانية حقولَ النفط الجديدة خلال السنوات الأخيرة لتعويض تراجع إنتاج النفط من نظيرتها القديمة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات حرق الغاز.

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ركّبت إيران معدّات لجمع الغاز المصاحب في بعض حقول النفط، معتمدةً في ذلك على التقنيات المحلية.

وبعد عام 2010، تراجع حجم الاستثمارات في حقول النفط بصورة كبيرة، وخسرت مشروعات جمع الغاز المصاحب الأولوية.

خسائر كبيرة

يقول الكاتب دالجا خاتين أوغلو، إن إيران لا تعاني بسبب ارتفاع معدلات حرق الغاز المصاحب فحسب، بل بسبب انبعاثات الميثان -أيضًا- التي ارتفعت بنسبة 12%، لتصل إلى 8.5 مليار متر مكعب في عام 2023، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.

كما تخسر إيران قرابة 29 مليار متر مكعب من إنتاج الغاز (بنسبة 12% من الإجمالي) خلال عمليات الإنتاج والنقل والتوزيع، وهو ما يعادل إجمالي الطلب المحلّي على الغاز بالمنازل.

وبسبب تأجيل تطوير حقول الغاز والهدر الكبير للموارد، تواجه إيران عجزًا كبيرًا في إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء؛ ما يؤدي إلى تزايد استهلاك المازوت والديزل الملوَّثَين.

كما انخفضت صادرات إيران من الغاز بمقدار الرُبع، لتصل إلى 14.3 مليار متر مكعب في عام 2023.

وبحساب أسعار السوق، تتجاوز قيمة الغاز المحروق 5 مليارات دولار، كما أدى شح الإمدادات إلى أزمة داخل قطاع الصناعة في وقت يتزايد فيه استهلاك الغاز الطبيعي محليًا.

وبرأي الكاتب، تسبَّب إصرار إيران على تصدير الغاز رغم العجز الهائل بين الإنتاج وزيادة الإنتاج المحلي في تدمير القطاع الصناعي عبر انخفاض إمدادات الكهرباء في الأشهر الدافئة، والغاز في الأشهر الباردة، لقطاعات الصناعة الرئيسة، ومنها البتروكيماويات والأسمنت والصلب.

توصيات مهمة

قدّم الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل في جامعة جورج ميسون، الدكتور أومود شوكري، عددًا من الخطوات المقترحة التي من شأنها أن تساعد إيران في الحدّ من حرق الغاز المصاحب.

وفي تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، قال شوكري، إن أحد أكثر السبل فاعلية للحدّ من حرق الغاز المصاحب في إيران هو تحسين مرافق البنية الأساسية وقدرات المعالجة، وهو ما يتطلب استثمارات لبناء محطات وخطوط أنابيب لاحتجاز الغاز واستعماله بدلًا من حرقه.

الدكتور أومود شكري
الدكتور أومود شوكري

ورغم أن الخطوة تتطلب استثمارات كبيرة من المال، فإنها -بحسب شوكري- أساسية لتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.

أمّا الخطوة الثانية، فهي إرساء قواعد أكثر صرامة للحدّ من حرق الغاز وفرض عقوبات صارمة على غير الملتزمين، وتطبيق القواعد بصورة منسّقة داخل صناعة النفط والغاز.

وتتمثّل الخطوة الثالثة في تحفيز الشركات على استعمال الغاز بدلًا من حرقه، عبر تقديم إعفاءات ضريبية وإعانات وحوافز مالية لشركات النفط للاستثمار في مشروعات احتجاز الغاز المصاحب.

والرابعة: تطوير سوق الغاز المحلية وتوسيع نطاقها، لتشمل توليد الكهرباء واستعماله في الصناعة والاستهلاك المنزلي لإيجاد مزيد من الطلب على الغاز المصاحب المحتجز، وهو ما لن يقلل حرق الغاز المصاحب فحسب، بل سيعزز النمو الاقتصادي وأمن الطاقة أيضًا.

ويأتي التشجيع على تصدير الغاز إلى الدول المجاورة عبر خطوط الأنابيب خطوة خامسة لاستثمار الغاز المحتجز والمساعدة في تقديم الحوافز المالية للحدّ من حرق الغاز.

وتتمثّل الخطوة السادسة والأخيرة في زيادة الشفافية وتقديم البيانات بشأن كميات حرق الغاز وإتاحتها للعامة، من أجل رصد التقدم المُحرَز ومحاسبة الشركات ودعم ثقافة الامتثال للقواعد والتحسين المستمر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق