ما آثار انتشار الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة؟ أنس الحجي يجيب
أحمد بدر
كثيرًا ما يطرح المحللون تساؤلات حول تأثير انتشار الذكاء الاصطناعي في قطاعات الطاقة المختلفة، في حين يرى آخرون أن الصلة غير منطقية، لكن الواقع يقول إن العلاقة بينهما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لا سيما مع انتشار الشركات التي تتبنّى تقنيات متطورة وذكية.
ويقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أكثر الشركات المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي موجودة في ولايتي تكساس وكاليفورنيا الأميركيتين.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي بعنوان "سياسات المناخ والذكاء الاصطناعي: زيادة الطلب على نفط الخليج وغازه"، وذلك عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا).
وأوضح أن ولاية تكساس تُعد من أكثر الولايات الجاذبة لشركات الذكاء الاصطناعي، كما أن كاليفورنيا لديها أغلب الشركات، وهما الولايتان اللتان تعانيان انقطاع الكهرباء، لافتًا إلى أن الدول الأوروبية كلها لديها شركات ذكاء اصطناعي، ولكن يجب إضافة عوامل أخرى.
السيارات الكهربائية والعملات المشفرة
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن من العوامل المرتبطة بمسألة الذكاء الاصطناعي والطاقة انتشار السيارات الكهربائية والعملات المشفرة، وكلها تحتاج إلى كميات هائلة من الكهرباء.
وأضاف: "بالنسبة إلى السيارات الكهربائية، المتوقع أن يكون هناك تزايد ضخم في استهلاك الكهرباء بسبب الذكاء الاصطناعي، وهناك مثال مشهور جدًا سمعه بعضكم، وهو أنه بالبحث في (تشات جي بي تي) مقارنة بالبحث في غوغل، فإن استهلاك الطاقة يزيد 10 أضعاف، كما تستهلك مراكز البيانات المنتشرة بصورة رهيبة حول العالم مزيدًا من الطاقة".
ولفت الدكتور أنس الحجي، إلى تصريحاته السابقة بشأن تطبيق السعودية رؤية 2030 وانتشار مراكز البيانات، وأن هناك احتمالًا كبيرًا أن يجري استهلاك كل الغاز الموجود في حقل الجافورة محليًا ولا يمكن للمملكة التصدير منه بسبب زيادة الاستهلاك بصورة كبيرة.
ولكن، وفق الحجي، هذا الأمر ينطبق على دول أخرى، إذ هناك مصر التي تملك عشرات الجامعات والشركات، وهي تعاني -حاليًا- انقطاعًا كبيرًا في الكهرباء، فما الذي يمكن أن يحدث بعد 20 عامًا من الآن.
وأوضح أن هناك زيادة ضخمة جدًا في موضوع استهلاك الكهرباء، وبالتالي ينتهي الأمر بموضوع انقطاعها، كما يحصل في 7 دول عربية، بحسب التقرير الذي نشرته منصة الطاقة المتخصصة.
ويكمن الحل هنا، بحسب الدكتور أنس الحجي، في مواصلة الاستثمار في النفط والغاز وكل مصادر الطاقة، لأن هناك حاجة إليها جميعًا، مع زيادة الطلب على الطاقة بصورة هائلة.
وتابع: "البعض يقول إنه من الممكن التعاون، وإن الذكاء الاصطناعي الذي يستهلك كميات من الطاقة بصورة كبيرة، هو نفسه الذي سيحل مشكلة الطاقة، لأنه سيؤدي إلى زيادة الكفاءة، وطبعًا هذا كلام صحيح، لأن ما أنقذ العالم خلال 30 عامًا الماضية هو زيادة الكفاءة في الاستعمال".
أزمات تواجه الذكاء الاصطناعي والطاقة
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هناك مشكلات كبيرة تواجه زيادة كفاءة استعمال الطاقة، لا سيما مع إدخال الذكاء الاصطناعي، الذي حسّن هذه الكفاءة، وأولها ضرورة التنسيق بين الشركات العملاقة العاملة في هذا المجال.
ولكن، في العالم الغربي لا يمكن التنسيق، لأن هذا الأمر يواجه قوانين محاربة الاحتكار، وهذه الشركات من الأغنى حول العالم وليست صغيرة، ومن ثم يمكن تطبيق قوانين الاحتكار عليها ومنعها من التفاوض مع بعضها بعضًا، أو تأسيس كيانات مشتركة.
وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن هناك حاجة إلى أن تشترك هذه الشركات مع بعضها، لتحقيق أكبر استفادة من الذكاء الاصطناعي، وخفض استهلاك الطاقة، ولكن في الدول الغربية لا يمكن تحقيق ذلك بسبب قوانين مكافحة الاحتكار.
بالإضافة إلى ذلك هناك مشكلة أخرى، وهي أن الذكاء الاصطناعي قائم على الملكية الفكرية وأسرار تحتفظ بها الشركات، فكيف يمكن أن تتعاون مع شركات أخرى وتمنحها هذه الأسرار، لذلك فإن فكرة أنه سيخفّض استهلاك الطاقة تُعد نسبية.
ومن ثم، وفق الحجي، سيكون استهلاك الطاقة أكبر بكثير مما يمكن أن يُقال نظريًا، إن الذكاء الاصطناعي سيخفضه، فهناك زيادة كبيرة في استهلاك الطاقة لن يحلها انتشار هذه التقنيات، بل ستكون هناك زيادة أكبر من أي فوائد.
الإشكالية الأخرى، أن كل الشركات الكبيرة، مثل "آبل" (Apple)، وغوغل (google) وياهو (Yahoo) ومايكروسوفت (Microsoft)، أو الشركات المنتجة للشرائح، كلها أعلنت أنها ستصل إلى الحياد الكربوني في موعد معين، غالبًا بين عامي 2030 و2035.
ولفت إلى أن الحياد الكربوني لا يعني عدم إنتاج الكربون، ولكنه يعني استهلاكًا موازيًا لكميات الكربون المنتجة، للتخلص منها، إذ يمكن إنتاج -على سبيل المثال- 100 طن أو مليون طن، ما دام هناك تصريف لهذه الكميات، وهذا هو الحياد الكربوني.
تحقيق الشركات الحياد الكربوني في 2035
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الفكرة الأساسية هنا أن الشركات الكبرى التي تطور الذكاء الاصطناعي، المشهور جدًا حاليًا بخفض استهلاك الطاقة، تدّعي أنها ستحقق الحياد الكربوني في 2030 أو 2035.
وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن هذا الأمر مستحيل تمامًا، ولا يمكن أن يتحقق بأي صورة من الصور مهما قالوا، إلا إذا كانت هناك ألاعيب قانونية ومحاسبية تنقذها من هذا الأمر، وهذه الألاعيب تحدث حاليًا في أماكن عدة، ومنها شراء الائتمان الكربوني.
وأضاف: "أغلب أرباح عملاقة صناعة السيارات الكهربائية (تيسلا) ليست من بيع إنتاجها، وإنما تأتي من قانون وضعته الحكومة، ينص على أنه في حال إنتاج سيارات انبعاثاتها للكربون أقل من حد معين، تحصل الشركة على شهادات، يمكنها بيعها في السوق".
موضوعات متعلقة..
- برمجيات الذكاء الاصطناعي تبعد شركات التقنية العملاقة عن أهداف الحياد الكربوني (تقرير)
- الذكاء الاصطناعي يسهم في تسهيل التحول إلى الطاقة النظيفة (تقرير)
- السعودية تطلق وحدتين لأعمال التحول الكهربائي والذكاء الاصطناعي
اقرأ أيضًا..
- قدرة إسالة الغاز عالميًا تتجاوز 483 مليون طن سنويًا بفضل دولة أفريقية (تقرير)
- الأردن يعلن اكتشافات غاز تكفي الكهرباء لعشرات السنين
- إغلاق أكبر 3 شركات أسمدة مصرية خلال 24 ساعة بسبب أزمة الغاز