التقاريرتقارير السياراترئيسيةسيارات

السيارات الكهربائية الصينية قد "تغتال" الصناعة في أميركا.. ما الحل؟

هبة مصطفى

تشعر أميركا بتهديد قوي من السيارات الكهربائية الصينية، وتتخوف من استغلال بكين لاتفاقياتٍ تجمع دول أميركا الشمالية واختراق سوقها عبر المكسيك.

ويبدو أن الدعم الذي تقدمه الحكومة الصينية لصناعة السيارات لديها أكسبها ميزة إضافية؛ إذ أدى ذلك في نهاية المطاف لخفض سعر الوحدات إلى مستوى قياسي ينافس بقوة، سواء في السوق الأميركية أو الأوروبية.

ووفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، فإن كيفية تقليص النفوذ الصيني وتأثيره في مستقبل صناعة السيارات الأميركية، بات الشاغل الأكبر لعدد من المحللين والخبراء.

وتُخطط الصين للاستفادة من الاتفاقية الأميركية للتجارة المشتركة مع المكسيك ودول أميركا الشمالية، والامتيازات الممنوحة للدول الأعضاء في الاتفاق من خصومات ومنح وإعفاءات من الرسوم الجمركية؛ إذ تسعى لبناء مصنع تجميع في المكسيك قبل تصدير الوحدات للسوق الأميركية.

أسعار جاذبة

تشكّل أسعار السيارات الكهربائية الصينية عامل جذب قويًا، ويمكن أن يجيب فارق السعر الضخم بين طرازات بكين وبين الأسعار في السوق الأميركية والأوروبية عن أسباب تخوف المُصنعين.

ويقدر متوسط سعر السيارات الكهربائية في أميركا بنحو 55 ألف دولار، وهو يعادل ضعف أسعار الوحدات الصينية، ما يضع الأولى تحت ضغط المنافسة الشرسة والمبيعات الأضعف.

طراز كهربائي من بي واي دي في أميركا
طراز كهربائي من بي واي دي في أميركا - الصورة من موقع الشركة

ومع نشاط المصانع الصينية في المكسيك وبدء غزو طرازات بكين للسوق الأميركية، قد تضطر شركات التصنيع المحلية إلى إغلاق مصانعها ويفقد عدد كبير من العمال وظائفهم.

وكانت كل من "أميركا، والمكسيك، وكندا" قد اتفقت خلال إدارة دونالد ترمب على بدء سريان اتفاق التجارة المشترك عام 2020؛ ما يسمح للسيارات الصينية المجمعة في مصانع المكسيك بالتمتع بإعفاءات من دفع الرسوم الجمركية.

ومن شأن ذلك أن ينعش مبيعات السيارات الكهربائية الصينية في السوق الأميركية، بأسعار تنخفض عن أسعار السيارات المصنعة محليًا.

ويعيد ذلك إلى الأذهان ما لحق بصناعتي الصلب والطاقة الشمسية في أميركا، إذ عانت الصناعتان على مدار الأعوام الـ25 الماضية من تغلغل بكين تدريجيًا وسحب البساط من تحت أقدام السوق المحلية.

قبل فوات الأوان

أطلق معنيون بالصناعة جرس إنذار من سيطرة السيارات الكهربائية الصينية على السوق الأميركية؛ ما يلحق الضرر بالصناعة المحلية خاصة مع فارق الأسعار.

وخاطب السيناتور الديمقراطي "شيرود براون" الرئيس الأميركي جو بايدن حول ضرورة حظر السيارات الكهربائية صينية المنشأ في الوقت المناسب، حتى لا يتكرر "الإغراق" الذي أصاب صناعة الطاقة الشمسية.

واتفق معه في تحذيره تحالف خاص بصناعة السيارات الأميركية، إذ قالوا إن الصناعة المحلية قد تواجه "الانقراض" إذا استمر التوغل الصيني.

ويبدو أن هذه المخاوف بدأت تتجسد على أرض الواقع، مع تراجع مبيعات السيارات الكهربائية الأميركية ورصد الشركة المصنعة هذه المعاناة، رغم الدعم الحكومي والاستثمارات الضخمة التي تضخها إدارة بايدن لتتوافق مع طموحات ومستهدفات نشر هذه السيارات على الطرق.

وأدى ارتفاع الأسعار المحلية ونقص نقاط الشحن إثر سرقة الخطوط، إلى تراجع المبيعات الكهربائية في أميركا، حسب بيانات وردت في تقرير لموقع أسوشيتد برس (AP).

وفي ظل الاتجاه العالمي لنشر السيارات النظيفة وخفض انبعاثات النقل، باتت شركات السيارات الصينية مصدر قلق لأميركا وغيرها، خاصة مع إنتاج بكين أكثر من نصف الإنتاج العالمي العام الماضي 2023، بما يعادل 62% من أصل 10.4 مليون سيارة.

"بي واي دي" نموذجًا

جاءت أميركا في موقع ثاني أكبر منتج للسيارات الكهربائية العالمية لكن بفارق ضخم عن بكين، بما يصل إلى مليون وحدة فقط (أقل من 10% من إجمالي الإنتاج العالمي).

وكانت طرازات شركة بي واي دي (BYD) الصينية نموذجًا لحجم منافسة السيارات الكهربائية الصينية، مع طرحها طراز "سيجل" الذي يمتاز بـ: (صغر الحجم، وخفة الوزن، ونطاق أكبر)، وبسعر يبلغ 12 ألف دولار فقط في بكين و21 ألف دولار في أسواق أخرى.

ومع المواصفات الجاذبة المطروحة، ودراسة الشركة الصينية بناء مصنعًا لها في المكسيك، زادت المخاوف الأميركية بشدة.

معرض لسيارات بي واي دي الصينية في المكسيك
معرض لسيارات بي واي دي الصينية في المكسيك - الصورة من موقع الشركة

وبدأت الاتهامات الأميركية تنهال على شركة "بي واي دي" وشركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية الأخرى، وكانت جميع الاتهامات تسير في اتجاه واحد وهو تأسيس الكفاءة والتكلفة المنخفضة من الدعم الكبير المقدم من حكومة بكين.

وخلال المدة من عام 2009 حتى عام 2021، دعمت الحكومة الصينية الصناعة بنحو 953 مليار رنمينبي (ما يزيد عن 131 مليار دولار).

(الرنمينبي الصيني = 0.14 دولارًا أميركيًا).

ويبدو أن إنشاء الشركة مصنعًا لها في المكسيك جاء بهدف الحفاظ على النطاق السعري لبيع الطراز الجديد في السوق الأميركية، بعدما قرر بايدن -شهر مايو/أيّار الماضي- رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية إلى 102.5%.

ما الحل؟

باتت خيارات أميركا لحماية الصناعة المحلية من توغل شركات السيارات الصينية محدودة، وتنوعت ما بين: زيادات في الرسوم الجمركية، أو استثناء المركبات الصينية من مزايا الإعفاءات والتخفيضات، أو منع سيارات بكين بصورة نهائية بادعاء أنها "تهدد الأمن القومي"، ونذكرها بالتفصيل فيما يلي:

1) قيود على التجميع المكسيكي:

ينظر المسؤول المالي لدى شركة فورد موتور (Ford) جون لولر إلى حصة السيارات الكهربائية الصينية السوقية على أنها "تهديد"، خاصة إذا دخلت السوق الأميركية بوصفها مجمعة في مصانع بالمكسيك واستوفت شرط توفير 75% من المكونات من أميركا الشمالية.

ويدرس قانونيون أميركيون محاصرة شركة "بي واي دي" حتى لو استوفت الشروط السابقة، عبر إعاقة توفير المكونات اللازمة لشرط الـ75%، لكن الشركة أدركت ذلك ونجحت في تحويل سياراتها إلى "مكسيكية" الصنع.

2) حصار واتهامات:

يبدو من الصعب -أيضًا- المنع الصريح لهذه السيارات، إذ قد تقضي محكمة التجارة الدولية الأميركية لصالح الشركة الصينية بعد إدخال تغييرات هائلة خلال عملية التجميع تنزع عنها الهوية الآسيوية.

واقترح أحد المعنيين منع السيارات الكهربائية صينية الأصل المجمعة في المكسيك من دخول السوق الأميركية، بدعوى تهديدها الأمن القومي خاصة مع مكونات داخلية في السيارات قد تستعمل في "التجسس" العسكري والطاقي للسيارات الذكية.

وتضمنت الإجراءات المحتملة لردع توغل السيارات الكهربائية الصينية في السوق الأميركية الضغط على حكومة المكسيك لمنع تصدير هذه السيارات من سوقها، أو رفض شمول اتفاقية تجارة أميركا الشمالية السيارات المطورة من قبل كيانات أجنبية مثل الصين.

3) تطويق قانوني:

يبدو أن المراجعة الدورية لاتفاقية التجارة لدول أميركا الشمالية بحلول عام 2026 جاءت منقذًا لأميركا، إذ قد تضغط إدارة بايدن أو الإدارة الجديدة في مرحلة ما بعد الانتخابات لتعديل الاتفاقية أو إضافة بنود تفرض قيود على السيارات الكهربائية الصينية في المكسيك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق