روسيا تراهن على ناقلات الظل لتهريب الغاز المسال (تحليل)
على غرار النفط
محمد عبد السند
- تتطلع روسيا إلى توسيع حصتها في سوق الغاز المسال العالمية
- تخنق العقوبات الأميركية قطاع صادرات الغاز المسال الروسي
- تعتمد ناقلات الظل الروسية للغاز على سفن مملوكة لشركات مغمورة
- أصدرت موسكو تراخيص كثيرة للسفن المبحرة في الممر البحري الشمالي
- ترتبط بعض السفن ذات الملكية الجديدة بشركات تأمين مجهولة الهوية
تبرُز ناقلات الظل الخيار المتاح في جُعبة روسيا لتهريب الغاز المسال، بعدما أثبتت تلك الحيلة نجاحًا ملحوظًا في تهريب النفط الروسي خارج الحدود خلال العامين الماضيين.
ويعتمد أسطول الظل الذي تبنيه روسيا لنقل الغاز المسال حول العالم، على سفن مملوكة لشركات شحن مغمورة، وليست مقيدة تأمينيًا لدى كيانات معروفة.
ولجأ الكرملين إلى خيار ناقلات الظل بعدما أظهرت روسيا عجزًا عن توسيع حصتها في سوق الغاز المسال العالمية، نتيجة العقوبات الأميركية التي تخيف الشركات الأجنبية، وتدفعها إلى الإحجام عن التعامل مع موسكو في هذا القطاع.
وما زاد الطين بلة العقوبات الأوروبية المُعلنة في يونيو/حزيران (2024) التي تستهدف -للمرة الأولى- صادرات الغاز الروسية ردًا على عدوان موسكو على أوكرانيا، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
خنق روسيا
بعد شهور من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وفرض عقوبات أوروبية على موسكو، نشر الكرملين ما يُطلق عليها "ناقلات الظل" لتهريب النفط الروسي حول العالم.
لكن الأدلة تتزايد على لجوء روسيا إلى التكتيك نفسه لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى الخارج، وفق ما أوردته بلومبرغ.
ويُعد الغاز ورقةً مهمةً في خطط الكرملين لتعزيز صادرات البلاد، وإنعاش خزينة الحكومة، وتمويل آلة الحرب الدائرة دون هوادة في أوكرانيا، غير أن هذا يتطلب تعزيز حصة موسكو في سوق الغاز المسال العالمية، لا سيما بعد قطع تجارة خطوط الأنابيب الأوروبية التي كانت مربحة في السابق.
ولا تجدي خطط التوسع في صادرات الغاز المسال الروسية نفعًا -حتى الآن- بفعل العقوبات الأميركية التي تردع الشركات الأجنبية وتثنيها عن التعامل مع موسكو، بل وتحول دون تزويد الأخيرة بالسفن المجهزة للإبحار في الجليد، التي لا غنى عنها للوصول إلى المحطات المتخصصة في القطب الشمالي.
وستُسهم حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ في العام المقبل (2025)، في الحد من الوصول إلى المواني، ما سيفاقم الأوضاع في سلسلة الإمدادات الحالية.
بناء أسطول الظل
خلال الأشهر الـ3 الماضية استحوذت شركات شحن مغمورة عاملة من منطقة التجارة الحرة في دبي على ما لا يقل عن 8 سفن، بحسب تقديرات قاعدة بيانات الشحن العالمية إكواسيس (Equasis).
ومن بين تلك السفن، حصلت 4 ناقلات غاز مسال مُجهزة للإبحار في الجليد على الضوء الأخضر من السلطات الروسية، للسير في مناطق القطب الشمالي الروسية هذا الصيف.
كما أصدرت موسكو -على ما يبدو- عددًا قياسيًا من التراخيص للسفن المُبحِرة في الممر البحري الشمالي.
والممر البحري الشمالي هو ممر شحن بحري يمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ على طول ساحل القطب الشمالي الروسي من بحر بارنتس.
وترتبط بعض السفن ذات الملكية الجديدة تأمينيًا بشركات مجهولة الهوية، وهي علامة أخرى على أن تلك السفن باتت جزءًا من ناقلات الظل الروسية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
خطة مجربة
تتشابه تفاصيل خُطة ناقلات الظل التي ينتهجها الكرملين للالتفاف على العقوبات الغربية الجديدة التي طالت الغاز الروسي للمرة الأولى، مع مناورات مماثلة سبق أن نفذتها موسكو لتهريب النفط، وشملت استعمال شركات مُبهَمة وسفن قديمة كان من المفترض خروجها -تمامًا- من الخدمة.
وفي صناعة الغاز المسال التي تقل مرات عدة من حيث الحجم عن سوق النفط، من غير المعتاد أن تشتري شركة غير معروفة ناقلات متخصصة تُقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.
وقال مؤسس معهد "ذي أركتيك" البحثي ومقرّه واشنطن، دي سي مالتي هامبرت: "هناك مؤشرات عدة تشير إلى جهود روسية لإنشاء ناقلات الظل للغاز المسال".
وأوضح هامبرت، أن شراء الناقلات القديمة ونقل ملكية السفن المُجهزة للإبحار في الجليد إلى دبي، إلى جانب إصدار عدد كبير من التراخيص بشأن الإبحار في الممر البحري الشمالي، كلها عوامل تؤشر إلى بناء "ناقلات الظل".
يُشار إلى أن هناك 7 آلاف و500 ناقلة ظل تهرب النفط الروسي حول العالم، غير أن نظيراتها المُستعمَلة لنقل الغاز المسال لا تتجاوز حتى عُشْر هذا العدد.
نقل ملكية السفن
شهدت 4 سفن حديثة البناء مجهزة للإبحار في الجليد نقل ملكيتها إلى شركة تحمل اسم وايت فوكس شيب مانغمنت (White Fox Ship Management)، ومقرّها دبي، وفق بيانات إكواسيس.
ومنحت روسيا، مؤخرًا، الضوء الأخضر لإبحار عدد من السفن أمثال نورث إير (North Air) ونورث ماونتن (North Mountain) ونورث سكاي (North Sky) ونورث واي (North Way)، في مياه القطب الشمالي خلال الصيف الحالي.
وتصل سفينة "نورث واي" -حاليًا- إلى محطة زيبروغ في بلجيكا لتحميل شحنة من الغاز الروسي، بحسب البيانات نفسها التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وليس لدى شركة "وايت فوكس شيب مانغمنت" مكتب رسمي، وتعمل من مقر مشترك مع شركات عدة، وفق بلومبرغ.
هدف صعب
تتطلع روسيا إلى تأمين حصة أكبر في سوق الغاز المسال العالمية، غير أن العقوبات الأميركية قد عطّلت الجدوى الاقتصادية لمشروع "أركتيك2" للغاز المسال2Arctic LNG) 2).
وهذا الأسبوع حظر الاتحاد الأوروبي استثمارات جديدة، كما منع توفير السلع والتقنيات والخدمات ذات الصلة بمشروعات الغاز المسال قيد البناء، مثل أركتيك2 ومورمانسك للغاز المسال (Murmansk LNG).
كما يحظر الاتحاد الأوروبي استعمال مواني التكتل لإعادة شحن الغاز الروسي، بعد مدة انتقالية قوامها 9 أشهر.
ومن الممكن أن يسرع هذا الإجراء الأول من نوعه من قبل الاتحاد الأوروبي ضد الغاز المسال الروسي وتيرة إنشاء ناقلات الظل الروسية للغاز المسال.
موضوعات متعلقة..
- ناقلات الظل.. سلاح روسي يؤرق أميركا وأوروبا (تقرير)
- كم تبلغ حصة ناقلات الظل في شحن صادرات النفط الروسي؟ (تقرير)
- ناقلات الظل تنقذ النفط الروسي من العقوبات الغربية.. ما تداعياتها؟
اقرأ أيضًا..
- مصر تشتري 17 شحنة غاز مسال بزيادة دولارَيْن عن سعر السوق
- هل تفقد تيسلا سيطرتها على سوق السيارات الكهربائية في أميركا؟
- خريطة قدرة إنتاج الهيدروجين النظيف.. الشرق الأوسط الثالث عالميًا (تقرير)