تقارير النفطرئيسيةنفط

أكبر مصفاة نفط لم تخفض أسعار الوقود في نيجيريا.. ما السبب؟

أسماء السعداوي

بددت أكبر مصفاة نفط في أفريقيا وهي مصفاة دانغوتي أحلام خفض أسعار البنزين والديزل في نيجيريا صاحبة أكبر اقتصاد في القارة السمراء.

ورغم أن نيجيريا هي أكبر منتج للنفط وصاحبة أكبر احتياطيات بالقارة، فإنها تعتمد على واردات الوقود الباهظة التي ترهق خزينة الدولة بعبء ثقيل، بسبب المصافي المتقادمة، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ولم تكن مصفاة دانغوتي -التي أسّسها أغنى رجال أفريقيا رجل الأعمال أليكو دانغوتي في لاغوس باستثمارات قُدِّرت عند 20 مليار دولار- محمّلة بآمال تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود، بل بالتصدير للخارج لتحقيق الاستفادة المثلى من الموارد، وجلب النقد الأجنبي الذي تشتد الحاجة إليه محليًا.

لكن الحلم قابله طريق وعر بدأ بعدم كفاية الإنتاج المحلي من النفط الخام جراء السرقات وتخريب خطوط الأنابيب، ما دفع مصفاة دانغوتي إلى الاستيراد من الخارج.

وتزامن ذلك مع عدم تعاون شركة النفط الوطنية النيجيرية (NNPC) التي تمتلك 20% من حصة ملكية أكبر مصفاة نفط في أفريقيا، ما أثار تساؤلات وشكوكًا حول العلاقات بين دانغوتي والشركة الحكومية.

أكبر مصفاة نفط في أفريقيا

رغم إعلان هدف بناء مصفاة دانغوتي في عام 2013، فإنها افتُتحت رسميًا في مايو/أيار (2023) بعد تأجيلات عديدة.

وعند وصولها إلى طاقتها التشغيلية القصوى عند 650 ألف برميل يوميًا، ستكون مصفاة دانغوتي قادرة على إنتاج 327 ألف برميل يوميًا من البنزين، و244 ألف برميل يوميًا من الديزل الأحمر والديزل، و290 ألف طن سنويًا من البروبان وغاز النفط المسال.

وبدأت المصفاة توريد الديزل ووقود الطيران إلى السوق المحلية، ومن المتوقع أن تبدأ إنتاج البنزين في منتصف شهر يوليو/تموز 2024.

أليكو دانغوتي
أليكو دانغوتي- الصورة من موقع شركة "دانغوتي إندستريز"

ويعتقد خبراء أن أسعار البنزين والديزل لن تنخفض بصورة كبيرة رغم بدء الإنتاج في مصفاة دانغوتي، لافتين إلى إزالة الدعم عن الوقود في مايو/أيار (2023).

وأوضحوا أن المصفاة العملاقة تعتمد على واردات الخام من الخارج، ومع التقلبات في أسعار صرف الدولار، ربما يكون من الصعب خفض أسعار الوقود.

وقال الملياردير أليكو دانغوتي، إن مصفاة دانغوتي ستواصل استيراد 24 مليون برميل من خام غرب تكساس الوسيط بسبب عدم كفاية الإنتاج المحلي، كما حثّ شركة النفط الوطنية على زيادة الشحنات إلى المصفاة الخاصة، وفق تقرير نشره الموقع الإلكتروني لقناة "تشانلز تيليفجن" المحلية (Channels Television).

مصفاة دانغوتي

أشاد ناشر مجلة "سويت كرود ريبورتس" المتخصصة (Sweet Crude Reports) هيكتور إيغبيكيووبو، ومؤسس منصة "نايرا ميتريكس" (Nairametrics) أوغودري أوبي تشوكو، بدور أليكو دانغوتي الذي "تحدّى الصعاب كافة" ليحقق حلم بناء أكبر مصفاة نفط في أفريقيا.

وقالا، إن دانغوتي أكد للحكومة الفيدرالية أنه لا مبرر لعدم عودة المصافي الأربعة المتوقفة حاليًا إلى العمل.

وعلى الرغم من أن مصفاة دانغوتي لن تلبي احتياجات نيجيريا الخاصة بأمن الطاقة، فإن مجرد تشغيلها يقطع شوطًا طويلًا في إنتاج البنزين عالي الجودة محليًا.

يقول إيغبيكيووبو، إن مصفاة دانغوتي لن تحل المشكلة، لأنها ستواصل الدفع مقابل واردات الخام بالدولار الأميركي، لافتًا إلى أن السؤال هو: "لماذا لم تخصص شركة النفط الوطنية كل إنتاجها البالغ 445 ألف برميل يوميًا إلى المصفاة، وتلجأ إلى تصدير النفط الخام، في حين إن لديها مصفاة دانغوتي التي دخلت طور الإنتاج؟".

وأضاف أن تصدير المشتقات النفطية يجلب أموالًا أكثر من تصدير الخام.

يُشار هنا إلى أن نيجيريا تقايض النفط الخام بالمشتقات، ومنها البنزين والديزل، لكن ذلك يستنزف احتياطي النقد الأجنبي، ويخلق فجوة مالية ضخمة.

يتفق مع ذلك الرأي أوبي تشوكو، الذي قال، إن هيمنة الدولار على التكاليف التشغيلية لمصفاة دانغوتي (بدءًا من العاملين والخام وقطع الغيار) لن يخفض بالضرورة أسعار الوقود للمستهلكين.

ورغم أنه لا يتوقع انخفاضًا كبيرًا في خفض أسعار المستهلكين، قال، إن تحقيق وفورات بنسبة 10% سيكون أفضل من الوضع الحالي.

شاحنة وقود متوقفة أمام مصفاة دانغوتي
شاحنة وقود متوقفة أمام مصفاة دانغوتي- الصورة من شركة "دانغوتي إندستريز"

مصافي التكرير الحكومية

رغم أن مصفاة دانغوتي دخلت حيز التشغيل، طالب الخبيران هيكتور إيغبيكيووبو وأوغودري أوبي تشوكو الحكومة، بقيادة رئيس البلاد بولا تينوبو، بتشغيل مصافي النفط المتوقفة.

وأنفقت الدولة المليارات لصيانة المصافي الحكومية الأربع على مدار عقدين، إلّا أنها ما زالت خارج نطاق الخدمة.

وقال إيغبيكيووبو، إن تشغيل المصافي التابعة لشركة النفط الوطنية سيضمن أمن الطاقة في نيجيريا، مشيرًا إلى مصفاة دانغوتي خاصة، ولا تتبع الدولة، رغم أن الشركة تمتلك 20% من أسهمها.

وأكد أن خصخصة المصافي الحكومية لن تضمن تحقيق أمن الطاقة، لأن الشركات الخاصة مهتمة بحصد الأرباح لصالح حملة الأسهم، وليس بالضرورة توفير الوقود ذي الجودة العالية بأسعار رخيصة.

كما دعا إلى مساءلة وزير النفط الذي قال في العام الماضي (2023)، إن مصفاة بورت هاركورت الحكومية ستعمل بحلول ديسمبر/كانون الأول، لكن "الآن حلّ شهر يونيو/حزيران 2024 ولم يحدث شيء"، مؤكدًا وجود مجموعة تستفيد من الوضع الراهن، وسيقومون بأيّ شيء لاستمراره كما هو.

بدوره، يرى أوبي تشوكو أن خصخصة المصافي قد تؤتي ثمارها، ولكن إذا كان الأمر على النحو الصحيح، عبر منح الصلاحيات الواضحة ومراقبة مؤشرات الأداء الرئيسة، داعيًا الحكومة إلى إرساء السياسات الصحيحة للسماح للشركات الخاصة بإنعاش اقتصاد البلاد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق