أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

اتفاقية البترودولار.. أنس الحجي يكشف حقيقة محضر اجتماع سعودي أميركي قبل 50 عامًا

أحمد بدر

قبل 3 أسابيع، تناول الكثيرون أخبارًا وأقاويل تتعلق بما أطلق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي اتفاقية البترودولار، التي زعم مروجوها أنها اتفاقية بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، مدتها 50 عامًا، وتنتهي خلال شهر يونيو/حزيران الجاري.

وفي هذا الإطار، يكشف مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، حقيقة هذه الاتفاقية، التي تناولها بالحديث أحد المؤثرين على موقع الفيديو "يوتيوب"، وقال إنها تنتهي في 9 يونيو/حزيران 2024.

جاء ذلك، خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدمه الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان "هل يتوقف تسعير النفط بالدولار؟ وما حقيقة انتهاء اتفاقية البترودولار بين السعودية وأميركا؟".

وقال الحجي، إن الشائعة بدأت بالحديث عن انتهاء اتفاقية البترودولار التي تبلغ مدتها 50 عامًا، ومن ثم يمكن للمملكة العربية السعودية أن تبيع النفط بأي عملة تشاء، وحصد هذا المقطع مشاهدات ضخمة، ما دفع جماعة أخرى من المؤثرين إلى التقليد والحديث عن الأمر نفسه للحصول على مشاهدات أكبر.

وأضاف: "بدأ الخبر ينتشر على موقع يوتيوب، ثم انتقل بعدها إلى منصة إكس، إذ شاهده بعض المشاهير فظنوه حقيقة وبدؤوا نشره، وهؤلاء يتابعهم 3 و4 ملايين متابع، ثم شاهده بعض العرب منتشرًا بالإنجليزية فنشروه، وهكذا انتشر، ولكن مصدره بالأصل كان وسائل التواصل الاجتماعي".

حقيقة اتفاقية البترودولار

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، الدكتور أنس الحجي، إن مَن روّجوا لوجود اتفاقية البترودولار قالوا إن هناك أدلة، ووضعوا ملفيْن، الأول تصعب قراءته، في حين الآخر لا يتضمن أي حديث عن هذه الاتفاقية.

وأضاف: "لديّ كل النسخ التي يتكلم عنها مروجو الخبر، حتى تلك التي تصعب قراءتها، فالنسخة هي محضر اجتماع بين الملك فهد بن عبدالعزيز عندما كان النائب الثاني للملك، فكان الأمير فهد حينها، عندما زار البيت الأبيض يوم 6 يونيو/حزيران عام 1974".

جانب من زيارة الملك فهد بن عبدالعزيز إلى أميركا في عام 1974
جانب من زيارة الملك فهد بن عبدالعزيز إلى أميركا في عام 1974 - الصورة من القبس الكويتية

وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن محضر الاجتماع، فيه مدح من الملك فهد لأميركا، في حين الرئيس الأميركي وإدارته يمتدحون السعودية، ولكن مروجي الشائعة اقتصروا على العنوان الرئيس للإيحاء للناس بأن محضر الاجتماع هو نص اتفاقية البترودولار.

ولكن، وفق الحجي، المؤكد -أولًا- أنه لا توجد اتفاقية تسمى اتفاقية البترودولار بين أميركا والسعودية، فالملك فهد لم يوقّع أي اتفاقية من هذا النوع، فخلال زيارته إلى الولايات المتحدة كان على رأس وفد سعودي كبير.

وخلال هذه الزيارة، شكّل الجانبان 6 لجان، إحداها كانت لجنة اقتصادية، والأخرى عسكرية، ولجنة أخرى مختصة بالتعليم، وكان هدفها تعزيز التعاون بين أميركا والسعودية، لا سيما -ويجب تذكّر هذا- أن الزيارة جاءت بعد المقاطعة، لذلك لم يكن هناك ذكر للنفط إلا في جانب واحد.

وعن النقطة التي ذُكر فيها النفط في محضر الاجتماع الذي زعم مروجوه أنه نص اتفاقية البترودولار، أوضح الدكتور أنس الحجي أن أسعار النفط في ذلك الوقت كانت قد قفزت من 3 دولارات إلى 14 دولارًا، وتكونت لدى المملكة أموال كثيرة، مثلها مثل باقي دول الخليج.

النفط السعودي

وتابع: "كان اقتصاد السعودية في ذلك الوقت ضعيفًا ولا يتحمل الاستثمارات، ولديها أموال كبيرة لا تعرف أين تذهب بها، فاستثمارها في الغرب الذي يعاني تضخمًا شديدًا سيؤدي إلى مشكلات، وكان هناك اتجاه في الغرب لتجميد أموال الدول الأخرى، وهو موضوع يتّسم بالحساسية -أيضًا-".

البترودولار والتسعير بعملات أخرى

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن تراكم الأموال وعدم تحمل الاستثمارات دفعا السعودية ودول أوبك إلى إدراك أن الحل الرئيس في هذه الحالة، للتخلص من مشكلات الدولار الذي يتراكم لديها، هو إبقاء النفط في باطن الأرض، أي تخفيض الإنتاج.

وأضاف: "هذا الكلام خلال مرحلة ما بعد المقاطعة، لذلك هزّ تخفيض الإنتاج أميركا والغرب، لذلك ذكر الرئيس الأميركي للأمير فهد -وقتها- أنه يشجع السعودية على زيادة الإنتاج، فكان هذا هو الذكر الوحيد للنفط في محضر الاجتماع الذي زعموا أنه نص اتفاقية البترودولار بين أميركا والمملكة".

النفط والدولار

لكن، وفق الدكتور أنس الحجي، هناك أمر آخر مهم يجب الحديث عنه، وهو أن الاتفاق في عام 1974 كان يضم تفصيلًا كاملًا لنظام الغاز في السعودية وكيفية الاستفادة منه وعدم حرقه، إذ إن هذه المشكلة ما زالت تبحث عن حلول حتى الآن، في أكثر الدول تقدمًا بما فيها أميركا والنرويج، في حين استطاعت السعودية استغلال الغاز ووقف الحرق منذ زمن بعيد.

وتابع: "كان هناك تركيز على الغاز في هذه الاتفاقيات أكثر من النفط، ويبدو أن هناك أمورًا حدثت، إذ هناك أدلة كثيرة على أن الأميركيين طالبوا السعوديين بزيادة الإنتاج، في حين كان رد فعل السعوديين هو: ما دمت سأزيد الإنتاج.. ماذا سأفعل بالأموال الفائضة؟".

وهنا، وفق الحجي، اقترح الأميركيون أمرًا مهمًا، وهو استثمار هذه الأموال في سندات الخزانة الأميركية، وضمنوا للسعوديين عائدًا أعلى من أسعار الفائدة، وهو عائد حقيقي، كما أن القانون يمنع تجميد أموال الخزانة الأميركية، ومن ثم يضمن هذه الاستثمار عائدًا إيجابيًا من جهة، وعدم تجميد الأموال من جهة أخرى.

لذلك، فلا توجد ما تُسمى "اتفاقية البترودولار"، أو أي اتفاقية بشأن تسعير النفط بالدولار، وليس هناك أي دليل على الإطلاق على وجودها، وكل من تناقلوا الخبر سمعوه ورددوه دون سند حقيقي، وهناك ردود منطقية على الشائعات المروجة بشأن وجود هذه الاتفاقية بين أميركا والسعودية.

أردف: "الريال السعودي وعملات دول الخليج مربوطة بالدولار، لذلك فإن الحديث عن تخلص السعودية من الدولار وضربه يعني ضرب العملة المربوطة به، أو بعبارة أخرى يعني ضرب الاقتصاد السعودي نفسه. لذلك، فإن السعوديين الذين أعادوا تغريد هذه الأخبار الكاذبة غير الصحيحة لم ينتبهوا إلى هذا الموضوع".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق