الاقتصاد الأخضر في قطر.. 6 محاور تدعم إستراتيجية خفض الانبعاثات
تشكّل مبادرات ومشروعات الاقتصاد الأخضر في قطر، المحور الرئيس في الخطط الإستراتيجية للدوحة نحو خفض الانبعاثات والوفاء بتعهداتها المناخية.
وقطعت قطر شوطًا كبيرًا في إطار مساعيها الدؤوبة لتطوير اقتصاد متنوع وتحقيق تنمية مستدامة للبلاد، إذ حققت خطوات هائلة ومتسارعة نحو إرساء اقتصاد أخضر قادر على مواكبة المتغيرات العالمية.
ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لخطط قطاع الطاقة القطري، فقد أطلقت الدوحة جملة من الإستراتيجيات والمبادرات لتعزيز مكونات الاقتصاد الأخضر في قطر.
وتضع قطر قضايا البيئة والاستدامة على قائمة الأولويات الرئيسة ضمن رؤيتها الوطنية 2030، وفي إستراتيجياتها التنموية، للحفاظ على استعمال الموارد بطريقة تضمن وجودها للأجيال القادمة، ويتضمن ذلك استعمال مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل استهلاك المياه والطاقة، وتحسين كفاءة الطاقة في العمليات الصناعية، والتركيز على تحقيق التوازن بين احتياجات البشر والحفاظ على البيئة، وهو ما يعزز توجهات الاقتصاد الأخضر.
التقرير التالي يستعرض عددًا من المبادرات ومشروعات الاقتصاد الأخضر في قطر.
السندات الخضراء
يُعَدّ إعلان وزارة المالية مؤخرًا عن إصدار سندات خضراء بقيمة إجمالية بلغت 2.5 مليار دولار، في سابقة هي الأولى من نوعها في المنطقة، إيذانًا بدخول دولة قطر مرحلة جديدة من تمويل المشروعات الخضراء، والتي تهدف إلى مكافحة الآثار السلبية للتغير المناخي وحماية البيئة عن طريق التنمية المستدامة.
وتؤكد المبادرة وغيرها من المشروعات والمبادرات في مجال الاستدامة والحلول الصديقة للبيئة، مضيّ الدوحة بخطىً حثيثة وثابتة على طريق التحول إلى مركز استثنائي في المنطقة لنموذج الاقتصاد الأخضر في قطر.
ويتماشى ذلك مع التزاماتها الدولية، ومع المنظور الذي حدّدته رؤيتها الوطنية 2030، لتحقيق التوازن المستدام بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على البيئة.
احتجاز الكربون وتخزينه
سبقَ إصدار دولة قطر للسندات الخضراء إستراتيجيات ومبادرات أخرى عديدة، شملت قطاع الطاقة بوصفه أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، إذ أطلقت قطر للطاقة إستراتيجيتها المحدثة للاستدامة، الهادفة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لالتقاط أكثر من 11 مليون طن سنويا من ثاني أكسيد الكربون في قطر بحلول عام 2035.
وتتضمن الإستراتيجية خفض المزيد من انبعاثات الكربون في منشآت الغاز المسال في قطر بنسبة 35%، وفي منشآت التنقيب والإنتاج بنسبة 25%، بزيادة قدرها 10% مقارنة بالأهداف السابقة المحددة بنسبة 25% و15%على التوالي.
وتعزز الإستراتيجية الجديدة التزام قطر بتزويد غاز طبيعي أنظف بمسؤولية وعلى نطاق واسع لتسهيل الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون.
الطاقة المتجددة
تُواصل قطر للطاقة، في إطار إستراتيجيتها المحدّثة للاستدامة، متابعة جهودها لتحقيق أهداف توليد أكثر من 5 غيغاواط من الطاقة الشمسية، ووقف الحرق الاعتيادي للغاز والحدّ من انبعاثات غاز الميثان المتسربة على طول سلسلة صناعة الغاز.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول (2022)، افتتحت قطر محطة الخرسعة للطاقة الشمسية، لتكون أول محطة تنتج طاقة نظيفة في البلاد، في إطار برنامج تنفّذه نحو تقليل الانبعاثات وتحقيق الأهداف المستدامة للدولة.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمحطة الخرسعة للطاقة الشمسية في قطر، 800 ميغاواط، وتمتد على مساحة تبلغ أكثر من 10 كيلومترات مربعة، وتضم نحو 1.8 مليون لوح شمسي.
وفي 2022، وقّعت شركة قطر للطاقة للحلول المتجددة مع شركة سامسونغ سي آند تي الكورية الجنوبية، عقود تنفيذ مشروع محطتين ضخمتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بتكلفة استثمارية 2.3 مليار ريال قطري (631.69 مليون دولار).
وتُقام المحطة الأولى بقدرة 417 في مدينة مسيعيد الصناعية، والثانية بقدرة 458 ميغاواط في مدينة رأس لفان الصناعية، وتبلغ مساحة الأرض المخصصة للمحطتين 10 كيلومترات مربعة، وبقدرة توليد إجمالية تبلغ 875 ميغاواط.
إعادة التدوير
يبرز اهتمام الدوحة بالاقتصاد الأخضر في قطر من خلال جهودها في ترسيخ ثقافة الاستدامة والحفاظ على البيئة بالعمل على زيادة عملية إعادة التدوير وتقليل استعمال الموارد الطبيعية وانبعاثات الكربون والحفاظ على التنوع البيولوجي، ما يسهم في تقليل التأثيرات السلبية بالمناخ، وتحقيق التوازن بين احتياجات البشر والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.
ووصلت وزارة البلدية إلى مراحل متقدمة في عملية إعادة التدوير ومعالجة النفايات والاستفادة منها، من حيث إشرافها على مصنع معالجة النفايات الصلبة ومحطات الترحيل التابعة له والمطامير الصحية للنفايات وإعادة تدويرها، طبقًا للمواصفات والمعايير العالمية، بالإضافة إلى وضع الخطط والإستراتيجيات اللازمة لمعالجة النفايات الصلبة بما يكفل الحفاظ على الصحة والسلامة العامة.
وتمكنت قطر من إعادة تدوير جميع النفايات المتولدة من فعاليات بطولة كأس العالم قطر 2022، من خلال تحقيق معدل فرز وتدوير بنسبة 100%، وهي المرة الأولى التي تتحقق فيها هذه النسبة في تاريخ بطولات كأس العالم السابقة.
استعمال المياه المعالجة
تشير الإحصاءات إلى أن نسبة المياه العادمة التي عولجت في محطات المياه العادمة بلغت 99.8% في العام 2022.
كما بلغ استعمال المياه العادمة المعالجة في الري الزراعي العام الماضي 76.13 مليون متر مكعب سنويًا، في حين بلغت المياه المعالجة المستعملة في ريّ المسطحات الخضراء 113.34 مليون متر مكعب سنويًا، وبلغت الكمية المستعمَلة في حقن الخزانات الجوفية نحو 50.60 مليون متر مكعب سنويًا.
وفقًا لإحصاءات المجلس الوطني للتخطيط، ارتفع إجمالي عدد المشروعات الجديدة الخاضعة لتقييم تأثيرها بالبيئة من 2428 مشروعًا في عام 2021 إلى 2676 مشروعًا في عام 2022، وهو ما يعكس تزايد الاهتمام بالبيئة بالتوازي مع حركة التطور التنموية.
وشملت المشروعات الخاضعة للتقييم خلال العام الماضي، 572 مشروعًا كبيرًا و1433 من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى 671 مشروعًا صناعيًا.
المدن المستدامة
تشكّل البيئة مسألة حيوية بالنسبة لتوجهات قطر ونظرتها للنمو الاقتصادي، إذ تعنى الرؤية الوطنية لدولة قطر 2030 بتحقيق الاستدامة في مجالات البيئة والاقتصاد والمجتمع.
وركّزت قطر خلال احتضانها إكسبو 2023 الدوحة على هذه الأبعاد الثلاثة من خلال شعاره المتضمن للاستثمار في التقنيات الزراعية المبتكرة كركيزة اقتصادية، وترسيخ الارتباط بين الإنسان والطبيعة لزيادة الوعي بصفتها ركيزة اجتماعية، وتحويل الأراضي الجافة والقاحلة إلى مناطق زراعية وغابات بصفتها ركيزة بيئية.
وتُبرز المشروعات النموذجية والمدن المستدامة، مثل مدينة لوسيل ومشيرب قلب الدوحة وجزيرة اللؤلؤة، جهود دولة قطر في هذا المجال، بصفتها نموذجًا للمدن المستدامة، إذ ضخّت قطر استثمارات ضخمة في تلك المدن والمناطق لتوفير بنية تحتية خضراء، وتقنيات ذكية للتحكم في استهلاك الطاقة.
وفي هذا السياق، تدمج لوسيل التقنيات الذكية مع المباني الموفرة للطاقة وحلول النقل الذكية بسلاسة فائقة، بينما تدمج مشيرب قلب الدوحة البنية التحتية الذكية في نسيجها لإنشاء مراكز حضرية متفوقة في الاتصال وصديقة للبيئة.
موضوعات متعلقة..
- قطر تعلن عن خطوة جديدة للحد من عوادم المركبات والانبعاثات الكربونية
- قطر للطاقة تنجح في تسويق 25 مليون طن غاز مسال من توسعة حقل الشمال
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: مصر وتركيا مهمتان لأسواق الطاقة العالمية.. وسببان يميزان القاهرة
- اكتشافات النفط والغاز العالمية تسجل انخفاضًا حادًا
- 9 دول تستحوذ على المعادن الحيوية في أفريقيا.. والمغرب يتصدر