ما تزال تخفيضات أوبك+ الطوعية تلقي بظلالها على أسواق النفط، بعد أن كشف التحالف عن خطته لتمديد بعض تخفيضات إنتاج النفط، والتخلص من البعض الآخر بصورة تدريجية.
فقد مُدِّدت تخفيضات إنتاج النفط التي ينفذها التحالف بأكمله والمقدرة بنحو 1.66 مليون برميل يوميًا، حتى نهاية عام 2025، بعد أن كان من المقرر أن تنتهي في نهاية عام 2024.
كما أعلنت السعودية و7 دول أخرى تمديد تخفيضاتها الطوعية بنحو 2.2 مليون برميل يوميًا حتى سبتمبر/أيلول 2024، بعد أن كان من المفترض أن تنتهي في يونيو/حزيران 2024، وفق بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وبعد ذلك، ستتخلص الدول الـ8 تدريجيًا من هذه التخفيضات بنحو 180 ألف برميل يوميًا شهريًا من أكتوبر/تشرين الأول إلى ديسمبر/كانون الأول 2024، ثم بعد ذلك بنحو 213 ألف برميل يوميًا في المدّة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2025.
تداعيات تخفيضات أوبك+
على عكس ما هو متوقع، فإن قرار تمديد التخفيضات، وبالتالي الحدّ من العرض العالمي، أعقبه انخفاض في أسعار النفط الخام، إذ تراجعت الأسعار إلى 76.05 دولارًا للبرميل في 4 يونيو/حزيران، وهو أدنى مستوى منذ يناير/كانون الثاني 2024.
ويُمكن أن تحظى أسعار شحن ناقلات النفط الخام بالدعم من الإنتاج من خارج أوبك+ خلال فصل الصيف، وبعد ذلك من التخفيف المعلن لتخفيضات أوبك+، بعد التعديلات الأخيرة على سياسة المجموعة، وفقًا للمحللين.
إذ يشير الاتجاه الهبوطي في أسعار النفط إلى ارتفاع الطلب على ناقلات النفط وتراجع تخفيضات الإنتاج بعد الصيف، حسبما قال محللون في شركة بي آر إس للوساطة البحرية (BRS)، في 3 يونيو/حزيران، "خاصةً بالنسبة للناقلات الكبيرة جدًا في الشرق في الربع الرابع من العام".
ومع ذلك، فإن التأثير يُمكن أن يكون هامشيًا، إذ رجّح المحللون أنه "ستكون هناك حاجة إلى إصدار أكبر للتخفيضات الواسعة للمجموعة من أجل تحفيز تجارة النقل بصورة هادفة، وتقديم اتجاه صعودي أعلى في هذا القطاع في عام 2025"، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).
ويقول نائب رئيس الأبحاث في وكالة كوموديتي إنسايتس، جيم بوركهارد إن قرار أوبك+ -على الورق على الأقل- بزيادة إنتاج النفط تدريجيًا بما يقرب من 2.5 مليون برميل يوميًا من أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى سبتمبر/أيلول 2025، يزيد من فرص انخفاض أسعار النفط إلى 60 دولارًا للبرميل أو أقل في مرحلة ما في المستقبل.
وعلى الرغم من ذلك، أكدت وكالة كوموديتي إنسايت أن الانخفاض إلى 60 دولارًا للبرميل ليس في سيناريو الحالة الأساسية لديها.
ارتفاع الإنتاج من خارج أوبك+
إلى أن يكون لتخفيضات أوبك+ تأثير في الطلب على الناقلات أو إذا كان لها تأثير، فقد جاء زخم ملحوظ لهذا القطاع في الأسابيع الأخيرة من مصادر خارج المجموعة المنتجة للنفط.
وقالت كبيرة محللي الأبحاث الرئيسين لتدفقات سوق النفط في كوموديتي إنسايتس، آنا كولدوفا: "إن ارتفاع الإنتاج من المنتجين من خارج أوبك مثل الولايات المتحدة وكندا وغايانا وغيرها يُمكن أن يعوض النقص الناجم عن تخفيضات أوبك+، ما يؤدي إلى زيادة الصادرات طويلة المدى مثل من الولايات المتحدة إلى آسيا، والاستفادة من قدرة ناقلات النفط الكبيرة جدًا، وربما تعزيز أسعار الشحن".
وطوال شهر مايو/أيار 2024، شهدت خطوط ناقلات النفط الكبيرة جدًا من ساحل الخليج الأميركي زيادة مطردة في الأسعار، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 3 أشهر، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وبدأ الشهر بالسعر الإجمالي لنقل شحنة تبلغ 270 ألف طن من النفط الخام على طريق ساحل الخليج الأميركي إلى الصين بسعر 8.9 مليون دولار.
وسرعان ما ارتفع السعر مع سعي المستأجرين لتغطية الشحنات المعلقة، ووصل إلى 9.8 مليون دولار في 20 مايو/أيار، حسبما أظهرت البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة، نقلًا عن "بلاتس" (Platts).
وقيّمت "بلاتس" السعر عند 8.7 مليون دولار في 4 يونيو/حزيران، مقابل متوسط 5 سنوات قدره 7.5 مليون دولار.
أزمة سوق ناقلات النفط
في سياقٍ آخر، تواجه سوق ناقلات النفط صعوبات مع أسطول قديم من السفن التي تحتاج إلى الاستبدال، ما يشكّل تحديًا في الوقت الذي تركز فيه أحواض بناء السفن على ناقلات الغاز المسال وسفن الحاويات بصفة خاصة.
وظلت سوق ناقلات النفط الخام، بما في ذلك ناقلات النفط الكبيرة جدًا، قوية في الأشهر الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الرحلات الطويلة التي قامت بها بعض السفن التي تبحر عبر جنوب أفريقيا، وسط هجمات البحر الأحمر التي تشنها جماعة الحوثي في اليمن.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 850 ناقلة قد غادرت التجارة التقليدية لنقل النفط الخاضع للعقوبات بما في ذلك من روسيا وإيران وفنزويلا، وهو جزء مما يسمى أسطول الظل، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في وكالة رويترز.
وقال رئيس قسم شحن السوائل في شركة ترافيغورا لتجارة السلع، أندريا أوليفي: "تركز أحواض بناء السفن الكبرى حاليًا على بناء سفن كبيرة للحاويات وسفن الغاز المسال، بدلًا من سفن النفط الكبيرة جدًا".
وقدّمت شركة ترافيغورا طلبًا لشراء 5 ناقلات نفط كبيرة جدًا جديدة من حوض بناء السفن نيو هانتونغ الصيني، وهي أول طلبات بناء جديدة لناقلات النفط الكبيرة جدًا.
ومن المقرر تسليم أول ناقلتين جديدتين في عام 2026، والسفن المتبقية في عام 2027، التي ستكون جميعها جاهزة للوقود المزدوج للأمونيا.
موضوعات متعلقة..
- أنس الحجي: تخفيضات أوبك+ الـ3 تضبط الأسواق.. وهذه أسباب انخفاض أسعار النفط
- مصافي النفط في آسيا تؤيد تخفيضات أوبك+.. تحقيق الأرباح يسبق أمن الإمدادات (تقرير)
- 8 دول من أوبك+ تمدد التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط (تحديث)
اقرأ أيضًا..
- "الدبيبة" يشعل أزمة وزير النفط الليبي.. ومصادر: وزيران في ديوان واحد (خاص)
- حقل غاز في مصر احتياطياته 300 مليار قدم مكعبة.. ما مصيره؟
- طفرة بحثية في إنتاج الهيدروجين تقلل استهلاك الكهرباء 600%
- استثمارات الطاقة النظيفة قد تعادل ضعف الوقود الأحفوري في 2024 (تقرير)